صحافة دولية

MEE: لماذا تجاهلت منظمة للمساواة التمييز ضد مسلمي بريطانيا

قاومت مفوضية المساواة وحقوق الإنسان البريطانية الضغوط للتحقيق في انتشار إسلاموفوبيا داخل حزب المحافظين- جيتي
قاومت مفوضية المساواة وحقوق الإنسان البريطانية الضغوط للتحقيق في انتشار إسلاموفوبيا داخل حزب المحافظين- جيتي
نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا عن دور منظمة للمساواة وحقوق الإنسان في التخلي عن دعم المسلمين البريطانيين، ففي تقرير عنوانه "حصان طروادة وبريفنت وإسلاموفوبيا: كيف تخلت مفوضية المساواة وحقوق الإنسان عن المسلمين"، قال بيتر أوبورون وجون هولموود؛ إن زعيم حزب العمال السابق جيرمي كوربن شن بمقابلة مع الموقع الشهر الماضي هجوما على مفوضية المساواة وحقوق الإنسان.

وجاء هجومه في معرض سؤاله عن التحقيق الذي تقوم به المفوضية باتهامات معاداة السامية داخل حزب العمال، تحت قيادته ووصفها بأنها "جزء من آلة الحكومة"، وأن استقلاليتها "نزعت منها" من حزب المحافظين الحاكم.

وعلق الكاتبان: "هذا اتهام خطير؛ لأنه يقترح أن مفوضية المساواة وحقوق الإنسان لا تقوم بعملها الذي أنشئت من أجله؛ وهو حماية حقوق الناس الضعاف". ولو كان كوربن محقا في كلامه وهو أن المفوضية فشلت في أداء واجبها، فهي تقوم بحماية الحكومة بدلا من الذين يتعرضون للتمييز.

وفي محاولة لفحص مزاعم كوربن، قدم الصحفيان عرضا لعمل المفوضية التي أنشئت عام 2006 في ظل حكومة توني بلير العمالية كجهاز غير حكومي. ووصفت نفسها بالمستقلة وأنها تعمل مع الحكومة للتأثير على التقدم والمساواة وحقوق الإنسان.

ونشأت المفوضية الحالية من مفوضية المساواة العرقية التي كانت مجالا للسخرية والاحتقار من الصحافة اليمينية والباحثين عن الظهور من المسؤولين المحافظين، والتي أنشئت عام 1976 بعد سلسلة من قوانين تتعلق بالعرق تم تمريرها في ظل تغير قواعد المواطنة.

وخفضت تلك القوانين وضعية المواطنين غير البيض من دول الكومنولث الذين هاجروا إلى بريطانيا، وهو أمر ستندم عليه الحكومة في ظل فضيحة "ويندراش" (المهاجرون من منطقة الكاريبي الذين تم ترحيل بعضهم).

وزاد تقرير ماكفرسون عام 1997 الذي حقق في مقتل الشاب الأسود ستيفن لورنس في لندن وما كشفه عن عنصرية متجذرة في الشرطة البريطانية، من أهمية المفوضية. وكان رد حكومة العمال على النتائج، هو إنشاء سلسلة من اللجان لمعالجة الظلم بين الجنسين وأصحاب الاحتياجات الخاصة.

وضمت معا عام 2007 بمفوضية واحدة هي "مفوضية المساواة وحقوق الإنسان". وبحلول عام 2010 اقترحت حكومة العمال قانونا جديدا للمساواة يوسع الحماية ضد التمييز في مجال الشيخوخة والجنس والزواج والشراكة والحمل والمعتقدات الدينية، التي كان من المفترض أن تكون ضمن صلاحيات المفوضية. وكان الساسة المحافظون والإعلام ينظرون بعين الشك لهذه التطورات، وحملوا قوانين حقوق الإنسان مسؤولية عدم ترحيل المجرمين والإرهابيين. وكان من المفاجئ أن تلتزم حكومة الائتلاف التي قادها حزب المحافظين بتمرير قانون المساواة. ولكن مفوضية المساواة وحقوق الإنسان برزت بأقل تأثير، حيث تم تخفيض ميزانيتها بنسبة 68% ولقاءات أقل مع الوزير المسؤول عنها. كما أن المفوضين فيها اختيروا من رجال الأعمال وعمال الخدمة المدنية، لا من أصحاب الخبرة في العمل الحقوقي والدفاع عن الحريات، كما زاد عدد الأعضاء فيها  ممن لديهم علاقة بحزب المحافظين. وهذا يفسر عدم وجود مفوض من الأقلية السوداء، ولا أي شخص من أصول مسلمة. وعندما سئل المتحدث باسم المفوضية عن ذلك قال؛ إن الدين شأن خاص، وأن رئيس المفوضية ديفيد إيساكس يود تنوعا في المفوضية. 

ويرى الكاتبان أن حقوق الإنسان عادة ما يتم فهمها من خلال احترام الاختلاف أو التعددية الثقافية. وهو الموقف الذي عبرت عنه "رانميد تراست" في ظل بيخو بارخ، نائب رئيس لجنة المساواة العرقية في تقريرها عام 2000. وناقش التقرير أن الهوية الوطنية يجب فهمها عبر الشمولية للأقليات العرقية. ولكن تريفور فيليبس الذي كان مديرا لـ"رنيميد تراست" قبل توليه مفوضية المساواة وحقوق الإنسان، كانت لديه أجندة أخرى. وصار يتحدث عن عقلية الغيتو التي يعيش فيها المسلمون البريطانيون.

