قضايا وآراء

كورونا وضع العالم على مفترق طرق

حازم عياد
1300x600
1300x600

ثلث موازنة الاتحاد الأوروبي المقرة للسنوات السبع المقبلة مخصصة للبيئة النظيفة ما يعادل 550 مليار يورو من أصل ترليون و800 مليار دولار تقريبا.

لم يقتصر الأمر على الموازنة التي وصفت بأنها خضراء للاتحاد الأوروبي فخطة الإنقاذ الأوروبية المقررة لمواجهة جائحة كورونا والمقدرة بـ 750 مليار يورو توظف لدعم وإعادة هيكلة القطاعات المتضررة من الجائحة لتتناسب مع السياسة الخضراء للاتحاد خصوصا في مجال النقل والتكنولوجيا والصحة.

القفزة نحو اقتصاد أخضر ومستدام ترافقت مع تراجع اليمين في أوروبا؛ إذ تلقى اليمين الفرنسي في الانتخابات المحلية إلى جانب حزب الرئيس حركة إلى الأمام هزيمة كبيرة لصالح اليسار وحزب الخضر الفرنسي؛ صعود لم يقتصر على فرنسا إذ ظهرت إرهاصاته في عدد من الدول الأوروبية؛ فجائحة كورونا مثلت نقطة تحول وضعت أوروبا والعالم على مفترق طرق لتعزيز النظام البيئي والاعتماد على الطاقة المتجددة والنظيفة ودعم القطاع الصحي مقابل تراجع الاعتماد على قطاع الكربون.

أوروبا وبعد اتفاق بروكسيل تعافت من صدمة كورونا واستعادت وحدتها متجاوزة صدمة وباء كورونا المستجد الذي تحول من محنة إلى منحة للاندفاع نحو سياسات اقتصادية وبيئية جديدة ومستدامة؛ باعتماد الطاقة النظيفة والمتجددة ما دفع الرئيس الفرنسي إلى وصف الاتفاق بأنه يمثل اللحظة الأكثر أهمية منذ اعتماد اليورو.

 

وباء كورونا المستجد مثل صدمة انتقلت ارتداداتها إلى كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية ليعيد تشكيل النظام الاقتصاي العالمي ومعه النظام السياسي الدولي؛

 



الولايات المتحدة بدورها لا تقف بعيدا عن هذه اللحظة التاريخية، إذ تقف على مفترق الطرق ذاته منتظرة نتائج الانتخابات الرئاسية في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل؛ فبعد أن عزز الرئيس ترامب مكانته في النظام السياسي واستفاد من انتعاش اقتصادي متسارع عاد ليواجه حالة من الفشل الاقتصادي بطالة بلغت 40 مليونا وشلل في النظام الصحي بتأثير من وباء كورونا المستجد؛ ليفتح بذلك الباب لمنافسة جو بايدن ولتيار واسع من الأمريكيين الداعمين لإحلال الطاقة النظيفة والخضراء مكان طاقة الكربون واتباع سياسات تراعي الاحتباس العالمي الأمر الذي قاومه ترامب بشدة خلال فترته الرئاسية الأولى بل وسخر منه.

وباء كورونا تحول إلى فرصة جديدة في الولايات المتحدة للقوى الداعمة للتغير والتطوير، فــ (آل غور) نائب الرئيس الأمريكي الأسبق (بيل كلينتون) أشار إلى تحول كبير مرتقب في مجال اعتماد الطاقة الخضراء توفر فرصة كبيرة لتطوير البنية التحتية الأمريكية في ظل التحولات المهمة في عمل الشركات الأمريكية واعتماد موازنات جديدة لتطوير إنتاجها؛ ومن جانبها أعلنت شركة مايكروسوفت أنها وبحلول العام 2030 ستبلغ نسبة التلوث الناتجة عن نشاطاتها الصفر باعتمادها المطلق على الطاقة الخضراء وتخصيصها لما يقارب المليار دولار لتطوير مؤسساتها وخطوط إنتاجها.

مسار شركة مايكرو سوفت الأخضر يسير على خطاه العديد من الشركات الأمريكية رغم تأخر الحكومة الفيديرالية عن مسار رسمي بإعداد موازنة خضراء متمسكة برؤية الرئيس ترامب وطاقم إدارته متأخرا عن أوروبا والصين؛ إلا أن الوباء المستجد ألحق ضررا كبيرا بقطاع الطاقة الكربونية من صخر زيتي وغاز ليفتح الباب لإعادة هيكلة القطاع المتعثر لصالح منافس رخيص الثمن ومنخفض الكلف من طاقة شمسية ورياح.

