هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في مصالحة تاريخية بعد 40 عاما من العداء والخصام، جرت، الأربعاء، مصالحة بين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، أبرز الأقطاب المسيحية المارونية بالبلاد.
وجرى لقاء المصالحة وفق مراقبين، بمباركة من البطريرك الراعي مار بشارة بطرس الراعي، في الصرح البطريركي في "بكركي" الواقعة على بعد 25 كم شمال العاصمة بيروت.
ويعود عمر الخلاف بين جعجع وفرنجية إلى الحرب الأهلية اللبنانية، وتحديداً 13 حزيران/ يونيو 1978، وهو تاريخ "مجزرة إهدن"، وهو الإسم الذي أطلق على الهجوم الذي نفذه تنظيم "القوات اللبنانية" (كان آنذاك، الجناح العسكري لحزب الكتائب اللبنانية)، على بلدة إهدن شمالي لبنان.
وجاء الهجوم على خلفية صراعٍ على النفوذ في منطقة "زغرتا" (تنتمي إليها بلدة إهدن) بين حزب الكتائب وتيار المردة، وتنامي الخلاف بين الطرفين مع محاولة بشير الجميل (قائد القوات اللبنانية آنذاك) الهيمنة على حلفائه ودمج ميليشياتهم تحت راية القوات.
وكُلّف سمير جعجع بالهجوم على معقل آل فرنجية الصيفي، إلا أن إصابة الأول منعته من الوصول إلى إهدن، فعهد إلى أحد القادة الميدانيين بالعملية التي أدت إلى مقتل والد النائب سليمان فرنجية، طوني فرنجية ووالدته فيرا قرداحي، وشقيقته جيهان البالغة من العمر عامين ونصف، وأكثر من 30 من أنصاره.
وأكد الراعي، خلال لقاء المصالحة، على أن هذا "الاجتماع هو انطلاقة لوحدتنا الوطنية الجامعة".
وأضاف: "في بكركي، نحن ضد الثنائيات والثلاثيات، نحن مع الشعب ومؤسسات الدولة وهناك ثنائية واحدة هي لبنان ذو جناحين متساويين متكاملين هما الإسلام والمسيحية، وهذا هو سر لبنان بخصوصيته ودوره ورسالته".
وبعد لقاء ثلاثي بين جعجع وفرنجية والراعي، تلا المطران جوزيف نفاع، بياناً ختامياً مشتركاً متفق عليه بين الطرفين (القوات والمردة)، أعلنا من خلاله إرادتهما المشتركة "لطيّ صفحة الماضي الأليم مع التأكيد على ضرورة حلّ الخلافات والتوجّه إلى أفق جديد".
ومن أبرز ما جاء في البيان المشترك، أن اللقاء يأتي "ترسيخاً لخيار المصالحة الثابت والجامع، ولن يتخطى المسيحيون الواقع السلبي إلا إذا نجحوا في طي صفحة الماضي الأليم، والالتزام بالقواعد الديمقراطية في علاقاتهم السياسية، والتأكيد على ضرورة حلّ الخلافات بالحوار الهادف".
وأوضح البيان أن هذه الوثيقة "لم تأتِ من فراغ، فالتلاقي بين المسيحيين والابتعاد عن منطق الإلغاء يشكّلان عامل قوة للبنان والتنوع والعيش المشترك فيه، وزمن العداوات بين القوات والمردة قد ولى وجاء زمن التفاهم".
واعتبر الطرفان أن "اللقاء ينطلق من قاعدة تمسك كل طرف بقناعاته وثوابته السياسية، ولا تحمل التزامات محددة، بل هي قرار لتخطي مرحلة أليمة ووضع أسس حوار مستمرّ".
ومهّد لهذه المصالحة، اللقاء الرباعي الذي رعاه البطريرك الراعي في 2011، والذي جمع بين الزعماء الموارنة الأربعة، رئيس التيار الوطني الحر آنذاك والرئيس الحالي للبلاد ميشال عون، ورئيس حزب الكتائب اللبنانية أمين الجميل، وجعجع، وفرنجية.
واعتبر اللقاء سابقة استطاع البطريرك الماروني تسجيلها في بداية عهده البطريركي، حرصاً على التوازن والعيش المشترك.