هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تساءلت مجلة "بوليتكو" عن السبب الذي يجعل الرئيس دونالد ترامب يخشى من خيانة المحامي مايكل كوهين له.
وكتب مايكل كروس مقالا تحت عنوان "إنه ينهار"، يقول فيه إن السبب هو وجود شخص من داخل الدائرة المقربة من ترامب "قرصه"، مشيرا إلى أنه بعد 16 ساعة أو أكثر من القنبلة التي انفجرت لم يستطع دونالد ترامب ذكر اسم مايكل كوهين، فكانت هذه أول مرة يجرحه فيها "حلال المشكلات" المذنب.
ويستدرك الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بأن ترامب قال إنه شعر مع مدير حملته السابق بول مانفورت، الذي أدين بتهم الغش المصرفي والضريبي، لكنه لم يقل شيئا عن كوهين، الذي اعترف أمام المحكمة بأنه حاول التأثير على انتخابات عام 2016، من خلال شراء سكوت امرأتين أقام ترامب معهما علاقة غير شرعية، ودفع أموال لهما بناء على تعليمات من ترامب.
وتشير المجلة إلى أن ترامب أكد أن قضية مانفورت لا علاقة لها بموضوع التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، لكنه لم يكن قادرا على حرف اعتراف كوهين المدمر؛ لأن تصرفاته متعلقة جدا بترامب.
ويقول كروس إنه "لطالما وصف نفسه بأنه (شخص الولاء العظيم الاستثنائي)؛ لأنه قدم الولاء على كل شيء أكثر من العقل والدافعية، وكان من أهم قدراته هي قدرته على توليد ولاء لا يتزعزع، لدرجة الحقارة والتملق، وكان من جانب واحد، ومن هنا فإن تحول كوهين يكشف عن هشاشة ترامب وماركته التعاقدية من الولاء، وعدم توافقها في النهاية مع الرئاسة".
ويعلق الكاتب قائلا إنها "ليست قصة صحيفة شعبية، أو عراك متبادل على (تويتر) لأن الرهانات عالية جدا، وصمت ترامب الطويل بشأن اعتراف كوهين ليس عاديا، وهو يعرف حقيقة الخطر القانوني، ويبدو أن تابعا خانعا قد خان صاحبه وعضه وبشدة".
وتنقل المجلة عن كاتب سيرة الرئيس مايكل دانطونيو، قوله: "إنه خائف جدا.. فأربعون سنة من الخداع عادت لتعذبه"، فيما قال المدير السابق لكازينو ترامب، جاك أودونيل، إن الطريق خطير بالنسبة للرئيس، فلأول مرة، بحسب ما قال أودونيل، فإن على ترامب الاستماع لمستشاريه "ويبقي على فمه مغلقا".
ويورد كروس نقلا عن مديرة منظمة ترامب السابقة بربارا ريز، قولها: "أحيانا يستمع ترامب، لكن في حالات نادرة جدا جدا"، وأضافت أن الجميع يعرف أنه يريد تدمير كوهين، لكنه سيؤدي إلى كارثة.
ويذكر الكاتب أن ترامب بدأ بعد ذلك في الحديث والتغريد، وحث متابعيه، البالغ عددهم 54 مليونا على "تويتر"، ألا يستخدموا خدمات محاميه، "كما كأن اللحظة هي لحظة الحديث عن قدرات محام"، وحاول التأكيد على أن ما قاله كوهين ليس جريمة.
ويجد كروس أنه "رغم تأكيد ترامب على الولاء، إلا أن رؤيته، كما يقول كتاب السيرة وغيرهم، تستحضر المافيا والتكتيكات السياسية القديمة، وتقوم على فكرة (اهتم بالرئيس والرئيس سيتهم بك) بحسبما قال هانك شينكوف، وبالنسبة لترامب فإن الولاء هو مفهوم معقد، ويقوم كما يقول مستشاره السياسي الطويل روجر ستون على مبدأ (ادعم دونالد ترامب في كل ما يقوله ويفعله)، ويقول بروس نوبلز، صديق ترامب: (لم أفكر أبدا أنه مخلص لأي أحد)".
