ملفات وتقارير

قيادات فلسطينية: ننتظر قدومكم للأقصى فاتحين لا سائحين

آراء الفلسطينيين في زيارة العرب والمسلمين للمسجد الأقصى ومشاركتهم في انتخابات الكنيست الإسرائيلي- جيتي
آراء الفلسطينيين في زيارة العرب والمسلمين للمسجد الأقصى ومشاركتهم في انتخابات الكنيست الإسرائيلي- جيتي

أكدت قيادات فلسطينية مختلفة في القدس المحتلة والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 أن موقفها من زيارة العرب والمسلمين للمسجد الأقصى المبارك لم يختلف عن السابق بضرورة عدم ارتباطها بالاحتلال، في حين عبر بعضهم عن انتظارهم لهذه الزيارات كنوع من تغيير واقع المسجد وليس لمجرد السياحة.

وتجدد هذا الموقف بعد التصريحات التي صدرت عن رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني التي عبر فيها عن رأيه بالسماح بزيارة المسجد الأقصى المبارك تحت الاحتلال؛ الأمر الذي لاقى ترحيبا من رموز في السلطة الفلسطينية على رأسهم وزير الأوقاف السابق التابع لها محمود الهباش.

 

وكان الاتحاد أكد في بيان صادر عنه أن تصريحات الريسوني هي مجرد رأي شخصي له، مع بقاء الاتحاد على موقفه من تحريم الزيارة في ظل الاحتلال. 

وتحدث رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى المبارك عكرمة صبري لـ "عربي21" عن رأيه في زيارة العرب والمسلمين للمسجد، قائلا إن "الزيارات يجب أن تكون مفتوحة للأقصى دون أي صفة رسمية أو ارتباط مع الاحتلال ودون أي دعاية إعلامية".


وأوضح بأن "أي ارتباط للزيارة مع الاحتلال سيجعلها حينئذ تطبيعية تخدم أهدافه ومخططاته".


وأبدى الشيخ ترحيبه بجميع المسلمين الذين يفدون إلى مسجدهم تحت إطار تلك المعايير، معتبرا أن "التصريحات المختلفة من شأنها أن تؤدي إلى بلبلة".


وأضاف: "علينا أن نقنن موضوع الزيارة مع التأكيد على أن زيارة القدس لا تنقذ القدس سياسيا، بل ستبقى المدينة تحت الاحتلال وقد ترفع معنويات المقدسيين، ومن الممكن أن تحرك الناحية الاقتصادية".

واستدرك بقوله: "يجب ألا نتعب أنفسنا بكثرة الحديث عن هذا الموضوع الذي استنفذ كثيرا خلال السنوات الماضية، فلا مجال لإثارته وإشغال الناس به حتى لا نتلهى عن نصرة الأقصى وعن قضيته".

اقرأ أيضا: زيارة المسجد الأقصى في ظلّ الاحتلال.. نقطة نظام


انتخابات الكنيست

وكان الشيخ الريسوني تحدث كذلك عن رأيه في تأييد مشاركة الفلسطينيين في الداخل المحتل بانتخابات الكنيست الإسرائيلي، الأمر الذي شهد ردود أفعال متباينة من قبل القيادات الفلسطينية في الداخل المحتل.  

وبدوره أشار القيادي البارز في الداخل المحتل الشيخ كمال الخطيب حديثه لـ"عربي21" إلى أن "اجتهاد الريسوني جاء متناقضا مع البيان الصادر عن الاتحاد العالمي لهيئة علماء المسلمين، سواء حول زيارة العرب والمسلمين للمسجد الأقصى أو موقفه من انتحابات الكنيست ومشاركة في الفلسطينيين فيها".


وأوضح الخطيب بأنه "عند الحديث عن مشاركة فلسطينيي الداخل في انتخابات الكنيست الإسرائيلي فإن أهل مكة أدرى بشعابها في حيثيات الموقف ودلالاتها وانعكاساتها والسلبيات والإيجابيات لهذه الانتخابات والمشاركة فيها".


وتابع بالقول: "أنا أعلم أن مراسلات جرت بين جهات فلسطينية مؤيدة وداعمة للمشاركة في الانتخابات وبين الدكتور الشيخ الريسوني؛ ومن الواضح أن الهدف منها هو محاولة الحصول على موقف يعزز دخولهم بالانتخابات".


وأضاف: "كنت أتمنى من الشيخ قبل هذا التصريح أن يكون قد استمع لوجهات النظر الأخرى الكثيرة التي ترى في الانتخابات ليس إلا مصلحة إسرائيلية خالصة، وبالتالي تكون الصورة مكتملة عنده أكثر من الاستماع لوجهة نظر واحدة، كي لا يتم استغلال موقفه في خضم موضوع الانتخابات التي تداخلت وتعقدت فيها الآراء بشكل كبير". 