 وبدأ قادة حزب العمال يرددون كلامه. وعندما أعلن ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني بمؤتمر ميونيخ للأمن عام 2011 أن "دولة التعددية الثقافية ميتة"، وأن المسلمين يعيشون حياة منفصلة عن القيم العامة للمجتمع. بل وذهب فيليبس بعيدا في انتقاده تقرير "ماكفيرسون" حول العنصرية المتأصلة في الشرطة، مشيرا إلى أن المصطلح أخفى ما تم تحقيقه من تراجع العنصرية. ولم يكن هناك ما يدعم موقف كاميرون ولا فيليبس، بل وأظهرت تقارير الحكومة تكريسا من المسلمين لليبرالية الديمقراطية في الحياة العامة، ليس لأنهم يستفيدون من التسامح الديني. وقامت المفوضية بنشر تقرير "بريطانيا المنصفة"، الذي وجد أن المسلمين هم أكثر فئات المجتمع ظلما في بريطانيا. وفي تقرير آخر للمفوضية، كشف أن الظلم ربما نبع من لون بشرتهم أو بسبب النظرة إليهم كغرباء ثقافيا عن الثقافة الرئيسية. والغريب أن المفوضية لم تفعل ما يجب لمعالجة المشاكل.

ويشير الكاتبان إلى أن المفوضية لم تتحرك بشأن قضية "حصان طروادة" التي ظهرت عام 2014 فيما يتعلق بالتطرف داخل مدرسة ببرمنغهام. وترافقت الحملة بتقارير حكومية معيبة ثم انهيار القضية عام 2017  ضد المدرسين في المدرسة.

ولو كان هناك فضيحة تستأهل تحقيقا من المفوضية؛ ففضيحة "حصان طروادة". وبدلا من ذلك راكمت الحكومة جهودها فيما يعرف بـ "بريفنت" ومعالجة التطرف.

 وكانت هذه لحظة مهمة في علاقة الحكومة بالمواطنين المسلمين؛ فقد سمحت استراتيجية "بريفنت" المعدلة بتقديم "المصلحة العامة" في الأمن على حماية حرية التعبير داخل قطاعات من المسلمين البريطانيين. وفي الوقت الذي قال فيه أنصار "بريفنت" إن حرية التعبير التي تبدو في مساجد البلاد والجمعيات الخيرية والمنظمات، تختلف عن القيود الممارسة ضد المسلمين في دول أوروبية أخرى، إلا أن الطريقة الفجة لتطبيقها وخلطها بين الإسلام وممارسته وتصنيفه على أنه تطرف، تركت تداعياتها على مشكلة حزب المحافظين المعادية للإسلام. ومع ذلك تلكأت مفوضية المساواة وحقوق الإنسان عن عمل أي شيء، مع أن هذه القضايا تقع ضمن صلاحياتها. وكان هذا واضحا عام 2016 عندما وجدت لجنتان في البرلمان أن استراتيجية "بريفنت" تميز ضد المسلمين. إلا أن صمت المفوضية سهل على الحكومة تجاهل تحقيقات البرلمان. وقالت تيريزا مي عام 2017 إن "المساواة" يجب أن تكون ضمن استراتيجية مكافحة التطرف. وقالت إن "التطرف" "خاصة التطرف الإسلامي يجرد بعض البريطانيين، خاصة النساء، من الحرية التي يجب أن يتمتعن بها وتضعف تماسك المجتمع، ويمكن أن تغذي العنف. ولهزيمة التطرف فنحن بحاجة إلى التعلم كيفية تعامل المجتمع المدني والدولة إلى العنصرية في القرن العشرين".

وبعد الانتخابات، قامت ماي بتشكيل لجنة للتحقيق فيما اعتبرتها تعبيرات سياسية إسلامية ومحافظة وأيديولوجيات الكراهية لليمين المتطرف. وكان هذا موضوعا مهما لمفوضية المساواة وحقوق الإنسان، ولكنها فشلت في التحرك.

ولعل أهم ملمح فشل للمفوضية، هو معركة الكراهية للإسلام أو "إسلاموفوبيا". فمنذ تقرير "رنميد تراست" عام 1997 حاولت المنظمات الإسلامية التوصل لتعريف على شاكلة تعريف معاداة السامية. إلا أن الجهود هذه واجهها إصرار لوبي من جمعية هنري جاكسون وبوليسي إكسجينج وناشونال سيكولر سوسيتي. إلا أن المفوضية لم يكن لها رأي في كل هذا. ورفضت القول إن تعريفا رسميا لكراهية الإسلام سيكون مساعدا على معالجة التمييز، الذي أشارت في تقاريرها إلى أنه يواجه المسلمين أم لا. كما قاومت الضغوط للتحقيق في انتشار إسلاموفوبيا داخل حزب المحافظين. وعندما أعلن رئيس الوزراء عن لجنة، قالت إنه ليس من المناسب أن تبدأ تحقيقها الخاص. كل هذا رغم ما كشف عنه استطلاع "يوغوف" العام الماضي عن ثلثي المحافظين، الذين يؤمنون أن بريطانيا تعيش في ظل قوانين الشريعة. فيما قالت نسبة 37% إن الإسلام يلهم هجمات الإسلاميين.
0
التعليقات (0)