نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا للمحرر المساعد لأخبار الشرق الأوسط نيخيل لوهادي، يتحدث فيه عن التقرير الصادر عن
صندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن سياسة مشاركة أرباح
النفط من خلال الوظائف الحكومية والدعم السخي لم تعد مناسبة للسعودية ولا لجيرانها في الشرق الأوسط، بحسب صندوق النقد الدولي، الذي حث تلك الدول على التركيز على تطبيق خطط
اقتصادية طموحة تقوم على التنويع.
ويورد الكاتب نقلا عن الصندوق قوله في آخر تقرير له عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان: "إن التحدي هو تطوير نموذج للنمو الاقتصادي يكون مرنا وشاملا.. وبالذات أن هناك حاجة لتخفيف الاعتماد على النفط، وتوليد ما يكفي من الوظائف في القطاع الخاص لقوة عاملة سريعة النمو".
وتذكر الصحيفة أن
السعودية وعدة دول خليجية قامت في السنوات الأخيرة بالتقليل من النفقة للتعامل مع التراجع الكبير في دخل النفط، الذي يشكل الجزء الأكبر من دخل الحكومة، فألغت السعودية مثلا المكافآت الإضافية، ومنعت صرف البدلات للموظفين الحكوميين في شهر أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، بعد أشهر من قيامها بالتخفيف من دعم المحروقات والكهرباء والماء.
ويستدرك التقرير بأن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز قام في تحرك مفاجئ أواخر الشهر الماضي بإعادة صرف البدلات والمكافآت الإضافية لموظفي الحكومة؛ بسبب الزيادة في الدخل، والتراجع في عجز الميزانية.
ويلفت لوهادي إلى أن الطبقة المتوسطة من العاملين في العادة في الوظائف الحكومية، التي اعتادت على المساعدات الحكومية السخية، اضطرت لأن تصبح أكثر وعيا حول الإنفاق في الأشهر الأخيرة، مشيرا إلى أن السعوديين يترددون في الشكوى من المشكلات الاقتصادية، إلا أن الكثير من المواطنين السعوديين انتقدوا الترشيد من نفقات الرعاية العامة، خاصة أن خفض النفقات لا ببدو أنه أثر في الأثرياء.
وتقول الصحيفة إنه "يتوقع أن تدعم إعادة المكافآت الإضافية والبدلات نفقات المستهلكين، وتساعد على إحياء النمو في المملكة، بالإضافة إلى أنها ستساعد على تهدئة الأعصاب، في الوقت الذي تستمر فيه السعودية في إنفاق المليارات في الخارج، بما في ذلك حرب مكلفة لا تحظى بشعبية في اليمن".
ويبين التقرير أن السعودية، كغيرها من البلدان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كشفت العام الماضي عن خطة طموحة لإعادة صياغة اقتصادها، الذي يعتمد على النفط، عرفت باسم "رؤية السعودية 2030"، مشيرا إلى أن نجل الملك سلمان وخليفته المحتمل، نائب ولي العهد الأمير
محمد بن سلمان، هو من يتولى قيادة عملية الإصلاح.
ويفيد الكاتب بأنه في الوقت الذي تأخذ فيه إجراءات شد الأحزمة مفعولها، فإن عجز الميزانية السعودية العام الماضي تراجع إلى 79 مليار دولار، من 98 مليار دولار عام 2015، حيث يتوقع أن يصل العجز في الميزانية إلى 53 مليار دولار عام 2017، مبينا أنه ليس واضحا أثر إعادة المكافآت الإضافية والبدلات لموظفي الحكومة على خطط المملكة لموازنة حساباتها مع حلول عام 2020.
وتنقل الصحيفة عن صندوق النقد الدولي، قوله: "تحتاج البلدان لأن تحافظ على تركيزها على تطبيق خطط تنويع اقتصادها -ودعم الإصلاحات البنيوية- وذلك لتعزبز مرونة الاقتصاد"، وأضاف الصندوق أن على تلك البلدان أن تجعل الأولوية للإجراءات التي تشجع على النمو، مثل الإصلاحات المتعلقة بأسعار الطاقة، وتخفيض النفقات الحالية، والقيام بإجراءات لتحسين الواردات، من خلال وضع نظام ضرائب محسن.
وينوه التقرير إلى أن الصندوق يتوقع أن ينمو اقتصاد السعودية، وهو الاقتصاد الأكبر في الشرق الأوسط، بنسبة 0.4% هذا العام، و1.3% عام 2018، لافتا إلى أن ذلك انخفاض عن تقدير الصندوق في شهر كانون الثاني/ يناير، الذي كان 2.3% للسنة القادمة؛ بسبب تراجع إنتاج النفط، والاستمرار في سياسة التقشف في المملكة.
وينقل لوهادي عن الصندوق، قوله إن الانخفاض في النمو متوقع للبلدان المصدرة للنفط في المنطقة كلها، بعد أن اتفقت السعودية مع المصدرين الرئيسيين للنفط الخام على خفض الإنتاج لترتفع الأسعار، مشيرا إلى أن تخفيض الإنتاج ساعد على استقرار أسعار النفط في الأشهر الأخيرة، بعد أن انخفض إلى حوالي النصف منذ منتصف عام 2014.
وبحسب الصحيفة، فإن السعودية تتوقع أن يتم تمديد تلك الاتفاقية ستة أشهر أخرى، عندما تلتقي الدول المنتجة للنفط في أيار/ مايو.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أن اتفاقية تخفيض الإنتاج ساعدت على تحسين وضع النفط على المدى القريب، مستدركة بأنه يتوقع أن تبقى الأسعار على المدى المتوسط متدنية وغير مستقرة، بحسب الصندوق، الذي قال إنه "لذلك فإنه من الضروري الاستمرار في التعديلات المالية".