مع زيادة مخاوف
المصريين من تفشي فيروس
كورونا المستجد في بلادهم، لعبت بعض
وسائل الإعلام المحلية على إثارة تلك المخاوف، وتأليبهم على المشتبه بإصابتهم بالفيروس، حتى بات يوصف "بالمتهم" و"المجرم".
واستنكر مختصون في الإعلام والصحة تعاطي بعض المواقع الإلكترونية مع المصابين
بفيروس كورونا كمتهمين ومجرمين في عناوين أخبارهم؛ لإثارة أكبر قدر من القراء، على حساب
آداب وأخلاق المهنة، واستغلال غريزة الخوف لدى الجمهور.
وحذروا في تصريحات لـ"
عربي21" من مغبة مثل هذا السلوك "غير
المهني" على دفع المصابين أو المشتبه بإصابتهم إلى التكتم على أمرهم، ما ينذر
بزيادة انتشار الوباء على حساب عدم "الفضيحة"، نتيجة وصم الإصابة بالفيروس
"بالعار" على المجتمع والأسرة.
ونشر موقع "القاهرة 24"، المحسوب على النظام، خبرا بعنوان "أهالي
قرية بكفر الشيخ يلقون القبض على شاب مشتبه في إصابته بكورونا"، ما أذكى المخاوف
من تعاطي الإعلام بشكل سلبي مع المرض والمصابين، باعتبارهما "تهمة" و"عارا".
وجاء في متن الخبر أن أهالي قرية المنشية الكبيرة، التابعة لمركز قلين بمحافظة
كفر الشيخ، ألقت "القبض" على شاب مشتبه في إصابته بفيروس "كورونا المستجد"، عقب وصوله إلى القرية من محل عمله بمدينة شرم الشيخ.
واستنكر رواد مواقع التواصل الاجتماعي مثل هذا السلوك "المشين"
من الصحيفة، وعلق الكاتب الصحفي محمد عبد الشكور بالقول: "حلوة يلقون القبض عليه
دي، على أساس أن المشتبه في إصابته بكورونا مجرم!!".
وبحسب بيان وزارة الصحة المصرية، الخميس، بلغ إجمالي عدد المصابين بفيروس
كورونا 495 مصابا، بعد تسجيل 39 إصابة جديدة، وارتفاع عدد الوفيات إلى 24 بعد وفاة
ثلاث حالات، فيما بلغ إجمالي حالات الشفاء 102 حالة.
وفي مقطع مصور بإحدى مستشفيات الحجر الصحي بالإسكندرية، استغاثت إحدى المشتبه
بهن والمتواجدة بالمستشفى من أجل عمل تحليل (PCR)،
واشتكت من حجزهن كموبوئين دون طواقم طبية أو تمريض، أو حتى مدير للمستشفى.
مخالفة معايير الصحافة
في معرض تعليقه، وصف أستاذ الإذاعة والتلفزيون وعميد كلية الإعلام السابق
بجامعة بني سويف، حسن علي، مثل هذه اللغة "بالخشنة"، ولا تصلح في إدارة الأزمة،
والأمر الآخر أنه لا يجوز الإعلان عن أسماء المرضى أو إبراز صورهم؛ لأنه يتنافى مع
أخلاقيات وقيم المهنة المتعارف عليها دوليا.
وأكد في حديثه لـ"عربي21": "مثل هذه اللغة تنم عن جهل بأبجديات
المهنة، والمشكلة أن منافذ المهنة تعددت واتسعت، فباتت مهنة من لا مهنة له، وابتعدت عن
معايير العمل الصحفي والإعلامي، مشيرا إلى وجود جهتين للمحاسبة؛ المحاسبة الذاتية من
داخل المؤسسة نفسها طبقا لسياستها التحريرية، ونقابة الصحفيين التي بها لجنة القيم
لمتابعة مثل هذه الخروقات".
وأعرب عن أسفه "لعدم قيام نقابة الصحفيين بدورها؛ لأنها شبه مصادرة،
وتخلي المؤسسات الصحفية عن "أكواد" المهنة لصالح الحصول على معدلات قراءة
مرتفعة من أجل الإعلانات، أو الحصول على "لايكات" لعناوين أخبارها على صفحاتهم
على مواقع التواصل الاجتماعي، والحصول على ما فيه النصيب من جوجل".
نقابة الأطباء تحذر
انتقد عضو مجلس إدارة النقابة العامة للأطباء ومقرر اللجنة القانونية والحريات
سابقا، أحمد شوشة، محاولات بعض وسائل الإعلام وصم المريض "بالمتهم"، قائلا:
"هذه اللغة هي أحد أشكال الجهل المخالف للمهنة وللإنسانية؛ فالمريض يحتاج إلى
رعاية، وليس متهما، ولم يجرم في حق أحد، ولقد كرمه الله، ومنحه من الرخص ما لم يمنحها
للمعافى الصحيح".
وأضاف لـ"عربي21": "يجب البعد عن مثل هذه اللغة في الصحافة
والإعلام؛ لأنها فحش، والحث على التضامن مع المريض، وإحاطته بالرعاية والاهتمام، ومعاملته
بإنسانية، وهو إجرام في حق المرضى وفي حق المجتمع الذي يعيش فيه".
وحذر من مغبة مثل تلك اللغة وتداعياتها على زيادة تفشي المرض بدلا من احتوائه؛ لأن الناس "سوف تحجم عن الذهاب للمستشفيات وإجراء الكشوفات والفحوصات اللازمة"،
مشيرا إلى أن "جميع الشعوب مجني عليها بسبب هذا الخطر، وستساعد على إخفاء المرض
حتى لا يحتقر المريض بين قومه".
اقرأ أيضا: رغم الجائحة العالمية.. هكذا سخر مصريون من كورونا