صحافة دولية

"ميل أون صاندي": خيوط مثيرة تربط ترامب بالمال الروسي

أدلة مهمة على علاقات ترامب مع موسكو والمال الروسي- جيتي
تساءلت صحيفة "ميل أون صاندي" البريطانية عن دور مليادرير صنع ثروته من تجارة الأسمدة، في إنقاذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من خلال دفعه ملايين الدولارات لقصر مبهرج أقامه للمتعة.
 
وتقول الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا هو الرابط الذي يربط ترامب بالروس، والذي سيظل يلاحق الرئاسة الأمريكية الحالية. فقد ظلت الحملة الرئاسة الأمريكية ملاحقة بالعلاقة مع الروس، حيث أطاحت برأس مستشار الأمن القومي، وكادت أن تطيح برأس وزير العدل.
 
وأضاف الصحيفة أن قصة "ميزون ديلاميت" هي مثال على روابط ترامب مع الروس، وأن التدقيق في تعاملات ترامب المالية وتاريخها تظهر أن العلاقة الحقيقية إن كانت موجودة مع الروس، فهي مرتبطة بالتعاملات المالية.
 
وجاء في التقرير الذي أعده جيمس أس هنري ونشر في العدد الأسبوعي للصحيفة أن قصر "ميزون ديلاميت" يعتبر مثالا على العلاقة التاريخية، ففي الصيف الماضي تحركت الجرافات لتدمير أغلى بيت خاص في أمريكا. 

وكان القصر ومساحته  33 ألف قدم مربعة قد بني على طراز المعمار الفرنسي في القرن الثامن عشر، وعلى  أرض مساحتها ستة أفدنة و475 قدما مربعة قرب فلوريدا بالم بيتش، وقسم إلى عدة أقسام حيث بيع الجزء الأول من الأرض بخسائر فادحة.


 
وفي النظرة الأولى كان مصيرا حزينا لبناية فخمة مكونة من 18 غرفة نوم و22 حماما وقاعة للحفلات وغاليري للفن ومرآب للسيارات يتسع لخمسين سيارة. وكان إشارة للفقاعة في مجال العقارات التي انفجرت عام 2008 وانهارت أسعارها وأدت إلى الأزمة المالية العالمية.
 
وبحسب الصحيفة، فإن قصة القصر هي أبعد من العلاقة مع الأزمة المالية، لأنه يقدم دليلا مهما على علاقات ترامب مع موسكو والمال الروسي. فمنذ انتخاب ترامب ظلت تلاحقه الاتهامات بعلاقته بالكرملين والممولين المرتبطين ببوتين. 

وبعد انتخابه لاحقته الاتهامات حول دور المخابرات الروسية في حرف نتائج الانتخابات لصالحه. 

وفي الشهر الماضي عين ترامب وزيرا للمالية هو ويلبر روس الذي يقيم علاقات قوية مع الممولين الروس. فيما اضطر مستشار الأمن القومي مايكل فلين للاستقالة بسبب الروس. 

أما وزير العدل جيف سيشن، فقد التقى مع السفير الروسي مرتين في عام 2016 رغم إنكاره تلك اللقاءات تحت القسم.
 
ورفض ترامب تلك الاتهامات واعتبرها "أخبارا مزيفة"، مؤكدا أن "لا علاقات تجارية له مع روسيا". وهذا كلام صحيح إذا استثنيا العقد الذي وقعه ترامب عام 2013 لاستضافة موسكو "مسابقة ملكة جمال العالم" بقيمة 13 مليون دولار أمريكي.
 
لكن المشكلة ليست في تعاملاته المالية مع روسيا، ولكن في علاقاته مع الطبقة الأوليغارشية بما فيها النخبة من دول الاتحاد السوفييتي السابق.
 