وأكد بأن "الفلسطينيين باتوا يدركون تماما عبثية هذه الانتخابات في الماضي والحاضر؛ وعلى مدار 70 عاما أدركوا أن المشاركة فيها هي حالة يستفيد منها فقط الاحتلال"، مشيرا إلى أن ذلك ما أظهرته خطابات رئيس حكومته بنيامين نتنياهو أمام المحافل الدولية مشيدا بوجود نواب عرب في الكنيست ومدللا بذلك على أن إسرائيل هي واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط.

وتابع:" نلاحظ كذلك حالة الفتور والبعد والمقاطعة التي باتت تشكل التيار الأقوى التي وصلت إلى ما يزيد على نسبة 55 في المئة من المقاطعين وتعني أن شعبنا أدرك عبر التجربة عبثية المشاركة في انتخابات الكنيست".

أما فيما يتعلق بموضوع المسجد الأقصى المبارك فقال الخطيب: "إن الآراء والفتاوى خرجت منذ فترة حولها وأبرزها كانت لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بلسانه داعيا العرب والمسلمين لزيارة الأقصى، وكانت وقتها ردا بشكل واضح على رئيس هيئة علماء المسلمين السابق الشيخ يوسف القرضاوي في موقفه من تحريم الزيارة".

وأكمل حديثه: "جاءت جموع عربية وإسلامية وما زالت تتوافد ولكن نرى أن من رفع صوته منهم في مواجهة جنود الاحتلال الذين يدنسون الأقصى تم ضربه واعتقاله كما حصل مع جماعات من الأتراك، وفي نفس الوقت رأينا من يتبخترون في الأقصى ويرفعون راية التطبيع والمديح والثناء لإسرائيل وحكومتها".

ورأى بأن "استمرار تحشيد الأمة وتعزيز معاني العمل الدؤوب ليس فقط من أجل السماح بزيارة المسجد الأقصى بل كسر القيد عنه"، مبينا بأن الفلسطينيين لا ينتظرون أن يأتي العرب والمسلمون سائحين بل فاتحين وهناك فرق كبير بين من يأتي مستعدا بنفسية السائح عمن يأتي مستعدا بنفسية الفاتح.

اقرأ أيضا: زيارة القدس: الانجرار إلى المربع العبثي


المرابطون وأهل الأقصى

أما المرابطة المقدسية والمعلمة خديجة خويص المبعدة عن المسجد الأقصى المبارك فترى بأن "مفاسد تلك الزيارات أكبر من منافعها".


وقالت لـ"عربي21": "كمقدسية حين ترى هذه الوفود تزور المسجد الأقصى المبارك تشعر بالاستياء خاصة أنها لا تكون بهدف الرباط بل بهدف الصلاة فقط"، وذلك رغم تفهمها لحاجة ورغبات المسلم واشتياقه لمسجده الأقصى إلا أنها تعتبر مصلحة شخصية في طل ما يمر به المسجد من حرب إسرائيلية ومحاولة استيلاء وتقسيم".

وأكدت خويص بأن "السياحة التي تنظم لهذه الوفود ليست راشدة وغير موجهة، وأنه لو تغيرت ظروفها وتناسبت مع ظروف الأقصى واقتحامات المستوطنين له لكانت لاقت استحساناً من المقدسيين، ولكنها تقتصر على أيام لا توجد فيها اقتحامات مثل الجمعة والسبت أو تكون عند صلاتي المغرب والعشاء أي بعد انتهاء الاقتحامات".

وأضافت: "بعد زيارة الأقصى تخرج الوفود لزيارة أماكن ومدن أخرى وبالتالي الزيارة تفيد صاحبها فقط للسياحة والصلاة، فلو كانت الزيارة راشدة وقت الاقتحامات أو تركزت في باب الرحمة والمصلى لتشكل بديلا عن سياسة الاحتلال في تفريغ الأقصى من المسلمين وتفويت التقسيم الزماني الذي يتم في الأعياد اليهودية لكانت مقبولة بالنسبة لنا".

ودعت خويص إلى "تغيير الإستراتيجية السياحية والدليل السياحي بحيث يكون أكثر وعيا لأن وجود الوفود العربية وتفاعلها مع الحدث ضعيف جدا، فالاستفادة منها قليلة والضرر المترتب عليها أكبر من نفعها".


