قضايا وآراء

العثمانيون في المنطقة.. لماذا؟!

محمد عماد صابر
1300x600
1300x600
"الفراغ لا بد أن يملأ، الفراغ يملأ بك وبغيرك".. قانون السياسة والاقتصاد والاجتماع ومعهم الفيزياء والكيمياء والميكانيكا..

تعاني المنطقة العربية من فراغ شاسع في الإدارة والحكم والريادة والرياضة والفن، حالة تيه يعيشها سكان وحكام المنطقة معا، ما أغرى أصحاب المصالح في العالم التمدد في مساحات الفراغ الموجودة.

هذا التمدد مارسته مصر ولعقود، تمدد ثقافي وتعليمي وصناعي ومهاري، شغلت به جنبات المنطقة العربية والقارة الأفريقية، تارة بالقوة الخشنة وفي أغلب الأحيان بالقوة الناعمة، عبر المدارس والمساجد والمستشفيات والأطباء والمعلمين والدعاة الذين نشروا العلم والصحة والدين في أرجاء المنطقة والقارة التي كادت أن تكون مصرية خالصة.

ثم دار الزمن دورته ورحلت بقايا جيل الكبار، ومع بدايات الخمسينيات بدأ فكر التجريف والتحريف والتخويف يحكم بلدان المنطقة، مع قدوم أنصاف الكفاءات من عسكر وجنرالات العرب، وظلت سياسة الإقصاء والتجريف حتى ورث جيل الأقزام الصغار..

أزاحوا الكفاءات وعبدوا البترول والدولار، وتنازلوا لغيرهم ليس عن الريادة بل عن التراب الوطني والثروات والسيادة. لكن البديل الخليجي كان كما هو متوقع؛ دون المستوى، فلم تمكنه قدراته رغم كثرة موارده وإمكاناته من الريادة، بل فضل أن يبقى خاضعا للحماية الأمريكية، ذيلا للتبعية الصهيونية، بل إنه يتسول هذه التبعية (راجع تصريحات المسؤولين في الخليج وردود الفعل الصهيونية المتطرفة).

في هذا الفراغ الجديد والمتجدد وجدت تركيا الفرصة، بل الطلب الرسمي والشعبي بأن هلموا إلينا في شمال سوريا وشمال العراق وليبيا، وفي القارة الأفريقية التي تتمدد فيها تركيا تمدد الماء العذب على الأرض العطشى، بل إن هناك مطالبات شعبية يمنية بالتدخل التركي في اليمن؛ إنقاذا لهم من الحوثي الطامح والخليجي الطامع.

في المقابل كان الصراخ العربي الرسمي كالعادة برفض التدخل في المنطقة والشؤون العربية.. واهمون هؤلاء الذين يتحدثون باسم المنطقة والعروبة.. إسرائيل تتمدد في العواصم العربية وعلنا، وإيران كانت متمددة وان كانت تعاني بعض الانكماش حاليا.

يا حكام العرب يا وكلاء الغرب، الذي يتمدد ويتوسع لا يحتاج تصريحا لكن يحتاج فرصا وإمكانات مؤهلة. وتركيا صاحبة الفرص والإمكانات حاليا، فمن الطبيعي أن تتمدد وليصرخ حكام العرب ما شاء لهم أن يصرخوا، فلن يلتفت إليهم أحد.. هؤلاء الحمقى سقفهم كيد النساء الإعلامي أو لعب الصبيان الطفولي؛ بإزالة لوحة مكتوب عليها اسم سلطان أو قائد تركي من شارع أو ميدان.

السياسة والمصالح والفرص، لا تعترف بالأماني خاصة من الكسالى وأرباع الكفاءات، لكن تحترم وتتجاوب بل تذهب لمن يستحقها من أصحاب الفكر والتخطيط وعدم إهدار الفرص.

العثمانيون في المنطقة وفقا لقوانين السياسة والمصالح والفيزياء والميكانيكا في التمدد والانكماش، فأين مصر والعرب؟!
التعليقات (0)