نشر موقع "لايف ساينس" الأمريكي تقريرا، سلط من خلاله الضوء على نظرية جديدة، تمكن مجموعة من علماء الفيزياء من التوصل إليها، وذلك في محاولة لتفسير سبب تميز عالمنا بثلاثة أبعاد.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"؛ إن مجموعة من الفيزيائيين نجحوا في بلورة نظرية جديدة يعتقدون أنها من المحتمل أن تساعد في تفسير ثلاثية أبعاد الكون. كما يعتقد الفيزيائيون أن نموذجهم الجديد يمكن أن يفسر أيضا عمليات التضخم، والتوسع الأسي في الفضاء التي شهدها الكون بعد لحظات فقط من
الانفجار العظيم.
وذكر الموقع أن الباحث توماس كيفارت من جامعة فاندربيلت وأربعة من زملائه من جميع أنحاء العالم؛ أرادوا معرفة لماذا يوجد في الكون ثلاثة أبعاد فقط. وفي هذا الشأن، صرح الباحثون أن سيناريوهات الجاذبية الكمومية على غرار نظرية الأوتار.. تفترض وجود تسعة أو عشرة أبعاد للفضاء على المستوى الأساسي.
وأفاد الموقع أن الباحثين عمدوا في دراستهم إلى الجمع بين فيزياء الجسيمات ونظرية العقد في الرياضيات لمحاولة فهم هذا اللغز الكوني. فضلا عن ذلك، تبنى الباحثون مفهوم "أنابيب التدفق المغناطيسي"، التي تعد بمثابة خيوط مرنة للطاقة والتي تعمل على ربط الجسيمات الأولية معا.
وأوضح الموقع أن الباحثين قاموا في مرحلة ثانية بتحفيز ترابط الكوارك، أي الجسيمات الأولية التي تشكل البروتونات والنيوترونات، معا، وذلك من خلال نوع آخر من جسيمات أولية أخرى تسمى "غلوون" التي تعمل "كالغراء" لوصل جسيمات الكوارك معا. وتتوسط جسيمات الغلوون جسيمات الكوارك الإيجابية والكواركات المضادة السلبية المماثلة لتربطها بأنابيب تدفق الطاقة.
وفي مقال نشرته المجلة الفيزيائية الأوروبية "سي"، بين الباحثون أنه "في حال تشابك اثنين أو أكثر من أنابيب التدفق، يصبح الوضع مستقرا أكثر. وإذا اتخذت الأنابيب شكل العقدة، ستصبح في وضعية أكثر استقرارا ويمكنها أن تنجو من الاضمحلال". وأوضح الباحثون أن "العقدة أو الرابط بين أنبوبين تدفق لا تكون وطيدة بشكل كلاسيكي، إلا إذا لم يتمكنا من التقاطع أو إعادة الاتصال أو المرور عبر بعضهما البعض. وتؤدي هذه التفاعلات إلى تحجيم السلوك المعروف بتوسع نطاق شبكة الأوتار الكونية، الذي لوحظ في عدة أمثلة للأوتار الفائقة".
ومن المثير للدهشة أنه خلال لحظات الانتقال، على غرار ما حدث في الانفجار العظيم، تتفكك الجسيمات المرتبطة ببعضها البعض، ويستمر أنبوب التدفق في التمدد حتى يصل إلى نقطة حيث ينكسر. عندما يحدث ذلك، يطلق أنبوب التدفق ما يكفي من الطاقة لتشكيل زوجين جديدين من الكواركوالكوارك المضادة الذين ينقسمان ليرتبطا مع الجسيمات الأصلية، ما يساهم في إنتاج زوجين من الجسيمات المقيدة.
وأضاف الموقع أن الفيزيائيين شبهوا هذا النموذج الجديد بعملية قطع قطعة مغناطيس في المنتصف، ما ينتج عنه تياران مغناطيسيان أصغر حجما يكون لهما قطب شمالي وآخر جنوبي. وفي حال ترابطت الأنابيب في شكل عقدة، يمكن أن تتسع بسرعة ويتضاعف عددها. من جانب آخر، احتسب فريق الباحثين الطاقة التي قد تحتويها شبكة أنابيب التدفق المغناطيسي هذه، ليكتشف أنها كفيلة بتعزيز التضخم الكوني في مرحلة مبكرة.
ونقل الموقع عن توماس كيفارت؛ أن "أنابيب التدفق المغناطيسي تتشكل تلقائيا خلال مرحلة الانتقال هذه". ووفقا للباحثين، وفي بيئة ذات طاقة عالية للغاية، كانت بلازما الكواركالغلوونية لتكون بيئة مثالية لتشكيل أنبوب تدفق سريع في الكون خلال مراحله الأولى. كما لاحظ فريق الباحثين أن هذا الأمر لن يعمل بشكل فعلي إلا إذا كان الكون يتكون من ثلاثة أبعاد، وإذا قمنا بإضافة المزيد من الأبعاد، تصبح العملية غير مستقرة.
وذكر الموقع أن النموذج الجديد للباحثين يستند إلى ثلاثة أبعاد من بين جميع الأبعاد التي من المحتمل أنها توجد في الفضاء؛ نظرا لأن ثلاثة أبعاد فقط يمكن أن تتضخم وتتوسع. وبالتالي، يفسر هذا النموذج لماذا نعيش في ثلاثة أبعاد مكانية كبيرة، حيث أن أنابيب التدفق المغنطيسي التي تترابط في شكل عقد غير مستقرة طوبولوجيا في أعلى أبعاد الزمان/المكان.
وأشار الموقع إلى أنه من الناحية الفنية، يتفق هذا النموذج مع نموذج حاسوبي صمم سنة 2012، حيث وجد العلماء اليابانيون أنه في لحظة الانفجار العظيم، كان الكون ذا 10 أبعاد، ولكن توسعت ثلاثة أبعاد فقط من هذه الأبعاد المكانية. بناء على ذلك، من المرجح أن الفضاء ثلاثي الأبعاد الذي نعيش فيه قد تشكل من 10 أبعاد، تماما كما تكهنت نظرية الأوتار الفائقة. كما تتفق نظرية هؤلاء الباحثين الجديدة مع نظريات المقياس، وهي نظريات يستخدمها الفيزيائيون لوصف حدود القوانين المادية وكيفية تطبيقها على التحولات المتماثلة.
وقال كيفارت إن شبكة أنابيب التدفق لا توفر الطاقة اللازمة لحدوث عملية التضخم فحسب، بل تفسر لماذا توقفت فجأة. ففي الواقع، ومع بدء الكون في التوسع، بدأت شبكة أنابيب التدفق تتحلل ثم تفككت في نهاية المطاف، ما ساهم في القضاء على مصدر الطاقة الذي كان يغذي عملية التوسع. كما أوضح الباحثون أنه عندما انهارت شبكة أنابيب التدفق المغناطيسية ملأت الكون بالغاز المليء بالجسيمات دون الذرية والإشعاعات، ما سمح بتطور الكون إلى ما هو عليه اليوم.