صحافة دولية

كيف تحاول هوليوود الوصول إلى المسيحيين الإنجيليين؟

الصحيفة قالت إن الإنجيليين ينتجون أفلاما تتماشى مع معتقداتهم الأصولية- جيتي
الصحيفة قالت إن الإنجيليين ينتجون أفلاما تتماشى مع معتقداتهم الأصولية- جيتي

نشرت صحيفة "جورنال دي ديمونش" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على تنامي الإنتاجات السينمائية التي تتناول مواضيع دينية موجهة لجمهور معين.


وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21": إن "لدى المسيحيين الإنجيليين في الولايات المتحدة، الذين ينتمي أغلبهم إلى الجمهوريين، أفلاما تتماشى مع معتقداتهم الأصولية، ويشكل هؤلاء المناهضين للإجهاض والقتل الرحيم والعلمانية، جمهورا مسيسا للغاية، وقد تضاعف إنتاج هذه الأفلام الطويلة منذ سنة 2012 وشارك فيها ممثلون معروفون".


وفي سنة 1922، كان سيسيل ديميل، وهو مخرج أفلام هوليود شاب متخصص في الويسترن والميلودراما يواجه أزمة في استلهام أفكاره. لذلك، ناشد القراء في صحيفة لوس أنجلوس تايمز، واعدا إياهم بمكافأة قدرها ألف دولار للشخص الذي سيساعده على تجديد إلهامه. قدم له الفائز، نيلسون من لانسنغ، من أوهايو، فكرة بسيطة، وهي صناعة فيلم انطلاقا من الوصايا العشر. وأكّد له أنه "لا يمكنك خرقها، وإلا ستقوم هيا بتدميرك". وتحمس ديميل كثيرا لهذه الفكرة، وهكذا ظهرت أول ملحمة دينية كبرى في تاريخ السينما.


وأوردت الصحيفة أن لوريك هينيتون، وهو باحث ومؤلف كتاب "التاريخ الديني للولايات المتحدة" يذكر بأن الإنجيلي هو بروتستانتي عاش تجربة التحول. ولا يولد الشخص إنجيليا وإنما يصبح كذلك.


وبصفة عامة، يبدأ المرء في التصويت للجمهوريين. وفي الواقع، يصوت 20 بالمئة فقط من الإنجيليين لصالح الديمقراطيين، ومن المؤكد أن هؤلاء المشاهدين المرتبطين ارتباطًا شديدا بشخص يسوع، يهتمون بالأفلام التي تروي حياته أو حياة تلاميذه.

 

اقرأ أيضا: حوار مثير بين كاتب أمريكي وأستاذ إنجيلي عن المسيح والمسيحية

في المقابل، يتعلق الأمر أيضًا بجمهور مسيّس للغاية، يريد أن يشاهد على الشاشة الكبيرة طرح بعض المواقف القوية حول مواضيع معينة في المجتمع على غرار مكافحة الإجهاض والقتل الرحيم ومعاداة اللائكية. وفي هذا الصدد، قال ديفون فرانكلي، وهو قس وأحد المنتجين الأميركيين من أصول إفريقية القلائل إنه "جمهور متعطش للمحتوى، ويريد من عالم هوليوود أن يأخذه على محمل الجد".


وأضافت الصحيفة أن إنتاج هذه الأفلام تضاعف منذ سنة 2012، وعلى الرغم من أنه لا يمثل سوى حصة صغيرة من صناعة السينما الأمريكية، إلا أنه لا يمكن إنكار نمو هذا النوع من الأفلام.


ففي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تجاوزت إيرادات "الأفلام القائمة على الإيمان" (كما يسميها المحترفون) مليون دولار على مدى السنوات الثلاثين الماضية.


وعرفت شركات الإنتاج المتخصصة مثل فراكنيل إنترتيمنت أو بيور فليكس، وهي منصة في نتفليكس، ازدهارا مذهلا. ومن الأمثلة الجيدة على هذا التوجه، نجد فيلم "غير مخطط له"، وهو فيلم مناهض للإجهاض، احتل المركز الرابع في شبابيك التذاكر الوطنية في أسبوع صدوره.


