هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت الصور التي خرجت
من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بعد انتهاء العمليات العسكرية للنظام السوري
فيه ضد تنظيم الدولة وحجم الدمار الذي ظهر فيها تساؤلات بشأن مستقبل المخيم الذي
يشكل رمزية للقضية الفلسطينية واللجوء وحق العودة.
وتوصل النظام السوري
إلى اتفاق مع مسلحي تنظيم الدولة المتواجدين في المخيم لإجلائهم برعاية روسية على
الرغم من عدم إعلان ذلك رسميا بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبث الإعلام الحربي
التابع للنظام مشاهد جوية للمخيم أظهرت حجم دمار هائل وبنايات متهاوية على امتداد
واسع من مساحته.
عاصمة الشتات
الكاتب الفلسطيني وعضو
مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا ماهر الشاويش قال إن مخيم اليرموك كان بيئة
حاضنة لأكثر من 215 ألف لاجئ فلسطيني وهم ثلث اللاجئين المتواجدين في سوريا قبل
الأزمة.
وأوضح الشاويش لـ"عربي21" أن
المخيم كان يعد "عاصمة الشتات" بسبب حضوره الكبير في القضية الفلسطينية
والعدد الكبير للقيادات الفلسطينية المدفونة في مقابره بالإضافة لكونه مركزا
ثقافيا كبيرا في دمشق وريفها وإسهاماته في إحياء حق العودة.
وأشار إلى أن عملية
التدمير الممنهج للمخيم بدأت منذ قصفه لأول مرة بحجج وجود مسلحين وعلى الرغم من
وجود العديد من الطرق للتخلص من "الإرهابيين لكن الحملة العسكرية التي بدأت في نيسان/أبريل الماضي ضد تنظيم الدولة وجبهة النصرة كان يتضح هدفها بالقضاء على
المخيم وليس من فيه فحسب".
وأضاف "منطقة
المخيم باتت ساقطة عسكريا بعد سقوط ريف دمشق ولا أمل للمسلحين بالنجاة وكان
بمقدور النظام عقد اتفاق معهم لإخراجهم لكن ما حصل يطرح العديد من علامات
الاستفهام".
ولفت إلى أن 80 بالمئة
من المخيم تعرض للدمار وكل معالمه انتهت ومسحت رمزيته كمركز يذكر بحق العودة.
وأعرب الشاويش عن هواجس
تحيط بملف إعادة إعمار المخيم وقال إن "هكذا عملية تحتاج سنوات طويلة
والتجربة التي مرت في مخيم نهر البارد وغيره من المخيمات سابقا ليست مشجعة".
وأشار إلى أن اللاجئين
الفلسطينيين في "اليرموك" وغيره من المخيمات "تعرضوا لهجرة ثانية
سواء داخل أو خارج سوريا وبعد 70 عاما من النكبة عادوا للعيش تحت الخيام كما
حصل في مخيم دير بلوط بمنطقة دير بلوط".
المخيم انتهى للأبد
من جانبه قال الكاتب
والباحث الفلسطيني المختص بشؤون اللاجئين محمود زغموت إن البنية الديمغرافية
للمخيم تعرضت لضربة وتم تهجير كافة أبنائه ولا إمكانية للعودة والحديث عن مخيم بعد
اليوم.
وقال زغموت
لـ"عربي21" إن عملية إعمار المخيم ملف محكوم بالحل السياسي في سوريا لكن
في حال حصل ذلك فإنه لن يعود مخيما يمثل رمزية للقضية الفلسطينية بل سيعاد إعماره
على شكل مدينة جديدة من ضواحي دمشق يحتوي على كافة المرافق وبالتالي يتم التخلص من
الوضع السابق.
ولفت إلى أن الدمار
الذي تعرض له المخيم أخرجه من معادلة الصراع مع الاحتلال وبات سكانه الذين هم رمز
القضية ومحور حق العودة مهجرين داخل سوريا وخلف البحار في أوروبا ولم يعد بالإمكان
الحديث عن عودته للخارطة مرة أخرى.
وأشار إلى أن الاحتلال
هو أكثر الأطراف سرورا بما حصل للمخيم بسبب حضوره طوال سنوات الصراع معه كنقطة
ثقافية ونضالية كبيرة قدمت كوادر بازرة للقضية الفلسطينية خاصة أنه يحتوي على
عشرات أجساد القيادات التي استشهدت في سبيل القضية الفلسطينية.
ورأى كذلك أن النظام السوري أخفق في الحفاظ على
المخيم وما يمثله بسبب تضييع فرصة عقد هدن وعمليات إجلاء لإخراج المسلحين منه
وقال: "لو تفاوض مبكرا مع تنظيم داعش لما دمر 80 بالمئة من المخيم".
وأوضح أنه لا يمكن
اليوم فصل ما جرى في مخيم اليرموك عن سياق قضية القرن ومشاريع تصفية القضية
الفلسطينية المطروحة حاليا والتي تعد مسألة اللجوء إحدى أركانها.