سياسة عربية

لماذا فرض السيسي قيودا على ترشح العسكريين للانتخابات؟

مراقبون رأوا أن "المجلس العسكري الذي يترأسه رئيس الجمهورية بات هو الخصم والحكم في ذات الوقت"- مواقع التواصل
مراقبون رأوا أن "المجلس العسكري الذي يترأسه رئيس الجمهورية بات هو الخصم والحكم في ذات الوقت"- مواقع التواصل

فرض النظام العسكري الحاكم في مصر قيدا على ترشح العسكريين لانتخابات رئاسة الجمهورية والمجالس النيابية والمحلية؛ مشترطا موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تلك الخطوة.

وأقرت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري، الأحد، تعديل بعض الأحكام القانونية الخاصة بترشح الضباط لانتخابات رئاسة الجمهورية أو المجالس النيابية أو المحلية.

ويقضي التعديل بإضافة فقرتين جديدتين للمادة (103) تقول بعدم جواز ترشح الضباط الموجودين بالخدمة ومن انتهت خدمتهم بالجيش لانتخابات رئاسة الجمهورية والمجالس النيابية والمحلية إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وبرغم أن التعديل أقر الطعن على قرار الأعلى للقوات المسلحة؛ ولكنه فرض على العسكريين المعترضين على منع ترشحهم للاستحقاقات الانتخابية الطعن أمام جهة عسكرية، وهي اللجنة القضائية العليا لضباط القوات المسلحة.

وشدد التعديل على أنه لا يجوز الطعن بقرارات تلك اللجنة العسكرية أو المطالبة بإلغائها أمام أية هيئة أو جهة أخرى.

وتبدأ السبت المقبل أولى خطوات الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ المصري، والتي من المقرر خوض عدد كبير من العسكريين المتقاعدين لها على نحو 200 مقعد، فيما سيحظون بلا شك بعدد آخر من الـ100 مقعد المتبقية للشيوخ، والتي يعينها السيسي.

وكانت انتخابات الرئاسة عام 2018، والتي فاز بها السيسي؛ قد شهدت ترشح عقيد الجيش بالخدمة أحمد قنصوة، ورئيس أركان الجيش الأسبق الفريق سامي عنان، ما دفع النظام لاعتقالهما ومحاكمتهما عسكريا، قبل أن يفرج عن عنان، ولكن قنصوة ما زال رهن الحبس.

"كبش فداء محتمل"

وحول دلالات فرض السيسي قيودا على ترشح العسكريين لانتخابات الرئاسة والبرلمان والمحليات، قال رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام الباحث مصطفى خضري، لـ"عربي21": "هناك فرضيتان لهذا الأمر".

وذكر أن الفرضية الأولى هي "أن هذه الشروط مفروضة من القوات المسلحة لتنظيم انخراط العسكريين في العملية السياسية".

وأضاف: "أما الفرضية الثانية فتسند هذه الشروط للجنرال السيسي نفسه، حيث يسعى من ورائها لتحجيم تواجد العسكريين في المنظومة السياسية المنتخبة؛ خوفا من ظهور مراكز قوى يمكن أن تنقلب عليه في وقت ما".

 

اقرأ أيضا: WP: السيسي يستخدم "كورونا" لقمع الصحافة وتكميم الأفواه

وفسر الخبير في شؤون الرأي العام، ربط ترشح العسكريين بموافقة المجلس العسكري، بالقول إن "العسكريين درجوا على وضع ضوابط صارمة لتنظيم علاقاتهم البينية، ودائما ما ينظر هؤلاء إلى بعضهم البعض تبعا لرتبهم العسكرية".

وتابع: "والمجلس العسكري يمثل قمة الهرم التنظيمي للجيش، لذلك تم وضع قرار الترشح في يد المجلس؛ لتنظيم هذه العملية وعدم خروجها عن المنظومة".

