أثارت مجزرة كمين الواحات بالصحراء الغربية في
مصر، التي راح ضحيتها 53 من ضباط وأفراد الشرطة التساؤل حول أداء قوات الأمن المصرية ودورها في سيناء أو الصحراء الغربية واستمرار تعرضها لخسائر بشرية ومادية كبيرة.
وقتل 53 من عناصر الشرطة المصرية في اشتباكات مع مسلحين مساء الجمعة، في منطقة الواحات في الصحراء الغربية، وهم بحسب وزارة الداخلية: 35 مجندا، و18 ضابطا (10 ضباط عمليات خاصة، و7 ضباط بالأمن الوطني، وضابط بالمباحث)، وبينهم ضابطان برتبة عميد وآخر برتبة عقيد، و10 برتبة مقدم، ورائدان و7 برتبة نقيب.
"تحميها مش تبنيها"
وتتزامن جريمة الواحات مع حملة "#علشان_تبنيها"، التي يتزعمها موالون للنظام وإعلاميون وفنانون وتدعو الشعب للتوقيع عليها لمطالبة قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي بالترشح لانتخابات الرئاسة في 2018، وهو ما دفع بعض المصريين بعد
مجزرة الواحات إلى القول: عليك أن "تحميها مش تبنيها".
وقالت الإعلامية إيناس الشواف، عبر صفحتها في "فيسبوك": "حد يقول للسيسي أن شغل الجيش يحميها مش يبنيها"، مضيفة أن "الضباط بتتصفى في سيناء والواحات كل كام يوم"، مخاطبة إياه بقولها: "حضرتك روح ركز معاهم وسيب البناء والاقتصاد والسياسة لناسها".
وانغمست مؤسسات الجيش والشرطة في إنشاء المشروعات التجارية والاقتصادية وبناء المساكن والمشروعات الهندسية على حساب الأمن الداخلي وحماية حدود البلاد، فيما أكدت تقارير صحفية سيطرة الجيش وحده على أكثر من 60 في المئة من اقتصاد البلاد.
وطالب آخرون بمحاسبة السيسي ووزير داخلية الانقلاب مجدي عبد الغفار، وحملوهما مسؤولية دماء المصريين، وبينهم الكاتب الصحفي، صبحي بحيري، الذي قال عبر "فيسبوك": "المذبحة التي شهدتها الواحات اليوم تستوجب محاكمة مجدي عبد الغفار ومساعديه قبل إقالتهم".
اقرأ أيضا: السيسي يتجاهل حادث الواحات ويحتفل بالعلمين.. نشطاء يعلقون
نزيف الدماء
والمجزرة تضاف إلى سجل العمليات المتوالية بحق أفراد وضباط الجيش والشرطة في سيناء والصحراء الغربية (غرب البلاد)، وتأتي بعد هجوم مسلح على كمائن أمنية في شمال سيناء، وهجوم على بنك في مدينة العريش، الأسبوع الماضي.
وبداية حزيران/ يونيو 2014، هاجم مسلحون كمين الفرافرة التابع لقوات الجيش في الصحراء الغربية، ما أدى إلى مصرع ضابط وخمسة مجندين، بعد ضبط الجيش أربعة مهربين من محافظة مطروح.
وفي 19 تموز/ يوليو 2014، نفّذ مسلحون هجوما على الكمين ذاته، أسفر عن مقتل 28 ضابطا ومجندا، وتبناه تنظيم "ولاية سيناء".
وفي أيلول/ سبتمبر 2015، شهدت صحراء الواحات مقتل 8 سائحين مكسيكيين، وأربعة مصريين، استهدفتهم قوات الأمن المصرية "عن طريق الخطأ".
وكانت عناصر مسلحة قد شنت هجوما على كمين للجيش قبل واقعة مقتل السياح المكسيكيين، بثلاثة أسابيع، بينما لم يعلن الجيش عن العملية وخسائره بها.
وفي 31 أيار/ مايو 2017، قتل ثلاثة ضباط ومجند إثر انفجار حزام ناسف كان بحوزة أحد المسلحين أثناء حملة لقوات الجيش في الواحات البحرية.
وفي 6 تموز/ يوليو 2017، قتل مهندس وعاملان كانوا يستقلون سيارة دفع رباعي، في قصف صاروخ أُطلِق عليهم بجوار بئر مياه في الواحات البحرية أيضا.
ورغم حالة "الفشل" الأمني في التعامل مع المسلحين والمهربين وعناصر تنظيم الدولة في سيناء والصحراء الغربية، تستعرض تلك القوات سطوتها على المواطنين العزل وتقوم باقتحام المنازل بشكل يومي وتحطيمها واعتقال المعارضين السلميين، وفق النشطاء.
أسئلة تحتاج لجواب
وفي تعليقه على أحداث المجزرة، قال رئيس حزب الجيل الديمقراطي، ناجي الشهابي، إن "سقوط 53 شهيدا من أكفأ أبطالنا؛ خسارة فادحة وكارثة بكل المقاييس تستوجب التحقيق والمحاسبة الفورية".
وقال لـ"
عربي21"، إن "تكرار العمليات الإرهابية يؤكد وجود أخطاء"، مضيفا أن "هناك أسئلة كثيرة تطرح نفسها عقب حادث الواحات تجعلنا نطالب بتحقيق جاد وعاجل وإعلان نتائجه على الرأي العام فورا"، متسائلا: "كيف استطاعت العصابة الإرهابية إعداد كمين لقوات الشرطة المكونة من 5 مدرعات مدربة على أعلى تدريب؟".
وطالب الشهابي بتشريعات جديدة، وقال إن "التشريعات الموجودة لمكافحة الإرهاب غير كافية، وتعديل قانون الإجراءات الجنائية بمجلس النواب منذ 3 سنوات وعقب كل عملية إرهابية نطالب البرلمان بالتعديلات، ولكنه للأسف نائم".
وأشار الشهابي إلى أن "العمليات الإرهابية زادت في ظل العمل بقانون الطوارئ؛ ما بات يتطلب مراجعة سريعة لكل خططنا فى مواجهة الإرهاب المسلح بأحدث الأسلحة".