العالم أفاق من صدمة كورونا وموجته الأولى ويستعد لموجة ثانية متسلحا بعلاجات ولقاحات متنوعة؛ غير أن المواجهة الحقيقية والمستدامة تقترن بإصلاح النظم الصحية وتطويرها وتطوير آليات الإنتاج والاعتماد على الاقتصاد الأخضر؛ فهي السلاح الأكثر فاعلية لمواجهة التحديات البيئية والوباية التي تمثل التهديد الحقيقي للدول ونمائها بل وللبشرية وبقائها.

ختاما: وباء كورونا المستجد مثل صدمة انتقلت ارتداداتها إلى كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية ليعيد تشكيل النظام الاقتصاي العالمي ومعه النظام السياسي الدولي؛ فالكثير من دول العالم في سباق محموم نحو المستقبل الأخضر لتصدر الزعامة والمكانة المميزة فيه؛ والكثير منها لن يقف طويلا أمام مفترق طرقه خشية ضياع الفرص التاريخية الناجمة عن التحولات السريعة التي فرضها الوباء العالمي كورونا؛ ولعل ذلك ما يفسر قول الرئيس الصيني قبل أيام بأن الصين لن تتأخر عن اللحظة التاريخية. 

hazem ayyad
@hma36

التعليقات (1)
الكاتب المقدام
الجمعة، 24-07-2020 06:17 ص
... يروج المقال لنظرة وردية تخالف حقيقة الأوضاع المزرية في العالم، فمم ذكره أن: "العالم أفاق من صدمة كورونا ويستعد لموجة ثانية متسلحا بعلاجات ولقاحات متنوعة" فمن أين أتى الكاتب أن الموجة الأولى قد انحسرت؟ فالإصابات والوفيات المعلنة ما زالت تتزايد في غالبية دول العالم، واللقاحات ما زالت تحت التجارب الأولية، ولا يعلم متى يمكن إتاحتها للعالم، والعلاجات المستخدمة تجريبية ولا دليل علمي على أفضلياتها، وقد تم الترويج لكثير منها لأسباب دعائية وتجارية، وقد صدرت الصين معدات ومستلزمات طبية ثبت أنها مغشوشة، أما النظم الصحية التي يشيد بها فهي تقف عاجزة في العالم الغربي منذ عقود عن مواجهة 34 مرضاً جنسياً تنتشر وبائياً وعلى رأسها الإيدز والتي تحصد أرواح الملايين سنوياً، أما عن استعادة أوروبا لوحدتها، فذلك يخالف واقع عجز الاتحاد الأوروبي عن الوصول إلى اتفاقية مع المملكة المتحدة بعد خروجها، كما أن الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية في الدول الحديثة الانضمام كرومانيا وبلغاريا وأوكرانيا تؤثر في الجميع، وما زالت مشكلة الديون الحكومية تتفاقم، وستتزايد مع التأثيرات الاقتصادية للوباء الذي لم يعلم مداه بعد، والاقتصاد الأخضر الذي يروج له وكأنه حل لمشاكل العالم تكلفته الاقتصادية باهظة، وبعض حلوله غير قابلة للتطبيق أو غير فعالة، أما ما ذكره الكاتب بإعجاب وانبهار من قول الرئيس الصيني عن عدم التأخر عن اللحظة التاريخية، فمما نراه يدور في هونج كونج وفي الإيجور المسلمين، فالمقصود بتلك اللحظة التاريخية هو اليوم الذي يتم فيه الحزب الشيوعي الصيني تغيير عقائد البشر وتحويلهم إلى مسوخ يسخرهم في معتقلات عمل تضم الملايين، وقد تعاونت معه شركات عالمية في توظيف هؤلاء البشر لزيادة أرباحهم، أما عن أكذوبة تراجع اليمين في أوروبا فمن الذي يحرك الأساطيل في جنوب البحر المتوسط لحصار ليبيا؟ ومن الذي ينعت كل مسلم بأنه إرهابي محتمل؟ ومن الذي أرسل مفوضته آشتون لإكساب جنرالهم المنقلب السيسي الشرعية الدولية ويزوده بالسلاح والأموال والتأييد؟ فكفانا انبهار بالغرب وترويج لأكاذيبه.

خبر عاجل