هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد اقتصاديون مصريون أن صندوق النقد الدولي وضع الحكومة المصرية في مأزق، رغم إشادته بخطوات القاهرة في البرنامج الإصلاحي المشترك مع الصندوق.
ويرى الخبراء أن الفقرة التي دعا فيها الصندوق الحكومة لمزيد من الشفافية، ترتبط بما جاء في المراجعة الثالثة له، والتي انتقد فيها وجود فساد في عمليات تمويل المشروعات الإقتصادية، بالإضافة للفقرة الخاصة بتطلعات الصندوق لوجود دور فاعل للقطاع الخاص لعملية التنمية المتوقعة.
وكانت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد، أصدرت بيانا حول المراجعة الرابعة التي قام بها الصندوق لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة المصرية منذ 2016، للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، استلمت مصر منه بالفعل 8 مليارات دولار.
ورغم تأكيد لاجارد أنها سوف توصي المجلس التنفيذي للصندوق بالتصويت لصالح صرف الشريحة الخامسة وقيمتها 2 مليار دولار، إلا أنها لم تحدد وقتا محددا لذلك، بينما تأمل الحكومة المصرية أن يتم ذلك قبل نهاية كانون الثاني/ يناير الجاري، بعد أن كان مقررا أن تستلمها مصر بداية كانون الأول/ ديسمبر 2018.
وتزامن بيان الصندوق مع تقرير الرصد المالي للديون الذي أصدره الصندوق قبل أيام، وجاءت مصر فيه بالمركز الـ 14 من إجمالي 114 دولة تجاوزت فيها نسبة الدين العام معدلات الأمان فيما يتعلق بالناتج القومي، حيث بلغ نسبة الدين 92.5% من الناتج القومي المصري، بعد أن كان 103% عام 2017 .
وحسب تقرير الصندوق فإن عامي 2011 و2012 كانا الأقل في نسبة الدين العام منذ 2010 وحتى 2017 حيث بلغت النسبة 69.6% عام 2011 و 72.8% عام 2012، بينما قفزت النسبة بالأعوام التالية إلى 73.8% و85.1% و85.1% و88.5% و96.5% و103% على التوالي.
رسالة للجيش
من جانبه يؤكد الخبير الإقتصادي المهتم بنشاط صندوق النقد الدولي وليد مسعود لـ "عربي21" أن بيان الصندوق حول المراجعة الرابعة، وتلميحه لصرف الشريحة الخامسة، جاء بعد تنفيذ الحكومة المصرية لعدد من مطالب الصندوق الحاسمة وتعهدها بتنفيذ باقي المطالب مع انتهاء موازنة 2018/2019 في تموز/ يوليو المقبل.
اقرأ أيضا: 5 جنرالات في مصر مرتشون.. لماذا يسرق رجال السيسي؟
ويري مسعود أن الصندوق تعامل مع الحكومة المصرية بليونة واضحة، عندما وافق على تأجيل بنود محددة مثل تقليص عدد موظفي الجهاز الإداري، وتأجيل ربط أسعار الوقود بالسوق، باستثناء بنزين 95 الذي قامت الحكومة المصرية برفع الدعم الكامل عنه.
ويوقل الخبير الاقتصادي أن الصندوق واصل انتقاده لغياب الشفافية فيما يتعلق بمحاربة الفساد وتمويل المشروعات الاقتصادية، وعدم وجود دور فاعل للقطاع الخاص بعملية الإصلاحات الدائرة، وهو ما أشارت إليه الفقرة التالية ببيان الصندوق:" من المهم المضي قدماً في الإصلاحات الهيكلية التي تسهل تحقيق النمو وخلق فرص العمل بقيادة القطاع الخاص، إلى جانب الإجراءات التي تعزز الشفافية والمساءلة ومن ثم تساهم في تحسين الحوكمة".
ويشير مسعود إلى أن هذه الفقرة تحمل الكثير من المطالب التي يجب على النظام المصري أن يتفاعل معها، وأهمها تقليص سيطرة المؤسسة العسكرية على الاقتصاد، وهي السيطرة التي قلصت دور القطاع الخاص، وحولته تابعا في مشروعاته للهيئة الهندسية وجهاز مشروعات الخدمة العامة التابعين للقوات المسلحة، بالإضافة لمواجهة عمليات الفساد وخاصة فيما يتعلق بالمشروعات الصناعية.
تأمين أرباح الأجانب
وهو ما يتفق معه الخبير الاقتصادي والمصرفي جمال محسن، حين قال إن بأن بيان الصندوق حمل انتقادا مبطنا لسيطرة المؤسسة العسكرية على الوضع الاقتصادي، عندما دعا لإيجاد مساحة للقطاع الخاص في عملية الإصلاح الجارية، موضحا أن الصندوق تحدث عن ملاحظات توصل إليها خلال المراجعة التي أجراها خلال الفترة من 18 إلى 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ولكنه لم يوضح شكل هذه الملاحظات تحديدا، وربما يكون ذلك بطلب من الحكومة المصرية نفسها.
ويشير محسن لـ "عربي 21" أن هناك ملاحظات علنية للصندوق وأخري غير علنية، ويدلل على هذه الأخيرة قرار البنك المركزي وضع آلية ضمان خروج آمن لأرباح المستثمرين الأجانب بالعملة الصعبة، دون إخضاعها لأي نوع من القيود المفروضة على التحويلات الدولارية للخارج، رغم الاضطرابات المتوقعة لهذا القرار على سعر الصرف.
ويوضح الخبير الاقتصادي أن هذه الخطوة كانت أحد أهم مطالب الصندوق، لحماية أموال المستثمرين الأجانب، كإجراء احترازي من أية قرارات مصادرة يمكن أن تنفذها الحكومة المصرية، كما تفعل مع أموال قيادات الإخوان والمعارضين للنظام السياسي الحاكم.
اقرأ أيضا: الجيش يغزو "الصناديق الخاصة" بمصر ويلتهم كعكة البلطجية
وحسب محسن، فإن هناك عدة أمور تحكم موافقة الصندوق على الشريحة الخامسة، من بينها الرغبة الدولية بأن يظل الاقتصاد المصري على حالة الاضطراب التي يعيش فيها منذ عامين، بما يمثل ضغطا إضافيا على النظام الحاكم، مؤكدا أن الأمم المتحدة ألمحت لذلك في تقرير آفاق الوضع الاقتصادي العالمي الذي أصدرته مؤخرا، وتوقعت فيه أن تقوم الحكومة بتنفيذ المزيد من الإجراءات والتدابير التي وضعها صندوق النقد الدولي لعلاج عجز موازنة المالية المصرية.