ويقول الكاتب: "خذ مثلا لويز سانشاين، التي كانت من أوائل موظفيه، وفتحت له الباب إلى حاكم نيويورك هيو كيري، وساعدته في السبعينيات من القرن الماضي على الدخول إلى مانهاتن، لكن تم التخلص منها في منظمة ترامب، وكانت سانشاين مؤيدة لترامب، ووصفته بالمعلم العظيم البارع، ومع ذلك تم التخلص منها، وتساءلت في تصريحات لصحيفة (نيوزداي) في عام 1989، قائلة: (لماذا بعد هذه السنين كلها يقوم شخص بعمل هذا الأمر لشخص قريب منه، أجد هذا مثيرا للخيبة)".
وينوه كروس إلى أن "ريز كانت مديرة إنشاء برج ترامب، وبعد سنوات عملت على تجديد (هوتيل بلازا) بعدما اشتراه بمبلغ كبير، لكنها استقالت؛ لأنها لم تعد قادرة على تحمل مزاجه المنفجر ومعاملته المتقلبة، وتذكرت في كتابها الصادر عام 2013 (وحيدة في الطابق الـ68) كيف أمسك رخاما رخيصا وبدأ يصرخ عليها، قائلة: (كان يرتجف، لقد فعلت هذا واشتريت هذا الرخام الرخيص، وتحاولين إظهاري بمظهر الأحمق، أنت لا تصلحين لشيء.. وقلت له: (انظر دونالد هذا هو الرخام الذي صادقت على شرائه، وكان رخيصا، وأردت أن توفر مالا ولا تلمني.. وكان مثل صب الكاز على النار، كان وجهه أحمر وفمه ملتويا، وقلت لنفسي لو ضربك ارم نفسك، ولم أكن أعتقد أنه سيفعل ذلك)".
ويفيد الكاتب بأن ريز كانت من الذين انتقدوا ترامب منذ إعلانه عن ترشيحه نفسه، ورد بوصفها بأنها "مثيرة للاشمئزاز".
ويذكر كروس أن آرتي نسباوم كان واحدا من المتعهدين الذين قرروا القيام بعمل في برج ترامب مجانا؛ للتعبير عن الولاء، وأخبر نسباوم الكاتب في عام 2016، أي قبل وفاته بعام، أن ترامب قال له: "ستحصل على دعاية كبيرة من هذا آرتي.. سأكون أفضل شيء حصل لك"، لكن ترامب لم يشركه بأي شيء، وقال نسباوم: "لا أخلاق ولا شيء.. هذا ما يعده ولاء، يفعل ما يريد وعندما يريد".
ويبين الكاتب أن ترامب لم يكن مواليا للكثير من المتعهدين الذين استخدمهم، حيث كان سام نانبيرغ من أهم الموالين المجتهدين، ومساعدا سياسيا له في السنوات التي سبقت قراره الدخول في سباق الرئاسة، وساعده على تطوير الرسالة لتؤمن له الفوز، لكنه عزله وقاضاه في المحكمة، وتعلم الدرس من علاقته مع ترامب، قائلا: "لا تجعل الناس أبطالك.. لا تعتمد على ولاء الآخرين".
ويذهب كروس إلى أن "ما يهم في درس كوهين أن ترامب يشعر ولأول مرة أن شخصا تخلى عنه، والدرس من السياسة أن القوة الكبيرة قد تكون مصدر الضعف، وما جعلك رئيسا ربما أدى إلى تجريدك من صفة الرئاسة".
وينقل الكاتب عن أحد المقربين الكبار من ترامب، قوله إن "كوهين لم يكن يريد إنقاذ شيء بعدما شعر بأنه تم إلقاء القبض عليه، وبعد أن هاجمه ترامب، بل أراد أن يسقيه الدواء الذي تجرعه"، فيما قال أودونيل إن حلال المشكلات عادة ما يتصرف مثل من يحاول التحكم بتظاهرات الرعاع، "وفعل كوهين هذا لترامب ولوقت طويل، ولا أحد يعلم إلا الله ما فعلاه معا"، وقال لاني ديفيس محامي كوهين لشبكة "سي أن أن": "لدى كوهين معلومات مهمة لمولر حول المؤامرة لإفساد أمريكا."
ويختم كروس مقاله بالقول إن "ترامب تخلى عن الكثيرين من قبل وهاجمهم، وبعضهم رد، وآخرون لم يردوا، ولم يكن هذا مهما، وعادة ما نظر إليهم باعتبارهم موظفين سابقين متذمرين، وكان معظمهم ممثلين في دور صغير، لكن كوهين ليس أوماروزا، ويبدو أن ترامب يعرف هذا الأمر، وصمته الطويل عن كوهين هو أكبر صوت يصدره".