حقوق وحريات

هذه أسباب فشل محاولات محاكمة المتورطين في "رابعة" دوليا

"وجود غطاء سياسي دولي حال دون معاقبة السيسي وأركان نظامه"- مواقع التواصل
"وجود غطاء سياسي دولي حال دون معاقبة السيسي وأركان نظامه"- مواقع التواصل

مضت سبع سنوات على مجزرة فض رابعة، التي تم تصويرها على الهواء مباشرة، دون أن تتم محاكمة أي أحد حتى الآن من المتورطين في تلك المجزرة التي راح ضحيتها قرابة ألف شخص.

ورغم محاولة بعض المعارضين والحقوقيين ملاحقة من وصفوهم بـ "مجرمي رابعة" على المستوى الدولي وكان آخر تلك المحاولات الدعوى القضائية التي رفعها الناشط الحقوقي محمد سلطان في الولايات المتحدة ضد رئيس الحكومة إبان مجزرة رابعة حازم الببلاوي، إلا أن جميع هذه المحاولات لم تنجح إلى الآن.  

ورفع مكتب المحاماة الدولي (آي تي إن)، الذي يتخذ من لندن مقرّا له، دعوى قضائية نيابة عن "الحرية والعدالة" أمام المحكمة الجنائية الدولية، ضد مسؤولين في نظام الانقلاب متورطين في مجزرة رابعة وغيرها من الانتهاكات الحقوقية، إلا أن تلك الدعوى تم رفضها لأسباب "إجرائية".

وقبل سنوات، لجأت جهات حقوقية إلى مبدأ "الولاية القضائية العالمية" الذي يتيح ملاحقة منتهكي حقوق الإنسان، بغض النظر عن مكان الجريمة أو جنسية الجناة أو الضحايا، وذلك لمحاولة ملاحقة بعض المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان بمصر في عدد من الدول الخارجية، وتم رفع بعض القضايا بالفعل انطلاقا من هذا المبدأ، إلا أن تلك القضايا لم تنجح أيضا حتى هذه اللحظة.

"أسباب متعددة"

من جانبه، قال الحقوقي المصري، مدير المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان، شريف هلالي، إن "محاكمة المتورطين في مجزرة رابعة سواء في الداخل أو الخارج فشلت لعدة أسباب منها: الانقسام السياسي الحاصل في مصر منذ تموز/ يونيو 2013 بين جماعة الإخوان والقوى المدنية، ونظرا لغياب وضع حد أدنى لمفاهيم الصراع السياسي داخل المجتمع المصري، وغياب التوافق حول مبادئ مشتركة للخلاف السياسي".

وأكد أن "الفشل في إجراء أي محاكمات حقيقية سواء داخلية أو خارجية لكل المذابح التي حصلت بعد ثورة يناير منذ مذبحة ماسبيرو مرورا بمحمد محمود وصولا لرابعة وأخواتها له تداعيات خطيرة على مبدأ العدالة الانتقالية واستقرار الأوضاع على مختلف المستويات".

وأشار هلالي، في تصريح لـ"عربي21"، إلى "ارتباط المحاكمات الدولية في الذهن الشعبي المصري بأنها ضد مفهوم سيادة الدولة، وأنها تدخل خارجي مرفوض، هذا بالإضافة إلى غياب الخبرة القانونية لدى القوى السياسية للعمل على مثل هذه الحالات".

ولفت إلى "غياب الدعم الدولي لمثل هذه المحاكمات، وخاصة من جانب الدول الأعضاء الأساسيين في مجلس الأمن، باعتبار أن إنشاء محكمة دولية خاصة يحتاج لقرار من مجلس الأمن، والإحالة للمحكمة الجنائية الدولية يحتاج إلى قرار من ذات المجلس إذا ما رأت أن ما حدث يمثل ارتكابا لأحد الجرائم التي يتضمنها نظام المحكمة".

واستطرد هلالي قائلا: "أيضا، من بين أهم الأسباب التي حالت دون محاكمة دولية للمتورطين في رابعة، نجاح النظام المصري في الخروج من العزلة الدولية التي أعقبت مذبحة الفض، ولعبه على وتر المصالح مع الدول الكبرى".

