مقالات مختارة

نهال لن تكون الأخيرة!

1300x600
أُهيل التراب على ما بقي من جسد نهال الطري، بعد أن غيّب المجرمون وجهها الملائكي عن حياتنا التعيسة، لتتركنا نعايش الجريمة يوميا من دون أن تتدخل الدولة بسلطانها لتوقف هذا الانهيار غير المسبوق للقيم في المجتمع، إلى درجة أصبح السفاحون يتفننون في أساليب القتل والإجرام، ثم يأتي من يلوي لسانه ببعض الكلمات المستوردة عن الحق في الحياة، عندما يتعلق بمطالبات تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة في حق قتلة الأطفال!

ما معنى احترام الحق في الحياة مع من يسلبون الحياة؟ وما السّر في الالتزام الحرفي بالإملاءات الأجنبية عندما يتعلق الأمر بالإعدام؟ ولماذا الاستمرار في تجاهل الأصوات المتعالية بضرورة إعدام خاطفي ومغتصبي وقاتلي الأطفال، طالما أن المجتمع بكل فئاته وأطيافه يجمع على هذا المطلب ويطالب بتطبيقه اليوم قبل الغد!

لن تكون الطفلة نهال هي الأخيرة إذا واصلت السلطة في سياسة تجاهل المنطق والقانون وأحكام العدالة الجزائرية، التي نطقت بالإعدام في حق قاتلي الأطفال، ولن تكون نهال هي الضحية الأخيرة إذا خمدت الأصوات المطالبة بتطبيق الإعدام مباشرة بعد دفن الضحية، وهو ما حدث مع كل الجرائم السابقة حين كانت تثور ثائرة الجميع ليوم أو يومين، ثم يعودون إلى سباتهم العميق وكأن شيئا لم يحدث!

بهذا المنطق تكاثر عدد المجرمين والقتلة في المجتمع، وأصبح "سلب الأرواح" أمرا هينا عند البعض إلى درجة سقوط ضحايا في شجارات عادية، مادامت العقوبة ستكون السّجن والسّجن فقط حتى ولو كان مدى الحياة، وما تنقله الصّحافة يوميا من جرائم مروعة دليل على أن الاستمرار بهذا المنطق في التّعامل مع قضية الإعدام، هو تشجيع للمجرمين في سفك المزيد من الدماء البريئة.

إنّ روح نهال وأرواح كل الأطفال الذين أبيدوا على أيدي المنحرفين في أعناقنا جميعا؛ لأننا تهاونّا في تحقيق العدالة وتراخينا في المطالبة بتنفيذ حكم الإعدام، واكتفينا ببعض الصرخات الغاضبة عند كل جريمة ثم يعود الجميع إلى حياتهم العادية، وتبقى الطفولة مهددة في الجزائر من طرف الوحوش البشرية، التي لا يردعها شيء سوى رؤية القتلة وهم يلاقون حتفهم في أماكن عامة؛ تنفيذا للقانون وأحكام العدالة والقانون الإلهي: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب".

الشروق الجزائرية