وقال التقرير إن أدلة ظهرت اليوم تختلف عن تلك المواد المقرفة وجلسات لم يتم التحقق منها حول مغامرات إباحية في فنادق روسية أو ما أطلق عليها "كومبرومات"، والتي تستخدم كدليل للابتزاز من المخابرات السرية الروسية. ومن هنا فالعلاقة بين ترامب وروسيا لا تتصل بهذا فقط، ولكن بالأرقام خاصة قصة ميزون ديلاميت الذي يقع في قلب مملكة الرئيس العقارية رغم سجله المتقلب في مجال التجارة.
 


وتضم مملكة الرئيس ست شركات أفلست وعددا من الشراكات المحدودة التي فشلت ورفضت كل بنوك وول ستريت تقديم قروض لها، باستثناء بنك دويتش بعد أن فشلت مغامراته في كازينو "أتلانتك" في التسعينيات من القرن الماضي.
 
وبحسب ترامب، فقد استطاع النجاة في عالم المال والعقارات بسبب ذكائه في صناعة الصفقات ونجاح ماركاته والروح القوية لديه. ولكن القصة الرسمية لنجاحه تظل موضع شك.
 
فمنذ التسعينيات من القرن الماضي، يبدو أن ترامب كان يدير علاقات تجارية مع عدد من المصادر المالية العالمية، بمن فيهم رجال من النخبة المالية المقربة في روسيا ودول الاتحاد السوفييتي السابق الأخرى. 

فقد أخبر ابن دونالد ترامب جونيور مؤتمرا للعقارات في مانهاتن عام 2008، بأن "الروس يشكلون نسبة غير بسيطة من أرصدتنا وهناك الكثير من المال يتدفق من روسيا".

ويشير التقرير إلى أن ترامب وجد نفسه عام 2008 أمام أزمة مالية عميقة بعد انهيار أسعار العقارات الأمريكية. إلا أن بعض المناطق مثل ميامي كانت أسعارها أفضل، وفي هذه المنطقة كان لدى ترامب رصيد مهم. فقد دفع في ميزون ديلاميت 41 مليون دولار. 

ووجد ترامب نفسه في أزمة مالية خاصة أن بنوك وول ستريت رفضت إقراضه ودخل في قضايا قانونية مع بنك دويتش الذي يعد واحدا من المصارف الدولية الوحيدة التي وافقت على التعامل معه.
 
وكان ترامب مدينا للبنك بـ39 مليون دولار، قيمة القرض الذي ضمنه شخصيا من أجل مشروع فندق في شيكاغو، ولم يقم بتسديد أي دفعة من الدفعات المستحقة عليه، وتوقف  من خلال تقديم دعوى على المصرف قائلا إن فشل المشروع هو "من عمل الرب". 

وظهر مشتر لقصره في فلوريدا على شكل أوليغارشي روسي اسمه، ديمتري ريبولفليف، أخصائي القلب السابق الذي حصل على حقوق حقل لأسمدة البوتاس بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
 
وخفض ترامب من السعر للمتر الربع. فقد كان ريبولفليف مستعدا لدفع مبلغ 95 مليون دولارا مقابل القصر في حزيران/ يونيو 2008. واعتبر العرض من أعلى العروض التي تقدم لشراء بيت وجاء في وقت تنهار فيه أسعار العقارات. 

وقام ترامب ببعض التحسينات وأحب العرض وقال: "أحب تحطيم الأرقام القياسية، وهذا رقم قياسي".
 
وأثار هذا الكثير من الأحاديث حيث قيل أن الملياردير الروسي بالغ في دفع السعر كما يقول ديفيد نيومان المحامي من نيويورك الذي مثل زوجة ريبولفليف إيلينا في قضة طلاقها منه. وقال: "لو نظرت للوضع بين شراء ترامب له قبل أربع سنوات وبين بيعه لريبولفليف فإن الأسعار لم تزد بشكل كبير". 

وهذا يثير الكثير من القضايا "ولا أحد يعرف الجواب إلا ريبولفليف ومن يعملون معه". وتقول بوليت كوتش المتخصصة في بيع العقارات الراقية والتي وكّلها ترامب ببيع القصر، إن المشتري الروسي حصل على صفقة جيدة لأن البيت لديه منظر جيد على المحيط وكان مطلوبا بشكل كبير.
 
