كتب وزير المالية
القطري علي الشريف
العمادي مقالا في مجلة "نيوزويك"، أكد فيه أن قطر تكيفت مع
الحصار الذي تقوده
السعودية على بلاده.
ويقول العمادي: "إن الامتحان الحقيقي للشخصية هو كيفية تصرفنا، بصفتنا أفرادا وشركات وحكومات، في الخطر والشدة، هل نتراجع أمامها أم أننا نعتمد على قدرتنا في الإبداع والشجاعة؟".
ويضيف الوزير: "تعيش دولة قطر في الأشهر الأربعة الماضية أزمتها الخاصة، وهي ضحية لحصار بري وبحري وجوي استبدادي فرضته السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين عليها، ورغم ذلك فإن كان قصد الحصار تركيع قطر، فإن الأمر كان له أثر معاكس، فبعد شعورنا بالخطر قمنا بانتهاز الفرصة وعززنا موقفنا السياسي والاقتصادي".
ويتابع العمادي في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، قائلا إن "أمتنا اتبعت لسنوات عدة استراتيجية التنويع العالمي للاقتصاد، واستثمرنا بحكمة ولأمد طويل، ونتيجة لهذا فإن قطر أنشأت علاقات تجارية قوية مع دول العالم، ومنذ 5 حزيران/ يونيو وعندما بدأ الحصار فإننا ضاعفنا جهودنا لتقوية العلاقات الموجودة وبناء علاقات جديدة، والنتائج واضحة للعيان".
ويمضي الوزير قائلا: "أثبت اقتصادنا تصميما، وقام بالتكيف وبنجاح مع الحصار، وتظهر يوميا فرص جديدة نتيجة لهذا الأمر، وأصبحت الرغبة بالاكتفاء الذاتي هي رغبة يشترك فيها سكان قطر كلهم".
ويشير العمادي إلى أنه "على المستويات كلها، فإن الحياة اليومية، بدءا من المنظور
الاقتصادي، لم تتأثر، بل إنها تتحسن بطرق عدة".
ويعلق الوزير قائلا إن "أسواقا جديدة تم الإعلان عنها، ومن بينها ما أعلنت قطر عنه قبل فترة من خطط لتصدير الغاز المسال إلى بنغلاديش، وعلى مدى 15 عاما، واستطاعت قطر وبسرعة تحديد جنوب آسيا ليكون سوقا جديدة توسع من خلالها سوق الغاز الطبيعي المسال، وسنحاول الاستفادة بالكامل من هذه الفرصة".
ويلفت العمادي إلى أن "افتتاح ميناء حمد الجديد وسع خطوط الملاحة البحرية، بما فيها عمان وتركيا والهند وباكستان، بشكل تجاوز منطقة جبل علي في
الإمارات العربية، وأدى هذا إلى تخفيض كلفة الملاحة البحرية بنسبة 31%، وفي السياق ذاته ونتيجة للحصار الجوي، فإن خطوط التجارة الجديدة أدت إلى زيادة الفعالية، فالصادرات الغذائية الهندية، التي كانت تتوقف في طريقها لقطر في الموانئ الجوية الإماراتية والسعودية، تسافر الآن مباشرة لقطر، التي ستثبت على مرور الزمن فعالية من ناحية الوقت والكلفة".
ويبين الوزير أن وفرة الخيارات عن تلك التي كانت متوفرة من السعودية والإمارات ستترك آثارا بعيدة المدى، وتخفض الأسعار، مشيرا إلى أن الاضطراب خلق فرصا جديدة في المجال الجوي، واستطاعت الخطوط الجوية القطرية توسيع خدماتها في الأسواق الموجودة والمربحة، مضيفة إليها 24 سوقا جديدة خلال الـ12 شهرا القادمة.
ويقول العمادي إن المستثمرين سيتساءلون عن المخاطر المالية القطرية بسبب الحصار، ويجيب قائلا إن "الحصار، وإن سرّع من خطوات تنويع الاقتصاد إلى قطاعات تقوم على المعرفة، إلا أن النفط والغاز لا يزالان يشكلان نصف الدخل القومي العام، وبالتأكيد، فإن الفضل يعود لهذا للغنى في هذا المعدن، إلا أن لدينا مرونة، ولدينا الأرصدة والأمن الذي نريده للتأكد من الاستقرار لمدة طويلة في المستقبل".
وينوه الوزير إلى أن "الأرصدة الأجنبية والاستثمارات الخارجية تمثل نسبة 250% من الدخل القومي العام، التي لا تسمح فقط للدفاع عن الاقتصاد والعملة والتنويع والإبداع في الاتجاهات كلها".
ويمضي العمادي للقول: "لا نرحب بأي طريقة بالحصار، فإنه ترك تداعيات إنسانية خطيرة، من خلال فصل الآباء عن الأبناء، والتلاميذ عن المدارس، والأعزاء عن بعضهم، لكننا نتعامل معه بصفته محفزا لتفكير جديد وفرص تجارية ودبلوماسية".
ويؤكد الوزير القطري أن "هذا النهج يؤتي ثماره، ويمنح تجارة مستمرة وحياة جيدة للقطريين، لكن علينا ألا ننسى الذين يستهدفهم الحصار وهم الناس العاديون، الذين كانوا يحبون العمل والتعلم والعيش معنا".
ويقول العمادي: "في الوقت الذي تحضر فيه الوفود من أنحاء العالم للاجتماع في واشنطن هذا الأسبوع، في اللقاء الدوري للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فإننا سنناقش القضايا المتعلقة بالمجتمع الدولي، بما في ذلك الرؤية الاقتصادية العالمية، والتخلص من الفقر، والتنمية الاقتصادية، وفعالية المساعدات".
ويضيف الوزير: "نؤكد للعالم أن انقطاع التضامن الإقليمي والأزمة الإنسانية التي فرضها علينا جيراننا أمر لن ينسى، وستواصل قطر القيام بدورها، ودعم النمو العالمي والتنمية الإقليمية".
ويختم العمادي مقاله بالقول: "لقد سجلت سابقة في فرض حصار غير قانوني يتحدى المواثيق الدولية المعروفة، ومع الخطر تأتي الفرصة التي تعالج الظلم، وهي فرصة على المجتمع المالي العالمي الذي يتجمع في الولايات المتحدة انتهازها".