نشرت صحيفة "نوفيل أبسارفاتور" الفرنسية تقريرا تساءلت فيه عن تأثير التقدم في العمر على أداء
الرياضيين، خاصة العدائين منهم. وذكرت أن الخبرة تسمح للرياضي بزيادة قدرته على تحمل الإجهاد ومساعدته على وضع إستراتيجية للوصول إلى خط النهاية والفوز.
وقالت الصحيفة في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن رياضة الجري السريع تعتبر من أعرق وأهم الرياضات الأولمبية. وانطلقت الجولة الأولى من سباق 100 متر يوم السبت 13 آب/ أغسطس وقد تمت ملاحظة تفاوت في الأعمار بين العدائين المشاركين فيها.
وبناء على ذلك، يجدر التساؤل حول تأثير
التقدم في السن على مردود العداء، إذ إن الرياضي يتأثر بعدد كبير من العوامل الخارجية التي يجب عليه تجاوزها في أسرع وقت ممكن لزيادة فرص فوزه. فتخزين المعلومات يتم في مناطق مختلفة من الجهاز العصبي المركزي، ليقوم الإنسان بعد ذلك بإعادة استحضارها في الوقت المناسب، بوعي أو دون وعي، لتنفيذ مهمة محددة. ولهذا تمكن الخبرة العداء من التعامل مع الإجهاد، والبحث عن إستراتيجيات جديدة للوصول بسرعة إلى خط النهاية، وبلورة قراراته، والتقليل من عدد الأخطاء.
وانطلاقا من ذلك، استنتجت الصحيفة أنه كلما ازدادت خبرة العداء، كلما ارتفعت فرصه في الفوز. إلا أن ذلك له تأثيرات جانبية تتمثل في ضعف الألياف العضلية وبطء ردود الفعل.
إن حقيقة التقدم في العمر مفروغ منها إلا أن الرياضيين لا يهرمون بالطريقة نفسها. فمنهم من تظل صحته جيدة ومنهم من تظهر عليه آثار الشيخوخة بسرعة، خاصة اللاعبين الذين يتناولون الأدوية والمنشطات.
وبينت الصحيفة أن لعبة سباق الجري 100 متر تشهد مشاركة عدائين بأعمار مختلفة في أولمبياد ريو الذي تدور فعالياته حاليا في مدينة ريو دي جينيرو البرازيلية. ومن بين أسرع العدائين نجد برومال، البالغ من العمر 21 سنة، وسامبين الذي يبلغ 22 سنة، وواب الذي يبلغ 25 سنة، وبولت (30 سنة) وغاي (34 سنة)..
ويسمح هذا التعدد والاختلاف للمشاهد من تأمل تجارب المشاركين كبار السن، والوصول إلى المؤهلات التي تسمح لهم بالمحافظة على المردود نفسه والاستمرار في تحقيق الإنجازات.
وأشارت الصحيفة إلى أنه يمكن لبعض الرياضيين امتلاك بعض الجينات التي تؤمن لهم طول العمر، وهو ما من شأنه أن يعزز المحافظة على المردود نفسه في مهنته أو يبطئ ضعف الألياف العضلية.
ويمكن للمرء، أيضا، أن يتساءل عن فوائد التدريب على المدى الطويل التي من شأنها الحفاظ، نسبيا، على قدرة تواصل تقديم الإضافة، على الرغم من التقدم في السن. وربما يعود هذا إلى تأثيرات جينية وأخرى غير جينية.
وذكرت الصحيفة أنه "لا يمكن أن ننفي وجود حلول أخرى، أقرب إلى التكنولوجيا الحيوية، التي من شأنها إعادة إنتاج ألياف إضافية أو تعزيز قدرة الألياف العضلية الموجودة، والتي يمكن أن تطيل فترة التدريب والمنافسة. ومن بين هذه الخيارات، لم يتم إلى حد اليوم، تحديد تأثير تناول المنشطات على البشر على المدى الطويل، رغم أن جوستين غاتلين طرح هذا الموضوع منذ فترة تتجاوز سبع سنوات. ومع ذلك، فقد أكدت بعض المعطيات الأولية احتمال تأثير التدريب على قدرات الفئران.
وتجدر الإشارة إلى أن الوفد الخاص الذي ينتمي إليه اللاعب الكوري كيم كولينز قام بإقصاء هذا الأخير من دورة الألعاب الأولمبية السابقة في مدينة لندن. وعلل غيابه في ذلك الوقت بذهابه لزيارة زوجته وأولاده.
وشددت الصحيفة على أن العديد من الدراسات أفادت بأن تطور الأداء، حسب السن، لا يخضع لمنطق واحد، ذلك أن تطور المؤهلات يكون في الفترة الممتدة بين الولادة ومرحلة النضج. وابتداء من سن الخامسة والعشرين، يبدأ المردود بالتراجع شيئا فشيئا وبطريقة بطيئة وحتمية، وهو ما يعكس بذلك بداية ظهور آثار الشيخوخة.
وإلى يومنا هذا، أظهرت جميع الدراسات حول الموضوع أن ذروة المردود الحسن لا توجد إلا في فترة عمرية محددة، وهي فترة الشباب، وذلك تمشيا مع التغيرات الفسيولوجية التي يرتكز عليها أداؤهم.
وأضافت الصحيفة أنه باستثناء الإصابات الخطيرة ومدة علاجها، يبدو أن أعدادا متزايدة من الرياضيين لا ينطبق عليهم هذا الحكم؛ أي أن مردودهم لا يتأثر بعامل السن. إذ إن تجاربهم تعطي انطباعا باستعادة نشاطهم مرة أخرى أو استفاقة جديدة. وعلى هذا النحو، مثلت تجربة غيل ديفرز في سباق حواجز 100 متر إنجازا مهما.
وكمثال على ذلك، ذكرت الصحيفة أن عددا مهما من اللاعبين قاموا بتطوير قوة فريدة، وأثبتوا أن النجاح ومواجهة التحديات لا يرتبطان بسنّ معين.
وفي الختام، أوضحت الصحيفة أن غرين، البالغ من العمر 42 سنة، والذي يصنف، بالإضافة إلى يوسين بولت، ضمن أصحاب الأرقام القياسية في سباق جري 100 متر، على مدى العقود الثلاثة الماضية، لا زال قادرا على حصد ألقاب جديدة رغم تقدمه في السنّ.