في ظل الهجوم الإعلامي من وسائل إعلام مقربة من عبد الفتاح
السيسي على الفريق سامي
عنان، يثار التساؤل حول مدى مغامرة قائد الانقلاب ،
بفتح ملفات فساد مالي قيل إنها تخص رئيس أركان الجيش الأسبق في عهد حسني مبارك
والمجلس العسكري.
وانبرى الإعلام المؤيد للسيسي، لاتهام عنان
بأنه عاد من أمريكا يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011، وأنه شريك بمؤامرة أمريكية على
مصر، وأنه مدعوم من الإخوان المسلمين، مع القدح بمستشاريه الدكتور حازم حسني
والمستشار هشام جنينة، وبأنه ليس لديه برنامج سياسي، بجانب تهم فساد مالي عبارة عن
أراضي وفيلات ومخالفات قانونية.
يذكر أن النائب العام المصري كان قد أمر بفتح
تحقيقات حول فساد مالي للفريق أحمد شفيق والفريق سامي عنان، وأكد مصدر صحفي في
تصريحات سابقة لـ"عربي21"، أن تلك الملفات موجودة في أدراج مكتب النائب
العام لوقت طلبها.
محللون أكدوا لـ"عربي21"، أنه إذا
فتح السيسي، ملفات فساد الفريق عنان، والتي وجه إشارة إليها أثناء خطابه بمؤتمر
"حكاية وطن" الجمعة؛ قد تفتح عليه أبواب مساءلته ماليا هو وجميع قيادات
المجلس العسكري الحاليين والسابقين وبينهم المشير حسين طنطاوي، أحد أكبر المؤيدين
للسيسي.
الكل لديه ملفات
وفي رده على سؤال هل يفتح السيسي ملفات فساد
عنان أم يخاف أن تطاله تلك النار هو وطنطاوي؟، أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند
الأمريكية الدكتور مصطفى شاهين، أن "هذا الأمر لن يظهر الآن ولكنه سينكشف إذا
نجح عنان في جمع التوكيلات المطلوبة لترشحه"
وحول ما يوجهه الإعلام الموالي للسيسي من
انتقادات حادة لعنان دون أن يتطرق لملف الفساد بشكل مكثف، أرجع شاهين، سبب ذلك في
حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "كل من في المشهد يملك ملفات للآخر".
واعتبر الأكاديمي المصري، أن تلويح السيسي،
بكشف فساد عنان، عندما ترشح للانتخابات دون أن يذكر ذلك من قبل؛ يدين السيسي،
ويؤكد أنهم "شلة فساد إذا اختلفت تناحرت".
فساد جماعي
ويرى المستشار الاقتصادي، أحمد خزيم، أن السيسي
لن يستطيع فتح ملفات فساد عنان، خوفا من أن تطاله تلك النار هو والمشير طنطاوي،
مؤكدا أن "الجميع فاسد"، مضيفا لـ"عربي21" ولذا لن يفتح
السيسي هذا الملف خوفا على نفسه.
وقطعت الناشطة السياسية ماجدة أبوعثمان، بأن
السيسي لن يستطيع أن يقوم بهذه اللعبة مع عنان، وأن المجلس العسكري من المستحيل أن
يصنع ذلك مع عنان، قائلة إن "عنان أخذ موافقه المجلس العسكري على خوض
الانتخابات، ويدعمه أيضا رئيس أركان الجيش الأسبق (1995- 2001) والمرشح الرئاسي
السابق في 2011، الفريق مجدي حتاتة".
أبوعثمان، أكدت لـ"عربي21"، أن
"الانتخابات ستكون شرسة، والسيسي لن يقدر على مواجهة عنان"، مشيرة لبيان
ترشحه القوي والذي وجه فيه تحذيرا من دعم أجهزة الدولة السيادية للسيسي، ومتحدثة
عن انتقادات عنان الحادة عبر صفحته بفيسبوك لسياسات السيسي وخاصة ما يخص تنازله عن
(تيران وصنافير) للسعودية.
وأشارت أبوعثمان، إلى أن الإعلام الموالي
للسيسي التزم الحيادية السبت فقط حول ترشح عنان، وهذا معناه أنها أوامر بعدم تشوية
عنان، لأن معه خيوط اللعبة وخاصة فيما يتعلق بدور السيسي في (صفقة القرن".
