شكك
اقتصاديون ومطورون عقاريون في أن تُكلل محاولات الحكومة
المصرية بتطبيق قرار منح الإقامة للأجانب مقابل شراء عقار أو وحدة سكنية تصل قيمته 100 ألف دولار فأكثر؛ بهدف تنشيط السوق العقاري، وزيادة العملة الأجنبية.
وأكدوا في تصريحات لـ"
عربي21" أن الحكومة المصرية والشركات الخاصة فشلوا في الترويج لسوق العقارات خلال مشاركتهم في معرض سيتي سكيب العالمي بدبي، على الرغم من أن مصر كانت ضيف شرف المعرض الذي عُقد في تشرين أول/ أكتوبر الماضي.
كما لم يلق قرار منح الإقامة أو الجنسية للأجانب المستثمرين في العقارات إقبالا كبيرا كما كان متوقعا، ولم تُقدم الحكومة أي أرقام تتعلق بحجم وجنسيات المشترين الذين يستهدفهم القرار؛ لمحاولة التغلب على المصاعب الاقتصادية التي تمر بها البلاد، منذ قرار تعويم الجنيه في تشرين ثاني/ نوفمبر 2016.
تراجع 40%
وأرجع مطورون عقاريون تباطؤ تنفيذ المشروعات إلى تراجع القوى الشرائية للجنيه، وارتفاع تكلفة مواد البناء بجانب احتكار الدولة طرح الأراضي، ودخولها كمنافس، وأن السوق العقاري يشهد ارتفاعات كبيرة في الأسعار، وزيادة في المعروض مع تراجع الطلب بشكل ملحوظ.
وفي هذا الصدد أعلنت شركة مصر الجديدة للإسكان، إحدى شركات التطوير العقاري بالبورصة، تراجع صافي أرباحها بنسبة 88% في الربع الأول من العام الجاري، بسبب انخفاض حجم المبيعات بنسبة 40%؛ نتيجة تأثر الشركة بالركود في سوق العقارات.
حلول غير ناجعة
وقال الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، لـ"
عربي21": إن "هذا الكلام تكرر في الكثير من المؤتمرات والتصريحات الرسمية، ولا يحمل في طياته إلا تجديد الدعوة، أو الترويج لها مجددا، خاصة قبيل مؤتمر سيتي سكيب الدولي في دبي الذي علقت عليه الحكومة المصرية آمالا كبيرة، ولكنها أخفقت في تحقيق النتائج المرجوة من مشاركتها فيه".
وأوضح أن "برنامج الإسكان الاجتماعي الذي تتبناه الحكومة لم يحقق إصداره التاسع النتائج المأمولة؛ فكانت عدد الوحدات المطروحة أكثر من عدد المتقدمين لها، وهو مؤشر على أن سوق العقار المحلي يواجه صعوبات؛ نتيجة ارتفاع الأسعار، وانخفاض مستوى المعيشة، فلجأت إلى البيع للأجانب لتوفير الدولار، وتنشيط سوق العقارات، خاصة أن الدولة أصبحت لاعبا رئيسيا في السوق".
ورأى أن "الإقامة والجنسية بالنسبة لكثير من الأجانب لا تعني الكثير، فمنذ طرح القرار لم تعرض الحكومة على مواقعها أو لسان مسؤوليها أي أرقام تتعلق بحجم الإقبال، فمصر ليست وحدها التي تمنح مثل تلك المزايا، هناك دول عدة تنافس بقوة في هذا المضمار".
واستدرك الولي بالقول: "لكن هناك عوامل يأخذها المستثمر الأجنبي في الحسبان مثل الأمن والاستقرار، ليس في مصر فحسب بل في المنطقة كلها، فالمستثمر لا ينظر إلى مصر كبلد مستقل بنفسه بل ضمن دول المنطقة، فما يحدث في تونس أو سوريا يؤثر على نظرة الأجنبي للمنطقة فهو ينظر للمنطقة ككل".
المكان الخطأ
وعلق أستاذ إدارة التغيير والتخطيط الاستراتيجي، حسام الشاذلي، بالقول: "لا شك أن النظام المصري بات يراقب التغييرات المرتقبة في المنطقة بقلق بالغ، في ضوء الفشل المتكرر في طرح أو تنفيذ أي سياسة اقتصادية حكيمة أو منتجة، وعقد مؤتمرات ومشاريع ليس لها أي دور حقيقي في جذب الاستثمارات الأجنبية أو تحسين مستوى معيشة المواطن".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "السوق العقاري الذي فقد 7% من حجمه في الفترة من 2013 إلى 2014 مازال يمثل أحد أهم مجالات الاستثمار المحلي في مصر، ولكنه يعاني من ركود بالرغم من خطط الحكومة في بناء 240 ألف وحدة في
القاهرة فقط في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع الدخل".
وتوقع أن تفشل سياسة تجنيس الأجانب أو منحهم إقامات مقابل الاستثمار العقاري؛ لأنها "تنجح فقط في داخل المنظومات السياحية المتميزة، والجاذبة للأجانب، وخاصة في الدول ذات النمو الاقتصادي، والنشاط المالي المطرد مثل الإمارات وتركيا، لا في ظل منظومة اقتصادية متهالكة، ومناخ طارد للاستثمار كما هو الحال في مصر".
وحذر من مغبة القرار قائلا: "قرار ربط الاستثمار العقاري بتجنيس الأجانب في مصر يحمل أبعادا أخرى خطيرة قد تمس الأمن القومي المصري؛ فسيطرة بعض الأجانب قد تفتح الباب أمام السيطرة على الأرض وعلى مقدرات البلاد، وهو نهج تنتهجه المنظمات الصهيونية بصورة عامة وإسرائيل بصورة خاصة، مما يجعلنا بصدد مخاطر حقيقية".