وشدّد على أن "حقوق ضحايا رابعة لم تذهب سدى، بل يمكن تحقيقها في ظل تطبيق مفهوم العدالة الانتقالية بما تشمله من معرفة الحقيقة، وتعويض الضحايا وأسرهم، ومحاسبة الجناة، والمصالحة المجتمعية، والتي نصت عليها بعض مواد دستور 2014، إلا أن المناخ في مصر لا يسمح بهذا الوضع الآن، لكن لا مفر من استمرار الضغوط السياسية والحقوقية لتحقيق ذلك حتى لو بعد حين".

واختتم هلالي بقوله: "العمل على دفع الملف دوليا يحتاج لإعداد ملف قانوني وتوثيقي مُحكم، ومحاولة الدفع به في حال وجود فرصة داخل مجلس الأمن. وأن يتضمن هذا الملف كل المذابح، وليس رابعة فقط، أو حتى قيام أحد لضحايا بمثل ما قام به الناشط محمد سلطان برفع دعوى قضائية لمحاكمة الجناة في ما حدث في رابعة".

 

"وقت طويل"

 
بدوره، قال رئيس منظمة عدالة وحقوق بلا حدود، الحقوقي الفرنسي، فرانسوا دوروش، إنه "لا يمكن اعتبار أن حقوق ضحايا مجزرة رابعة ذهبت سدى؛ فهذا أمر غير صحيح، لأن الجمعيات والمنظمات الحقوقية التي كنت أنا بنفسي جزءا منها تحركت بشكل قوي في مختلف البلدان، ومنها فرنسا وغيرها".

وذكر، في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن "هناك دعوى ‏قضائية رُفعت ضد السيسي على أساس أنه كان وزير الدفاع المصري المسؤول عن إعطاء الأمر المباشر بالتدخل بالسلاح في رابعة، وتعذيب مواطنين مصريين، وهذه القضية تحركت منذ أكثر من عامين، ومن الطبيعي جدا أن تأخذ مسارا طويلا من حيث الزمن والإجراءات".

واستشهد دوروش بإحدى قضايا جرائم الحرب التي اقترفتها إسرائيل ‏بحق الفلسطينيين، حيث ‏رُفعت ‏الدعوى عام 2007، والآن أي بعد 13 عاما من التجاذبات القضائية قام مدعي عام تابع للمحكمة الأوربية بفتح تحقيق بخصوص ‏جرائم الحرب ضد الفلسطينيين.

وتابع الحقوقي الفرنسي: "المسار القانوني والقضائي يأخذ وقتا طويلا للأسف، حتى يتحقق وينجح في مسعاه، وبالتالي لا يمكن القول إن مجزرة رابعة باتت طي النسيان".

وأضاف: "هناك منظمات حقوقية تتحرك أمام المحاكم الأوروبية في جنيف، وفرنسا، وداخل أروقة الأمم المتحدة، وغيرها، لكن هذه التحركات على المستوى الإنساني لا تظهر، ‏لأنها تحتاج لسنوات حتى تقنع هذه المحاكم كمحكمة العدل الأوروبية أو المحاكم الداخلية الفرنسية لفتح قضايا مباشرة بخصوص هذه التجاوزات في حقوق الإنسان".

 

"غطاء سياسي دولي"

ولفت إلى أن "من بين الأمور التي تحول دون نجاح محاولات محاكمة المتورطين في مجزرة رابعة على المستوى الدولي هو وجود غطاء سياسي دولي يمنع معاقبة السيسي ومجرميه، وتراجع القضية المصرية في ضوء ضعف المعارضة بالخارج، بالإضافة للصعوبات المالية، لأن مثل هذه القضايا عالية التكاليف، فضلا عن أسباب أخرى".

من جهته، أكد البرلماني السابق والمحامي الحقوقي، نزار غراب، لـ"عربي21"، أن "مجزرة رابعة هي الركن الأساسي والأخطر في جريمة الانقلاب، وسوف تظل معولا في ملاحقة نظام قام على الدم والقتل، وإن لم تنجح محاولات اليوم والأمس في ملاحقة الجناة فلن يستمر إفلات الجناة إلى الأبد، لأن الغطاء السياسي الذي يحتمون به يتغير ولا يدوم".

التعليقات (0)