سعت
فرنسا للحيلولة دون أن يؤثر اختراق رسائل البريد الإلكتروني لحملة المرشح الأبرز في
انتخابات الرئاسة الفرنسية إيمانويل
ماكرون على نتيجة الانتخابات، في الوقت الذي حذرت فيه لجنة الانتخابات السبت من أن إعادة نشر المعلومات التي جرى الحصول عليها عبر عملية الاختراق الإلكتروني قد تمثل تهمة جنائية.
وقالت حملة ماكرون إن رسائل إلكترونية ووثائق ومعلومات بخصوص تمويلها كانت هدفا لتسلل إلكتروني "ضخم" قبل نهاية الحملات الانتخابية، الجمعة، ودخول فرنسا مرحلة الصمت الانتخابي الذي يمنع الساسة من التعليق على
التسريبات.
وظهرت البيانات المسربة في الوقت الذي تتوقع فيه استطلاعات الرأي أن ماكرون يتجه لتحقيق فوز مريح على زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان في انتخابات اليوم الأحد؛ إذ تظهر أحدث الاستطلاعات اتساع تقدمه إلى نحو 62 في المئة مقابل 38 في المئة.
وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند لوكالة الأنباء الفرنسية: "ندرك أن هذا النوع من الخطر ممكن الحدوث أثناء الحملة الانتخابية؛ لأنه وقع في أماكن أخرى. لن يمر شيء دون رد".
وجاء في بيان للجنة الانتخابية الفرنسية: "عشية أهم انتخابات لمؤسساتنا، تدعو اللجنة كل شخص موجود على مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، لا سيما وسائل الإعلام، وأيضا جميع المواطنين، إلى التحلي بالمسؤولية، وعدم نقل هذا المحتوى؛ من أجل عدم تشويه صدق الاقتراع".
لكن اللجنة التي تشرف على العملية الانتخابية قد تجد أن من الصعب تطبيق لوائحها في عصر يحصل فيه الناس على قدر كبير من أخبارهم من على الإنترنت، وتتدفق فيه المعلومات بحرية عبر الحدود، ولا تعرف فيه هوية كثير من المستخدمين.
وأضاف البيان: "اللجنة تؤكد أن النشر وإعادة النشر لتلك البيانات... ربما يكون تهمة جنائية".
وغطت وسائل الإعلام الفرنسية التسلل الإلكتروني الذي استهدف حملة ماكرون بأساليب عديدة؛ إذ وضعته صحيفة ليبراسيون ذات التوجهات اليسارية في صدر موضوعات موقعها الإلكتروني، لكن القنوات التلفزيونية الإخبارية آثرت عدم التطرق إليه.
وقالت صحيفة لو موند، على موقعها على الإنترنت، إنها لن تنشر مضمون أي وثائق مسربة قبل الانتخابات، وعللت ذلك بأن الكمية الضخمة من البيانات تعني عدم وجود وقت كاف لنشرها بطريقة مناسبة، وأيضا بسبب وضوح غرض تسريبها قبل 48 ساعة من التصويت؛ بهدف التأثير عليه.
وقالت الصحيفة: "إذا كانت تلك الوثائق تحتوي على كشف ستنشرها لو موند بالطبع بعد التحقق منها؛ احتراما لقواعدنا الأخلاقية والصحفية، ومع عدم السماح لأنفسنا بأن تستغلنا عناصر مجهولة لصالح أجندتها في النشر".
وفيما انتشر بقوة وسم على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تسريبات ماكرون مساء الجمعة، قال فلوريان فيليبو نائب زعيمة الجبهة الوطنية في تغريدة: "هل ستعلمنا تسريبات ماكرون أي شيء تجاهلته عمدا الصحافة الاستقصائية؟"
زعزعة استقرار
ونشرت بيانات تصل إلى تسعة جيجابايت قيل إنها وثائق من حملة ماكرون على موقع يسمح بالتبادل الحر للوثائق دون تحديد المصدر.
ولم يتضح حتى الآن المسؤول عن التسريب، لكن حركة ماكرون السياسية قالت في بيان إن التسلل محاولة لزعزعة الديمقراطية وتدمير الحزب.
وقالت: "حركة إلى الأمام وقعت ضحية لتسلل ضخم ومنسق".
وقالت حركة إلى الأمام إن الوثائق التي جرى تسريبها تتعلق بعمليات عادية للحملة، وتتضمن بعض المعلومات عن حساباتها. وتابعت بأن المتسللين مزجوا وثائق مزيفة بأخرى حقيقية؛ "لزرع الشكوك والتضليل".
وينظر إلى انتخابات الرئاسة الفرنسية الأحد على أنها أهم انتخابات تشهدها فرنسا منذ عقود، والتي تجري بين مرشحين آراؤهم على طرفي نقيض.
وتقول لوبان، زعيمة الجبهة الوطنية، إنها ستغلق الحدود، وستتخلى عن اليورو، في حين يريد ماكرون زيادة التعاون الأوروبي، ويريد اقتصادا مفتوحا.
وحذرت نقابة رجال الشرطة في فرنسا، في بيان، من خطر وقوع عنف في يوم الانتخابات من جانب نشطاء اليمين المتطرف أو اليسار المتطرف.
وقالت الشرطة إن طلبة ينتمون لليمين المتطرف اقتحموا أحد مكاتب حزب ماكرون في جنوب شرق مدينة ليون، مساء الجمعة، وأشعلوا قنابل دخان، ومزقوا أوراقا نقدية مزيفة تحمل صورته.
ومن المقرر أن يوفر الأمن خلال يوم الانتخابات الأحد أكثر من 50 ألفا من رجال الشرطة، إضافة إلى 7000 جندي. وسيؤمن أكثر من 12 ألفا من أفراد الأمن منطقة باريس وحدها.
وفرنسا أحدث دولة تلقي مزاعم بشأن إساءة استخدام الإنترنت بظلالها على الانتخابات فيها، بعد أن قالت وكالات مخابرات أمريكية، في يناير/ كانون الثاني، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر باختراق مواقع مرتبطة بمرشحة الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون؛ للتأثير على النتيجة لصالح مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب.
وقال فيتالي كريميز، مدير الأبحاث في شركة فلاش بوينت، المتخصصة في توفير المعلومات، ومقرها نيويورك، لرويترز، إن المراجعة التي قام بها تشير إلى أن مجموعة (إيه.بي.تي) المرتبطة بالمخابرات العسكرية الروسية وراء هذا التسريب.
ونفى الكرملين أنه وراء مثل هذه الهجمات الإلكترونية، غير أن معسكر ماكرون جدد شكواه من وسائل الإعلام الروسية وجماعة للتسلل تنشط في أوكرانيا.