نشر معهد واشنطن تقريرا، تحدث فيه عن العلاقة بين النظام
المصري بعد زيارة رئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي لواشنطن ولقائه الرئيس دونالد
ترامب.
وقال الباحث إريك تراجر هو زميل "استير ك. واغنر" في معهد واشنطن، ومؤلف الكتاب "الخريف العربي: كيف ربح «الإخوان المسلمون» مصر وخسروها في 891 يوما"، إنّ السيسي عاد إلى بلاده في الخامس من نيسان/ أبريل خالي الوفاض ومحجوب الأضواء، بعد أن أولى ترامب اهتمامه لآراء العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني حول سوريا، وأصدر أمرا بتنفيذ الغارات الجوية في السادس من نيسان/ أبريل، بالرغم من هواجس السيسي.
وأوضح تراجر أنه من "المؤكد أنّ الهدف الوحيد من زيارة السيسي هو كسب دعم كبير من المحفل السياسي في واشنطن، واستعراض هذا الدعم".
وأضاف: "حزنت مصر لأربع سنوات؛ جرّاء الجفاء الذي أبدته إدارة أوباما تجاه السيسي الاستبدادي؛ إذ إن إطاحة السيسي بزعيم «الإخوان المسلمين» محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013 جُوبِه بالفتور من قبل الرئيس أوباما، وما هي إلا ثلاثة أشهر حتى قطع المساعدات العسكرية عن مصر، ثم امتنع عن دعوة السيسي إلى واشنطن بعد أن فاز بالانتخابات الرئاسية في أيار/ مايو 2014 دون منافسة تُذكر".
"ولذلك فمن وجهة نظر مصر، أنها ترى في ترحاب البيت الأبيض في الأسبوع الأول من نيسان/ أبريل ومحادثات الكابيتول إنجازات بحد ذاتها، وإشارة إلى أبناء مصر بأنّ واشنطن -التي هي الآن تحت إدارة جديدة- تدعم السيسي"، بحسب التقرير.
وبين تراجر "أنّ جولة النوايا الحسنة لم تؤتِ أي ثمار فورية. فالسيسي لم يتلقَّ أي مساعدات عسكرية أو اقتصادية جديدة، كما أن إدارة ترامب لم تجدد آلية التمويل التي تسمح لمصر بطلب منظومات الأسلحة المكلفة بالاقتراض. وفي الوقت نفسه، كان الوزراء في أوساط السيسي شجّعوا رجال الأعمال الأمريكيين على المزيد من الاستثمارات، غير أنهم عادوا إلى ديارهم دون أي عقود جديدة".
وأردف أنه "على الرغم من الضغط المستمر من جانب القاهرة على واشنطن لإدراج جماعة «الإخوان المسلمين» على لائحة التنظيمات الإرهابية، لم تتخذ إدارة ترامب أي خطوة في هذا الشأن. وعلاوة على ذلك، كلما طالت زيارة السيسي اتسعت خلافات القاهرة مع واشنطن، خصوصا حول سوريا".
وأشار إلى أنه "في عطلة نهاية الأسبوع التي سبقت مجيء السيسي تحديدا، وصف المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، الدكتاتور السوري بشار الأسد "بالواقع السياسي الواجب تقبّله"، كما دافع السيسي عن الأسد خلال مقابلة معه من على قناة "فوكس نيوز" في الرابع من نيسان/ أبريل".
بيد أن الهجوم بالأسلحة الكيميائية، الذي نفذه نظام الأسد في اليوم نفسه، وأودى بحياة عشرات المدنيين، أقنع الرئيس ترامب بضرورة اتّباع مقاربة مختلفة؛ ولذلك كان كله آذانا صاغية حينما زاره الملك عبدالله في الخامس من نيسان/ أبريل.
وأشار إلى تصريح العاهل الأردني للرئيس ترامب خلال مؤتمرهما الصحفي المشترك في البيت الأبيض، بأن الهجوم الكيميائي في سوريا يعكس "فشل الدبلوماسية الدولية في إيجاد حلول للأزمة [السورية]"، ملمّحا على ما يبدو إلى فشل الرئيس الأمريكي السابق أوباما في فرض "الخط الأحمر" الذي وضعه بعد أن استخدم نظام الأسد الأسلحة الكيميائية في عام 2013".
وفي مقابلة للملك عبدالله مع صحيفة "واشنطن بوست"، شدد على "واجبنا الأخلاقي كأعضاء في المجتمع الدولي بمكافحة هذه المأساة المروّعة التي تصيب المدنيين في سوريا".
وفي ليلة الخميس، بدا أن ترامب أخذ هذه الكلمات في عين الاعتبار، حين أمر بضرب القاعدة الجوية السورية التي أطلق منها الأسد هجومه الكيميائي. فجاء الردّ الأردني مؤيدا؛ حيث غرّد وزير الخارجية الأردنية من على موقع "تويتر"، قائلا إنّ الضربات الأمريكية كانت "ردا ضروريا ومناسبا على استهداف النظام السوري للأبرياء والفظائع التي يرتكبها"، ودعا إلى العودة سريعا للدبلوماسية.
وفي المقابل، اتّصف الرد المصري بالفتور؛ حيث أعربت القاهرة عن "قلقها الكبير"، وحثّت الولايات المتحدة وروسيا على التعاون لحل الأزمة السورية.
وقال تراجر إن "التحفظ المصري ليس مفاجئا؛ فقد عمل السيسي خلال السنوات الأخيرة على تعزيز علاقة بلاده مع روسيا؛ من خلال صفقات شراء الأسلحة والتدريبات العسكرية المشتركة، وبالتالي لا يمكنه تأييد هجوم أمريكي على النظام السوري المدعوم من روسيا".
وقال في ختام تقريره إنه "في حال تفاقم التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا حول سوريا، فمن الممكن أن تشكّل زيارة السيسي إلى البيت الأبيض خلال الأسبوع الأول من نيسان/ أبريل ذروة "بدايته الجديدة" مع واشنطن".