وبينت الصحيفة أنه من بين العلامات الأخرى على نجاح هذه الأفلام، نجد أن هذه المسلسلات التي كان أبطالها من الممثلين غير المعروفين أصبح لها اليوم مشاهير حقيقيون، حيث ظهر دينيس كويد وجينيفر غارنر، ورينيه زيلويغر، في فيلم من هذا النوع في السنوات الثلاث الماضية. ومع ذلك، يكفي مجرد مشاهدة جوائز الأوسكار أو الغولدن غلوب للاقتناع بأن عالم هوليوود بات حكرا على الديمقراطيين. وفي هذا السياق، من لم يشاهد ميريل ستريب أو أوبرا وينفري على شاشات التلفزيون وهما تدينان سياسات ترامب وتطرف الحزب الجمهوري؟ وأظهرت الصور الأكثر شعبية في الصيف جورج كلوني وباراك أوباما يتجولان على بحيرة كومو (إيطاليا).


وفي كل حملة رئاسية، يتوجه المرشح الديمقراطي إلى لوس أنجلوس لجمع الأموال. ففي انتخابات سنة 2016، تمكنت هيلاري كلينتون من زيارة المهرجانات التي نظمها جاستن تمبرليك وجينيفر أنيستون والمدير التنفيذي لشركة ديزني. وتجدر الإشارة إلى أنه في الخطاب الجمهوري، يعد عالم هوليوود مرادفا لفساد القيم الأخلاقية، وتتناول العديد من النجاحات الحالية لسلسلة "حكاية أمة"، و"الملحمة البوهيمية"، موضوعات الإجهاض والمثلية الجنسية بطريقة لا تنسجم بتاتا مع الإنجيلية.

 

اقرأ أيضا: صحيفة تكشف دور الإنجيليين بدعم مستوطنات الاحتلال بالضفة

وأفادت الصحيفة أن الاعتقاد الذي سفيد بأنه من المرجح أن يبطئ كل ذلك صناعة السينما الإنجيلية، ليس ذلك صحيحا، نظرا لأن هذه الكنائس لديها احتياطيات كبيرة من المال، خاصة وأن القانون الأمريكي يحدد وضعا ضريبيا خاصا لأي مؤسسة دينية. لذلك، يمكن ملاحظة كنائس تستثمر مباشرة في هذه الأفلام، بينما تضمن غيرها تنفيذ إعلاناتها، ويلبس القساوسة ثوب المبدعين "لإطلاق" مشاريع بشكل طوعي. وفي هذا السياق، قال ديفون فرانكلين، رئيس فراكنين إنترتيمنت: "إن الأمر شبيه بالموعظة، إذ لا ينبغي عليك سوى إقناع جمهور".


وتابع فرانكلين حيثه قائلا: "يمكن العثور على جمهور الأفلام الدينية في كل مكان، وفي كل ولايات ومدن البلاد، إنه جمهور عائلي سيشاهد أفلاما متحركة على سبيل المثال". ويقول إريك لوكسمو، الذي يدير شركة أسبيرايشن إنترتيمنت إنه "إذا كانت هناك فئة تسمى "فيلما قائما على الدين"، فسيكون ذلك لأسباب تسويقية، وإن استخدام هذه العبارة مع الجمهور يشير إلى أن هذا الفيلم موجه له".


وفي الختام، تطرقت الصحيفة إلى أنه "خلال انتخابات سنة 2016، صوّت الإنجيليون البيض لصالح دونالد ترامب بنسبة 80 بالمئة، بغض النظر عن تضارب المصالح أو تهم الاعتداء الجنسي الموجهة له. ومنذ توليه السلطة، لم يخيب الرئيس آمالهم، من خلال تعيين قاضيين محافظين في المحكمة العليا قد يتمكنان ذات يوم من تحقيق الهدف المعلن للمجتمع وهو العودة إلى "رو ضدّ وايد"، الذي يعد الحكم الذي يجيز الإجهاض.

التعليقات (0)