هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
"بابا أنا هنا.. أنا إسراء وجهي تشوه لكني إسراء بابا.. أنا كما أنا.. أنا إسراء"، بتلك الكلمات التي تعبر عن فظاعة إصابتها، حاولت الأسيرة الفلسطينية إسراء جعابيص أن تبدد حيرة والدها الذي لم يعرفها خلال زيارته الأولى لها داخل السجن الإسرائيلي.
حروق متقدمة
وأوضحت منى جعابيص؛ وهي شقيقة الأسيرة إسراء رياض جميل جعابيص "أم المعتصم بالله" (33عاما)، من قرية جبل المكبر بالقدس، أن قوات الاحتلال اعتقلت شقيقتها، بتاريخ 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، "بعد وقوع حادث سير خلال قيادتها لسيارتها على بعد نحو 1500 متر من حاجز زعيم العسكري الإسرائيلي، وهو أحد حواجز مدينة القدس الرئيسية، عقب احتراق سياراتها ".
ولفتت في حديثها الخاص مع "عربي21"، أن سلطات الاحتلال وجهت للأسيرة المتزوجة وهي أم لطفل اسمه "المعتصم بالله" يبلغ من العمر 10 أعوام، تهمة "الشروع في القتل والتحريض، وحكمت عليها بالسجن 11 عاما"، حيث أدانت المحكمة الإسرائيلية جعابيص بنيتها تنفيذ عملية من خلال تفجير أسطوانة غاز.
ونفت جعابيص، وقوع أي انفجار كما يدعي الاحتلال، ودللت على ذلك بأن "زجاج السيارة سليم ولم يتعرض للكسر؛ وهو دليل ملموس على عدم وقوع انفجار أو وجود أي مواد متفجرة كما يدعي الاحتلال".
ونوهت جعابيص، إلى أن السيارة التي "احترقت بسبب ماس كهربائي، أدت إلى اشتعال النار بها وإصابة إسراء بحروق أتت على نحو 65 في المئة من جسدها تضمنت الوجه واليدين، وبترت بسببها 8 أصابع".
كما "تسببت الحروق التي في معظمها من الدرجة الثالثة، بوجود التصاقات في الكتف الأيمن والرقبة، مما يعيق قدرتها على الحركة، والتصاقات أخرى في أنفها وأذنيها وبطنها والعديد من المناطق المختلفة في جسدها، كما تضررت العين اليمنى"، وفق شقيقة الأسيرة.
حرارة وبرد
وأكدت أن الأسيرة "أم المعتصم بالله"، "لا تستطيع السير لمسافات طويلة، من الألم المتواصل في قدميها ومختلف أنحاء جسدها، وتعاني من استمرار ملازمة الحرارة لها طيلة اليوم والليلة، مما يدفع بالأسيرات معها لتشغيل المروحة لها في هذه الأجواء شديدة البرودة".
ومع ملازمة الألم للأسيرة التي "تعاني من حالة نفسية صعبة للغاية، اضطرت للتخلي عن بعض الأمور لديها، من أجل التخفيف من تلك المعاناة المستمرة، وقامت بقص شعرها".
وذكرت جعابيص، أن "سلطات السجون الإسرائيلية، لا تستجيب لطلبات إسراء المتكررة لحاجتها الماسة والحرجة للعلاج، وتكتفي فقط بإعطائها بعض الأدوية المسكنة للألم بعد وقت طويل، وتصبح بلا فائدة منها"، كاشفة أن "سلطات السجون تعطي إسراء أدوية أعصاب، وهي أدوية لا تعطى إلا لمن عندهم خلل دماغي، وهذا يشكل خطر مضاعف علي حياتها".
وتابعت: "إسراء بحاجة لأكثر من 8 عمليات جراحية ضرورية وسريعة، بخلاف العمليات التجميلية، كي تتمكن على الأقل من الأكل والشرب بشكل جيد، والمشي والحركة بنسبة أقل من الألم".
ضحك هستيري
وحول حالة الطفل "المعتصم بالله"، الذي يقيم معها في ذات المنزل منذ اعتقال والدته، قالت: "في حياتي لم أجد طفلا يجلس بالساعات وهو ساكت، وعندما يشاهد شخصية المهرج في التلفاز يضحك بشكل هستيري، وفي الوقت ذاته يبكي ويذرف الدموع".
وأفادت أن "الأسيرة أم المعتصم التي عملت في دار للمسنين، كانت تقيم فعاليات ترفيهية للأطفال والمسنين، وتشارك بها كمهرج لإدخال السرور والفرح على الأطفال والكبار".
وأشارت في حديثها لـ"عربي21"، أن "المعتصم بالله، يرفض اللعب بالألعاب الكثيرة المتوفرة لديه، وينتظر خروج أمه من السجن كي يلعب معها"، منوهة إلى أنها فوجئت عندما عثرت على بعض الملابس النادرة والتراثية التي تناسب سن 16 عاما، التي قامت شقيقتها الأسيرة بشرائها لابنها والاحتفاظ بها في خزانتها الخاصة.
وعلقت والدموع تملأ عينيها على ذلك بقولها: "أين حقوق الإنسان؟ أين العدل؟ كيف يجرؤ الاحتلال على حرمان هذه الأم البريئة من طفلها الوحيد، ويعتقلها ويسجنها بلا سبب"، مضيفة: "إسراء تنادي وامعتصماه ولا مجيب".
ومن أصعب وأشد المواقف التي مرت بعائلة الأسيرة إسراء، عند زيارة العائلة لها في سجن "هشارون" العسكري الإسرائيلي، و"عند اقتراب والدي من إسراء كان ينظر إليها ويتقدم نحوها ويتراجع مرارا، وهو يقول لإسراء: من أنت من أنت؟.. فردت عليه إسراء: بابا أنا هنا.. أنا إسراء وجهي تشوه لكني إسراء بابا.. أنا كما أنا.. أنا إسراء"، وفق شقيقة الأسيرة.
ومجددا أكدت شقيقة الأسيرة، أن جنود الاحتلال الإسرائيلي، "تركوا الأسيرة المصابة تحترق داخل السيارة أمام أعينهم، وهي بداخلها ولم يتحرك جنود الاحتلال لإنقاذها من النار التي اشتعلت بجسدها"، وفق تأكيدها.