اقتصاد دولي

هل تسمح دول النفط بأن تحل الطاقة المتجددة محله؟

تعتبر انبعاثات الوقود الأحفوري السبب الرئيسي لظاهرة الاحتباس الحراري - CC0
تعتبر انبعاثات الوقود الأحفوري السبب الرئيسي لظاهرة الاحتباس الحراري - CC0

نشر موقع "نايراميتريك" النيجيري مقال رأي للكاتب أوبيولوا دابو توماس تحدث فيه عن الدول النفطية التي من المحتمل أن تكون عائقا أمام ازدهار الطاقة المتجددة.

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن بعض المؤيدين لإرساء الطاقة المتجددة مثل المدافعين عن البيئة توقعوا أن يساهم هذا النوع من الطاقة في التخلص تدريجيا من النفط. وفي الواقع، يعتبر الوقود الأحفوري أهم عامل مسبب لتغير المناخ. وخلال السنة الماضية، عندما اقترح السناتور النيجيري بن موراي بروس مشروع قانون للسيارات الكهربائية في مجلس الشيوخ النيجيري، وصف العديد من النيجيريين اقتراحه بأنه "ليس من ضمن أولويات البلاد". وتؤكد هذه الحادثة المعضلة التي تواجهها جهود التحول إلى الطاقة المتجددة.

وحسب اللجنة الدولية للتغيرات المناخية، تعتبر انبعاثات الوقود الأحفوري السبب الرئيسي لظاهرة الاحتباس الحراري. وقد أظهر بحث نُشر سنة 2018 أن "89 بالمئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على المستوى العالمي متأتية من الوقود الأحفوري والأنشطة الصناعية. كما كشف البحث أن الفحم يعد من أقذر أنواع الوقود الأحفوري، وهو المسؤول عن زيادة أكثر من 0.3 درجة مئوية في متوسط درجات الحرارة العالمية".

وذكر الكاتب أن "النفط يطلق كمية هائلة من الكربون عند حرقه - ويمثل ما يقارب ثلث إجمالي انبعاثات الكربون في العالم. وقد حدثت العديد من التسربات النفطية في السنوات الأخيرة، وكان لها انعكاسات مدمرة على النظام البيئي للمحيط. وفي المقابل، غالبًا ما يُنظر إلى الغاز الطبيعي على أنه مصدر طاقة أنظف مقارنة بالفحم والنفط. مع ذلك، لا يزال من مصادر الوقود الأحفوري، ويمثل خُمس إجمالي انبعاثات الكربون في العالم"، وذلك حسب ما توصلت إليه هذه الدراسة.

وأشار الكاتب إلى أنه بالنظر إلى هذه النتائج فإنه من الواضح أن العالم لم يعد بإمكانه مواصلة الاعتماد على النفط حفاظا على البيئة. مع ذلك، هناك عوامل معينة تجعل التقليص التدريجي من الصناعات النفطية غير ممكن. في المقام الأول، 95 بالمئة من احتياجات الوقود في قطاع النقل تتأتى من النفط، بما في ذلك تلك الخاصة بالسيارات والقطارات والحافلات والسفن البحرية والطائرات. نتيجة لذلك، يرتبط الانتقال نحو الطاقة المتجددة بتغيير بعض السياسات النظامية وإرادة البلدان والشركات الكبرى.

ونبّه الكاتب إلى أن المشكلة الأكبر تكمن في عدم اهتمام الدول بالتخلي عن الصناعات النفطية والتقليل منها. فمن جهتها، لم تُظهر الولايات المتحدة، وهي أكبر منتج للنفط، رغبة كافية للحد من استخدامه. في هذا السياق، وصف الرئيس دونالد ترامب في إحدى المناسبات "تغير المناخ" بأنه مجرد خدعة.

وأضاف الكاتب أن الحكومة الأمريكية لطالما دعمت صناعة الطاقة واقتصاد النفط، خوفا من خسارة العديد من الوظائف إذا واجه هذا القطاع أزمة. وفي الحقيقة، إن حماية قطاع الطاقة في الولايات المتحدة هو السبب الوحيد الذي دفع ترامب لإجراء اتصالات مع المملكة العربية السعودية وروسيا قبل بضعة أشهر لإنقاذ أسواق النفط. كما استثمرت كبرى شركات النفط الصخري على غرار إكسون وشيفرون المليارات في عمليات الحفر والاستكشاف، وهو ما قد يثنيها عن دعم قضية تدمر ربحية أعمالها. 

وأكد الكاتب أن ميزانية كل من السعودية وروسيا تعتمد بشكل كبير على النفط. تمتلك روسيا أحد أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم، لذلك من غير المجدي بالنسبة لها دعم الطاقة المتجددة. وينطبق هذا السيناريو على أعضاء أوبك الآخرين، الذين يشكلون التكتل الأكثر تأثيرًا في العالم في مجال الطاقة.

 

اقرأ أيضا: "أدنوك" الإماراتية تبيع أصولا حكومية لمستثمرين أجانب

وقد ذكرت منظمة أوبك في تعليق مثير للجدل السنة الماضية: "هناك تصور عام خاطئ بأن مصادر الطاقة المتجددة هي الحل الوحيد أمام تحدي المناخ، وأن صناعة النفط والغاز هي المصدر الوحيد أو الرئيسي للتلوث. والحال ليس كذلك ولا يجمع العلماء أو الخبراء على هذا الرأي".

وأوضح الكاتب أنه إذا كان هناك أي دليل يثبت عجز الولايات المتحدة وتحالف أوبك بلاس عن التعامل مع انخفاض الطلب على النفط فهو جائحة كورونا. فسلسلة التدخلات الدبلوماسية، ومراجعة الميزانية، وعجز الموازنة، بالإضافة إلى خسائر الإيرادات وإفلاس الشركات وارتفاع نسب البطالة نتيجة انخفاض أسعار النفط؛ كلها عوامل تجعلنا نتساءل عما إذا كانت الطاقة المتجددة يمكن أن تشهد مرحلة انتقالية.

وأشار الكاتب إلى أن أوروبا والمملكة المتحدة الأكثر حرصا على قضايا المناخ والطاقة المتجددة. ففي بحث نشر سنة 2019 في المملكة المتحدة، وفرت مصادر الطاقة المتجددة الكهرباء للمنازل والشركات بنسبة تجاوزت ما يوفره الوقود الأحفوري لأول مرة. وقد سُجل هذا الرقم القياسي للطاقة المتجددة في الربع الثالث من سنة 2019 بعد أن ارتفعت حصتها من المساهمة في الكهرباء إلى 40 بالمئة. وقد أظهرت دول أوروبية أخرى الإرادة السياسية لدعم الطاقة المتجددة.

وفي الختام، أكد الكاتب أن العالم يحتاج إلى النفط وقد اعتمد على هذا المصدر الطاقي لعقود. لكن لن يؤدي اعتماد الطاقة المتجددة إلى التخلص من النفط كما فعل فانوس توماس إديسون لصناعة الشموع، إلا إذا سمحت القوى العظمى في العالم بذلك.


التعليقات (0)