مقالات مختارة

عدنان أوكتار.. والمؤامرة على الإسلام!

عبد الحميد عثماني
1300x600
1300x600

بتوقيف الأمن التركي الداعية التنويري المثير للجدل عدنان أوكتار، يتكشّف فصلٌ آخر من مسلسل المؤامرة الدنيئة ضدّ الإسلام، بعد سقوط أوراق كثيرة روّج لها الإعلام الغربي منذ عقود مديدة، لكنها فشلت في النيل من عقيدة التوحيد وسماحة الشريعة الإسلامية، برغم كل الدعاية والاحتفاء الذي حظيت به شطحاتها الخبيثة.


الطريقة الانحلاليّة التي ظهر بها “يحيى هارون”، وهو يلقي مواعظه الإباحيّة في حضرة العاريات الكاسيات حول كؤوس الخمر، لم تكن أبدا تعبيرًا عن تفكير حداثي أو اجتهاد عقلي بلغه الرجل في فهم الإسلام، بل كان جليّا أنه مخططٌ جهنمي لتمييع الدين وقتل الأخلاق في نفوس المتأثرين بتعاليمه، طالما أن مثل هذا الشاذّ بكل المقاييس، يقدم نفسه للعالم على أنه داعية للإسلام الناعم، لكن بشكل مختلف!


اعتقال “أوكتار” بعد ثبوت علاقاته المباشرة بالكيان الإسرائيلي، يؤكد مرة أخرى أنّ مثل هؤلاء المُنحرفين من رموز الحركات الهدامة الجديدة، هم صنيعة الدوائر الصهيونية، التي لا تألُ جهدها في ضرب الإسلام والمسلمين في عمق هويتهم، أو على الأقلّ رعايتهم السامية، ودعمهم المالي والإعلامي، بما يوفر لهم الترويج والشهرة ونفاذ سمومهم بين الأنام.


هذه القراءة لظاهرة “عدنان أوكتار” ليست من وحي الخيال أو سيطرة منطق المؤامرة على عقول المسلمين، بل هو ما تعضده القرائن التاريخيّة وتبرهن عليه الوقائع المشابهة، ومنْ يطّلع على “بروتوكولات خبثاء صهيون” المقررة منذ مؤتمر “بال” السويسرية قبل 121 عام، يدرك أبعاد وأدوات المشروع الصهيوني للهيمنة المطلقة على البشرية، عبر 24 بروتوكولا، لتدمير القيم والأخلاق ومن ثمّ الاستحواذ على أموال وخيرات العالم!


لقد أيقن العقل الغربي من خلال تجربة حركة الاستشراق ثم الاستعمار الحديث أنّ اقتلاع الإسلام من أفئدة معتنقيه بالإكراه أو الإنكار ضربٌ من المستحيل، فعمدوا إلى آليات أخرى أكثر مرونة، لكن دون أن تتغيّر غايتهم في محو آثاره من حياتهم الخاصّة والعامّة.


في مرحلةٍ سابقة شجّعوا الإساءة لمقدّسات المسلمين باسم حرية الرأي والتعبير، لأجل التشكيك في حقيقة الدين الإسلامي وتشويه أركانه، فعاش العالم قصّة سلمان رشدي وغلام ميرزا، قبل أن يتوجهوا للنفخ في بعض الرؤوس الفارغة لعرّابي التنوير والحداثة المشوّهة، بهدف سلب الإسلام، كرسالة حضارية تنشد صدارة البشريّة، عوامل تمايزه العقدي والقيمي عن الآخر، مُردّدين شعارات رنانة تهتف للتسامح والتعايش والإنسانية، بينما لم تكن مساعيهم “العلميّة” تبتغي التجديد أو التطوير، بل تحييد الإسلام عن معركة الحياة والحضارة في مواجهة المدنيّة الغربية المتهالكة!


وليس بعيدًا عن تلك النماذج المتآمرة علنا، يقف طابورٌ آخر من محترفي الاسترزاق بالدين، ممّن صاروا يُعرَفون على الشاشات وفي الصالونات بـ”الدعاة الجدد”، مع استثناء الشرفاء منهم، العاملين بإخلاص لدينهم وأمتهم، تلك “النجوم” الوضيعة ما تزال الأحداث السياسية والتفاعلات الاجتماعية تفضحها تباعًا، لتظهر حقيقتهم أمام الملأ مجرّد باعة كلام، من عبدة الدرهم والدولار، لا يحملون همّ الأمة في شيء، ولا يعانقون أشواقها، بل يتدثرون بعباءة الوعظ والإرشاد، لأجل نصرة السلطان القريب الفاجر وحتّى البعيد الكافر!


لا شكّ أنّ جهود هؤلاء المُناوئين والمأجورين، على اختلاف مساوئهم، تصبّ كلها في فرملة المسلمين عن استئناف مسيرتهم في موكب الحضارة الإنسانية، ليبقى الغرب منفردًا بريادة الصراع.

 

الشروق الجزائرية

0
التعليقات (0)

خبر عاجل