وأشار خضري، لوجود "تخوف مشروع من تسرب المنافسة السياسية بين الضباط إلى الثكنات العسكرية"، معتقدا أن "هذا يهدد المنظومة برمتها".

ولفت الباحث المصري إلى احتمال وجود مخاوف لدى السيسي شخصيا من منافسة عسكريين متقاعدين أو بالخدمة له على منصب الرئاسة، مضيفا: "يمكن أن يكون هذا صحيحا، خاصة بعد صدامه مع أكثر من عسكري سابق".

واستدرك بقوله: "لكن التخوف الذي يسيطر على السيسي، ليس من منافسة أحد العسكريين له، وإنما يخاف من تأييد الجيش لهذا المنافس، وفي هذه الحالة سيصبح السيسي كبش فداء لعملية تدوير سياسي ممنهجة".

"تعبيد الطريق للسيسي"

وفي رؤيته، أعلن الأكاديمي المصري، محمد شرف، انتقاده القانون، مشيرا إلى أن "المجلس العسكري يترأسه رئيس الجمهورية، أي أنه الخصم والحكم في ذات الوقت".

ولفت، في تصريح لـ"عربي21"، إلى دور مجلس النواب بالأمر، قائلا: "بالطبع لا تعليق على دور البرلمان فهو قد تم انتقاء أعضائه من قبل الأجهزة السيادية المصرية".

وحول جهة الطعن العسكرية التي أقرها القانون للعسكريين الذين يرغبون بالطعن على قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعدم ترشحهم، أكد شرف، أن "هذا إجراء شكلي يرقى للهزل".

وأوضح أن "القضاء العسكري خاضع للقيادة تماما، ويقوم على تنفيذ رغباتها؛ كما أنه وبحسب القانون فقد تم تحصين قرارات اللجنة ضد الطعن أو المطالبة بإلغائها أمام أي هيئة أو جهة قضائية أخرى".

ونوّه الأكاديمي المصري، إلى خبرة النظام بمثل هذه المواقف بتحصين قراراته كما فعل "بأعمال الصندوق السيادي (تحيا مصر)، والذي يرأسه رئيس الجمهورية أيضا".

وحول الغرض من ذلك القانون، قال إنه "واضح بجلاء أن الهدف هو المصادرة وقطع الطريق مبكرا جدا واحترازيا على أي مرشحين محتملين بمواجهة السيسي، بالانتخابات الرئاسية المقبلة على غرار ما حدث بالسنوات الماضية، وتحديدا المستهدف الفريق سامي عنان".

ويرى شرف، أن "المضحك بهذا القانون هو أن الأمر اقتصر على الانتخابات؛ ولم يطل تعيين العسكريين السابقين واللاحقين كوزراء ومحافظين وبأجهزة الدولة التنفيذية والشركات"، متسائلا: "ماذا لو كانت طبقت هذه القواعد على جمال عبد الناصر، وأنور السادات، وحسني مبارك، والسيسي نفسه؟".

وأضاف أنه "في الكيان المحتل المجاور والقريب جدا نجد العسكريين بمجرد انتهاء خدمتهم يترشحون لأي انتخابات ومناصب ولرئاسة وعضوية الأحزاب السياسية بلا أدنى قيود، وإسحق رابين وأرييل شارون أمثلة".

وتابع الأستاذ الجامعي: "أما الولايات المتحدة، وهي تشكل الحليف الاستراتيجي، نجد الجنرالات، ديفيد أيزنهاور شغل منصب الرئيس، وكولن باول كان بوزارة الخارجية، وغيرهم وبدون الحاجة لاستئذان أو موافقة أحد".

وختم شرف بقوله إن "الأمر باختصار هو مصادرة على السياسة وعلى منظومة حكم المؤسسات التي لم يتبق منها شيء لصالح حكم الفرد الذي يتحكم بمقدرات البلاد والعباد".

التعليقات (0)

خبر عاجل