وفي تعليقه حول ما أثير عن ملفات فساد لعنان
أثناء حكم حسني مبارك والمجلس العسكري، أكد المحلل والباحث السياسي، شريف طلعت، أن
عنان بذاته كان جزءا من المشهد، وكان لاعبا هامشيا أحيانا، وأخرى مؤثر".
وتساءل طلعت في حديثه لـ"عربي21"،
"هل تظن أن جزء من المشهد ممكن أن يكشف فساد جزء آخر من أطراف آكلي
الكعكة"، مخاطبا السيسي بقوله "ولو أن عنان فاسد وأنت رئيس جمهورية لماذ
انتظرت حتى يترشح أو ينتوي فتكشف فساده".
وواصل طلعت طرح تساؤلات إعتبرها "مهمة
وجوهرية"، وقال "هل السيسي ذاته بمعزل عن الفساد؟ كيف ومتى وأين؟"،
ليخاطب السيسي من جديد بقوله "عندما تعمل كل هذا وتغير مشهد الدولة وتختزله
بمؤسسة واحدة وتختزل الكل بمجموعة مغلقة ضيقة حولك؛ أليس هذا فساد؟".
وحول ما يثار عن ملفات عنان لدى النائب العام،
أضاف مستنكرا "هل عنان لديه ملفات فساد وحكامنا بالوقت الراهن ملائكة
وقديسيون يكشفون الفساد" قائلا إن "الرأي عندي أنهم كلهم فاسدون بلا
استثناء وأن الصراع على حجم المزايا والمنافع التي يكسبونها وأن العملاق الأبله
_ الشعب_ خارج اللعب بالمرة".
وأكد أن "عباس كامل مدير مكتب السيسي
ورئيس المخابرات العامة المؤقت، لديه ملفات فساد لا تنسى، وكذلك عنان، وطنطاوي،
وحتاته، وشفيق".
ملف فساد عنان شغل قطاعا عريضا من المتاعبين عبر مواقع التواصل، وفرق الأكاديمي
المصري المعارض، يحيى القزاز، بين عنان والسيسي بقوله "ليس دفاعا عن فساد،
عنان فاسد والسيسى خائن"، وأضاف عبر فيسبوك "لنقر بكل ماتشيعه سلطة
(الاحتلال) عن فساد عنان؛ لكن فساد عنان لايقارن بخيانة وعمالة السيسى".
وأكد أن "عنان، استغل منصبه واستفاد؛ لكنه
لم يفرط بنهر فيقتل شعبا، ولم يفرط بأرض فيشرد شعبا"، مطالبا "من يكتب
عن فساد عنان أن يكتب عن خيانة وعمالة وتفريط السيسي".
ووجه الكاتب الصحفي سليم عزوز، حديثه للسيسي،
قائلا: "شوف يا عبدالفتاح؛ ولي أمرك طنطاوي، حرض بعض الصحف على نشر ما قيل
أنه فساد عنان، وأنت قدمت للرئيس مرسي ما قلت إنه ملف فساد عنان، عندما استشعرت
أنه يمكن أن يختاره وزيرا للدفاع، وهذا الملف أثير قبل أربع سنوات عندما قرر سامي
عنان الترشح في 2014، ومع كل هذا تم طي الملف، الذي عدت لتلمح به الآن وسامي عنان
يترشح".
وطالب عزوز، السيسي وعنان، بإعلان إقرار الذمة
المالية بحكم الدستور، قائلا "قدما الإقرارات، والناس المعنية بالانتخابات
تختار بينكم".
وقال الكاتبة الصحفية مي عزام، "أنا على
ثقة أن تابعي السيسي في الإعلام لن يمسوا ذمة عنان المالية، لأنه لو حدث ذلك سيفتح
أبواب الجحيم على المؤسسة العسكرية كلها"، متوقعة "ألا يتورط السيسي في
ذلك لأن النار ستتطوله في النهاية".
صندوق الشرور
أما رئيس الحزب العلماني المصري هشام عوف، فقد
طالب النظام بالانتباه إلى أن "اتهام عنان بالفساد والتواطؤ يطال المشير
طنطاوي ويفتح صندوق الشرور"، ويمس قيادات الجيش ويعني أن طنطاوي وعنان تآمرا
مع الأمريكان، قائلا "أوقفوا هذه المهزلة"، و ابحثوا عن سكة ثانية
لمحاربة عنان لأن ذلك يفتح "صندوق الشرور".