مقالات مختارة

حكاية نعوم شبيب الذى صمم برج القاهرة

عماد الدين حسين
1300x600
1300x600

صباح الثلاثاء الماضي، نشر حساب تابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية المعروف بـ«إسرائيل بالعربي» تغريدة عنوانها: «برج القاهرة من تصميم وبناء معماري يهودي».
وفي تفاصيل التغريدة جاء الآتي:
«لا يوجد مواطن مصري أو زائر إلى مصر لا يعرف برج القاهرة، لكن ما لا يعرفه كثيرون، أن من صمم ونفذ هذا البرج، هو المهندس اليهودي المصري نعوم شبيب، الذي يعد أحد أهم رواد العمارة المصرية الحديثة».
التغريدة أثارت ردود فعل واسعة على تويتر.
من الواضح أن القائم على حساب «تويتر» في الخارجية الإسرائيلية، يشعر بالملل من فيروس كورونا والتباعد الاجتماعي، ولذلك بدأ ينبش في الأرشيف القديم معتقدا أنه اخترع العجلة!
التغريدة الإسرائيلية ليست بريئة، بل لها العديد من الأهداف الخبيثة، شأن العديد من السياسات والممارسات الصهيونية.
وبعيدا عن التحوير والتأويل الإسرائيلي، فإن من ساهم في تصميم البرج هو نعوم شبيب. باعتباره مهندسا معماريا مصريا وليس بصفته الدينية كيهودي. ولو قمنا بتصنيف المصممين والمبتكرين، في العالم على أساس دينهم، فسوف ندخل جميعا في فتن دينية وطائفية بلا نهاية.
ومساء اليوم نفسه، قابلت بالمصادفة الصديق والكاتب إميل أمين، الذي قال لي، إن شبيب ليس يهوديا، بل ينتمى إلى طائفة الروم الكاثوليك. قلت له وحتى لو كان يهوديا، فهو في النهاية مصري، وليس لدينا مشكلة ولا ينبغي أن تكون مع الدين اليهودي واليهود، بل مشكلتنا مع الصهيونية التي احتلت فلسطين وشردت شعبها، وتمارس البلطجة على سوريا ولبنان وما تزال.
نعوم شبيب مواطن مصري ولد عام 1915 وتخرج في كلية الهندسة جامعة القاهرة عام 1937. وساهم مع كثيرين في تصميم برج القاهرة الذى بدأ بناؤه عام 1959، وانتهى عام 1961.
كثيرون ــ ومنهم كاتب تغريدة الخارجية الإسرائيلية ــ ربما لا يعرفون أن الولايات المتحدة الأمريكية حاولت أن تستميل جمال عبدالناصر ونظام يوليو 1952، وقدمت لهم خمسة ملايين دولار، فوجهها عبدالناصر لبناء برج القاهرة ليصبح رمزا وقتها على رفض الهيمنة الأمريكية، وبعدها بدأت العلاقات تتوتر، ورفضت أمريكا تمويل السد العالي، بل وحرضت البنك الدولي على ذلك، وكانت تلك بداية العلاقات المتميزة بين مصر والاتحاد السوفييتي.
من كتب التغريدة الإسرائيلية لم يلاحظ أن مصر لم تفرق بين أحد من أبنائها على أي أساس ديني؟ فشبيب كان يهوديا، ورغم ذلك هو من صمم البرج، وهي شهادة حق لمصر بأنها لم تبادر باتخاذ أي موقف من اليهود باعتبارهم يهودا.
إسرائيل هي من بادرت وارتكبت كل الجرائم لكي تجبر يهود مصر للهجرة إليها، ووصل الأمر إلى تفجير بعض التجمعات اليهودية في القاهرة، للإيحاء بأن الحكومة المصرية هي من فعلت ذلك!!
ظني أن ثورة يوليو كان ينبغي عليها ألا تقع في الشرك الصهيوني بفتح المجال لهجرة يهود مصر وتحافظ عليهم، لكن علينا أن نناقش ذلك في ظل الظروف التي كانت موجودة وقتها.
شبيب لم يصمم فقط برج القاهرة، بل ساهم في تصميم العديد من الأبراج السكنية والمباني التجارية والمدارس والكنائس والمصانع. وحينما هاجر عام 1970، فإنه لم يتوجه إلى إسرائيل، كما فعل بعض اليهود، بل توجه إلى مونتريال بكندا التي مات ودفن فيها عام 1985.
إذا نبوغ شبيب في مصر، واستمراره حتى عام 1970، هو شهادة بأنه لم يتم اضطهاده، وعاش كمصري مثلما فعل العديد من اليهود، ومنهم أسماء معروفة ظلوا هم وعائلاتهم مستمرون في مصر مثل المحامي المصري المعروف شحاتة هارون وبعض أفراد عائلته.
إسرائيل تصدعنا، وتصدع العالم ليل نهار بأنها واحة الديمقراطية، في صحراء الديكتاتورية بالمنطقة العربية. لكن المفارقة التي يعرفها الجميع، أنها ديمقراطية قاصرة فقط على اليهود، بل وعلى اليهود الغربيين فقط «الأشكنازي»، وليس كل اليهود خصوصا الشرقيين «السفارديم» أو الإثيوبيين «الفلاشا».
هي لا تنكر أنها قائمة على أساس ديني، وربما هي الوحيدة في العالم التي تتباهى بذلك، ولذلك تسعى بكل السبل لتفتيت المنطقة على أسس طائفية، حتى لا تكون وحدها تقريبا القائمة على أساس ديني، ومن المفارقات أن التنظيمات الإسلامية المتطرفة والإرهابية تساعدها في المخطط نفسه، سواء بجهل أو بعلم.
تغريدة الخارجية الإسرائيلية تذكرنا بالمحاولات الصهيونية المستميتة التي تحاول أن تنسب كل شيء في المنطقة لليهود، من أول بناء أهرامات الجيزة، نهاية بأنهم مخترعو أكلة الطعمية «الفلافل» والزي الشعبى الفلسطيني.
وإذا كانت إسرائيل قد سرقت أرض شعب بالكامل هو فلسطين وتحتل الجولان ومزارع شبعا، فهل نستكثر عليها الادعاء فيما يتعلق ببرج القاهرة؟!


(الشروق المصرية)

1
التعليقات (1)
مصري
الإثنين، 11-05-2020 11:14 م
لا تحزن فكلهم صهاينة كانت قبل يوليو 1952 كانت بعثات من اليابان تحضر لمصر لتنقل نهضة مصر لليابان تدور الاحدات و تضرب اليابان بقنبلتين نوويتين و يحكمنا العسكر طبعا واضح ان حكم العسكر كان افظع من قنبلتين نوويتين ادا قارنت بين اليابان و مصر اصبح عار مقزز لكل من يبرر لهؤلاء