ويوضح التقرير أن ريبولفليف في عام 2014 تلقى أمرا من محكمة في جنيف بدفع 4.5 مليار لزوجته إيلينا وهو أكبر مبلغ يدفع في قضية طلاق. ويقول الناقدون لترامب إن المال ليس القضية، ولكن شخصيات مثل ريبولفليف لا يستطيعون الاستمرار في روسيا بدون دعم من الدولة. 

وشخصيات مثل ميخائيل خودروفسكي والذين تمردوا على فلاديمير بوتين كان مصيرهم السجن، فيما واجه آخرون مثل بوريس بيروزفسكي الموت.
 
وصعد ريبولفليف في الغرب الروسي المتوحش عام 1995 عندما كان في سن الـ29 عاما ليصبح مديرا لإمبراطورية أوراكالي. إلا أن "ريبو" أراد إخراج الكثير من المال خارج روسيا. ولهذا السبب كان راغبا بشراء قصر ترامب، إلا أن سعره انخفض بشكل كبير بعد شرائه. وقدر سعره عام 2013 بحوالي 60 مليون دولار. 

وبعد جرفه العام الماضي باع قطعة منه مساحتها 183 قدم مربع بـ34 مليون دولار بخسارة 12 مليون دولار. وكانت الصفقة بالنسبة لريبولفليف خاسرة ورابحة بالنسبة لترامب.
 
ويستطيع ريبولفليف تحمل الخسارة، فبعد تركه الشركة اشترى نادي موناكو لكرة القدم ويخوتا وعددا من البيوت، منها قصر في هاواي قيمته 20 مليون دولار، كان يملكه الممثل ويل سميث. 

واشترى الجزيرة اليونانية سكوربيوس التي تزوج فيها عملاق السفن أرسطو أوناسيس، جاكلين كيندي. ويُعتقد أنه اشترى نسبة 9.7% في مصرف بقبرص. وهنا النقطة الثانية من العلاقة بين ترامب والروس. 

فوزير المالية المعين، (روس) تملك مجموعته 17% من البنك القبرصي، وأصبح مديرا للبنك الذي يعتبر المصرف المفضل للنخبة المرتبطة ببوتين. وكان روس من المتبرعين الكبار لحملة ترامب عام 2016.
 
كل هذا لا يعني أن تجاوزات ارتكبت، ولكن العلاقات المالية مع الروس واسعة وجزء من شبكة. ومن المعروف أن المال الروسي يعاني من مشاكل.
 
وقرر روس في سن الـ77 عاما أن ينخرط شخصيا في بنك قبرص وقام باختيار الفريق العامل بمجلسه، ومنهم جوزيف إكرمان، المدير السابق لمصرف دويتش، والذي أقام علاقات تجارية مع ترامب. 

ففي الفترة ما بين 2002 و2012 أصبح البنك تحت قيادة إكرمان أهم مقرض له حيث قدم أكثر من 644 مليون دولار لمنظمة ترامب.
 
وبالإضافة لروس فإن هناك فلين وصهر ترامب جاريد كوشنر الذي التقى مع السفير الروسي بواشنطن، فيما وقع وزير الخارجية ريكس تيلرسون عندما كان مديرا لشركة إكسون موبيل عقدا ضخما مع روسيا. 

وعمل مدير حملته بول مانفورت سنوات مع الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش. وهناك فليكس ساتر، مستشار ترامب الذي كان مشتركا في خطة سلام سرية لأوكرانيا هدفها التخلص من الرئيس الأوكراني الحالي ورفع العقوبات عن روسيا. 

كما أن مستشاره السابق للشؤون الخارجية كارتر بيج يشتبه بإقامته علاقات مع الروس. 

وذكر العميل البريطاني كريستوفر ستيل أن مدير شركة روزنيفت إيغور سيخين قدم لبيج والمتعاونين وساطة للحصول على 19 في المئة من شركة عملاقة للطاقة مقابل رفع العقوبات الأمريكية عن روسيا.