حلم الإنسان منذ القدم بالوصول إلى
الفضاء؛ للكشف عنه، والبحث عن ما يحتويه من مجرات وكواكب وأقمار، والوقوف على أسرار هذا الكون الواسع، مؤملين أن يجدوا كوكبا صالحا للعيش؛ شبيها في تركيبته بكوكب الأرض.
وجسّد كُتاب
السينما هذه
الأحلام على شكل روايات خيالية تحولت إلى
أفلام، وبعضها تحول إلى حقيقة، كالصعود إلى
القمر، والرجل الآلي، والسيارة الكهربائية.
ومن الأمور التي حلم بها المهتمون بالفضاء "
المصعد الفضائي"، حيث بدأ التفكير به عام 1895 حين اقترح عالم الفيزياء الروسي قسطنطين تسيولكوفسكي، بعد انتهاء العمل ببرج إيفل، بناء برج يصل بين السماء والأرض.
وبقيت الفكرة مستهجنة ومرفوضة، وخاصة أن أكثر المواد شيوعا واستخداما في المصاعد الاعتيادية هي "الفولاذ" الذي لا يتناسب وزنه مع طول المصعد الذي يصل إلى آلاف الكيلومترات.
وعادت الفكرة لتطفو على السطح مرة أخرى في عام 1991، وذلك مع ظهور تقنية النانو التي تعتمد في أساسها على حزم أنابيب الكربون. ومن فترة قريبة؛ أعلنت الشركة اليابانية المتخصصة في أعمال البناء "أوبافاشي" أنها تخطط لبناء مصعد فضائي يسافر مسافة 95 ألف كيلومتر من الأرض إلى الفضاء، ومن المفترض أن يجري تشغيله بحلول عام 2050.
ولكن بعض العلماء أبدوا بعض التحفظ على فكرة استخدام الأنابيب الكربونية، منهم جون بادينغ، وهو أستاذ في الكيمياء بجامعة بنسلفانيا الحكومية الأمريكية، حيث نشر وفريق عمله دراسة في مجلة "مواد الطبيعة" تتحدث عن قيامهم باستحداث مادة أسموها "خيوط الماس بالغة الدقة"، وقالوا إنها أكثر صلابة من أنابيب الكربون التي هي أصلا أقوى بـ13 مرة من أصلب أنواع الفولاذ.
وقال بادينغ: "إذا استطعنا صناعة مواد مثالية الكمال والطول، مثل الخيوط الماسية أو الأنابيب الكاربونية، فإنها ستكفل بناء مصاعد الفضاء" ولكنه حذر بنفس الوقت من تحديات تواجه صناعة المصعد الفضائي، تشمل أمورا مثل الحماية الأمنية، وجمع التمويل اللازم، وإدارة المصالح المتعارضة أو المتنافسة.
وفي المقابل؛ يرى كثير من العلماء أن المادة المناسبة لصناعة المصعد الفضائي غير موجودة أصلا، وبحسب تصريحات إعلامية لمؤسس مركز الطب البيئي للارتفاعات والفضاء، كيفن فونغ؛ فإنه "يجب أن تكون المادة الأساسية لتصنيع المصعد صلبة ومرنة في الوقت ذاته، وإلى الآن هذه المادة غير موجودة".
بين النظري والعملي
نظريا؛ من الممكن تحقيق هذه الفكرة، بحسب عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، عماد مجاهد، الذي استدرك بالقول: "لكن من الناحية العملية والعلمية؛ يصعب التأكد من هذا الأمر، فذلك يحتاج إلى سنوات من الأبحاث والتجارب لإثبات أن الفكرة يمكن تطبيقها بشكل عملي".
وأضاف مجاهد لـ"
عربي21" أن "هذا المصعد ليس كالمصعد الاعتيادي الذي يركبه الناس، وإنما سيكون أنبوبا بداخله سكة تسير عليها كبسولة شبيهة بالمركبة الفضائية، وبالتالي فلن يؤثر دوران الأرض على عمله في حال تم إنجازه على أرض الواقع".
وبحسب مراقبين؛ فإن اليابان تسعى جاهدة لمنافسة أمريكا في سباق اكتشاف الفضاء، وتحقيق ولو إنجازا فضائيا واحدا، ولعل هذا المصعد يكون هو ذلك الإنجاز.