الحابل بالنابل


وأشارت إلى وجود ضرر آخر لهذه الزيارات "منها الاعتماد على رؤية الاحتلال وكأنه أمر طبيعي وليس جسدا سرطانيا غريبا عن أرض فلسطين"، مبينة بأن "الجدار المتبقي بين الشعوب العربية والإسلامية من جهة والاحتلال من جهة أخرى هو مقاومة التطبيع في ظل تخاذل الحكومات وموجات التطبيع"، قائلة "لا نريد أن يهدم هذا الجدار باعتياد التعامل مع الاحتلال والدخول للأقصى أثناء وجوده وحراسته".

وتابعت: "منذ بداية الاحتلال والشعوب ترى بأن الاحتلال أمر غير طبيعي ولا نريد لهذه النظرة أن تزول وأن أمر الزيارة سهل جدا في ظل وجوده، كما أن الزائر قد ينقل صورة مغايرة تماما عن واقع الأقصى بالقول إنه تمكن من الدخول بشكل عادي وبالتالي تفتر مشاعر الأمة تجاه ما يحدث من انتهاكات".

وأكدت خويص على أن "هذه الزيارات لو كانت لا تحقق مصلحة للاحتلال لما قام بالسماح للوفود العربية بذلك" ذاكرة وجود مجموعات من الأتراك ممنوعون من دخول الأقصى لسنوات لأن الاحتلال وجد أنهم جماعات مؤثرة ولا تخدم أهدافه في تهويد المسجد".

وشددت على أن "ما يريده الاحتلال هو "إظهار وجه ديمقراطي مزيف له ولكنه في الحقيقة يستخدم الزيارات لخدمة مشاريعه وتحقق له مصلحته حتى لو كانت غير مشاهدة أو ملموسة فإنها تبين تعايشا معه".

ولفتت إلى أن "السماح بالزيارات سيخلط الحابل بالنابل وسيكون مبررا لمزيد من التطبيع مع الاحتلال فالأفضل أن يكون هذا الباب مغلقا حتى تتغير الظروف للأفضل مع احترام آراء العلماء ورغباتهم ولكن لا توجد فائدة مرجوّة من الزيارات"، على حد وصفها.

 

"المقدسيون يتأثرون سلبا"


بدوره قال الخبير المقدسي الدكتور جمال عمرو لـ"عربي21" إن "أي مسألة من هذا القبيل تحتاج للتحري قبل إبداء الرأي فيها، لأن الاحتلال هو المسيطر والمتحكم بمقاليد الأمور في المسجد الأقصى المبارك ويسمح بالزيارات ضمن معايير تخدمه 100% وليس أقل من ذلك أبدا".

واعتبر بأن "الاحتلال يريد شخصيات عربية قابلة للتطبيع مثل علي الجفري وعلي جمعة ووفود بحرينية وخليجية، وكلها تدخل المسجد الأقصى من باب المغارية مثل جماعات المستوطنين تماما وبحماية ضباط الموساد".

وأضاف: "هناك فتاوى خرجت على الصعيد الفلسطيني كذلك ولكنها كانت بحاجة لاجتهاد، وهم استندوا على شقين فيها الأول هو النوايا الحسنة"، مؤكدا أن الاحتلال لا يريد للمقدسيين أي خير وهو يقوم بإحضار وفود سيئة الذكر لم يستطيعوا فعل أي شيء للمسجد الأقصى المبارك لا من قريب ولا من بعيد.

أما الشق الثاني فقال: "هو اجتهاد شرعي على أساس أنه في عهد الصليبيين كانت الوفود تزور المسجد"، مستدركا بقوله إنه "لا توجد مقارنة في العهد الصليبي مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يريد اقتلاع الوجود الفلسطيني، فهذا الاجتهاد لم يبن على قاعدة شرعية صحيحة".

وأوضح بأن "المقدسيين يتأثرون سلبا بهذه الزيارات التي تملأ الفنادق والشواطئ والمطاعم الإسرائيلية، ولم تشارك الفلسطينيين في أي مهمة من صلاة وقيام ولا حتى مواجهات أو هموم أو جراحات بل كانوا وبالا على رأس الشعب"، على حد تعبيره.

واختتم حديثه بقوله: "على سبيل المثال الاحتلال لا يقبل زيارات علماء من الاتحاد العام لعلماء المسلمين أو حتى شباب لأجل الأقصى من بيروت وبغداد ودمشق ولا حتى من اندونيسيا وماليزيا، بل هو يستقبل وفودا ضمن رؤية صهيونية  تدخل من باب المغاربة مع اليهود"، ورأى أنه "من الأفضل ألا يتم بحث الموضوع لأنه ضار ضررا بالغا وعبارة عن تطبيع بمقاييس هابطة جدا".

اقرأ أيضا: الريسوني وزيارة القدس.. وإضافة غريبة أخرى

التعليقات (0)