نعت سهير سيد، والدة ضحية قوات الشرطة في منطقة إمبابة، محمد سمير، نجلها بالبكاء، مؤكدة أنها رقصت لرئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي في ميدان التحرير، لدى تنصيبه رئيسا للبلاد، إلا أن الشرطة قتلت ابنها مع ذلك، وفق قولها.
وحددت محكمة الجنح جلسة الثلاثاء، كأولى جلسات محاكمة ثمانية متهمين، بينهم عدد من أسرة القتيل، بتهمة محاصرة، ومحاولة اقتحام، قسم شرطة إمبابة، على خلفية ما تردد حول مقتل الشاب، إثر تعذيبه من قبل أمناء الشرطة حتى الموت، ما أدى إلى تجمهر أهالي القتيل أمام القسم، وقطعوا حركة المرور، وقذفوا قوات القسم بالحجارة، مؤكدين أن الشاب لقي مصرعه إثر التعذيب داخل القسم.
وكانت نيابة إمبابة وجهت إلى لمتهمين الثمانية تهم التظاهر بدون تصريح، وقطع الطريق العام أمام حركة المواصلات، ومقاومة السلطات، ومحاولة اقتحام منشأة شرطية.
من جهتها، قالت والدة الشاب، إنها لم تكن تتوقع أن يُقتل ابنها الوحيد على أيدي قوات الداخلية التي طالما وقفت مدافعة عنها، مطالبة السيسي بالقصاص ممن قتل ابنها، الذي عثر عليه غارقا في مياه النيل، بعد واقعة احتجازه في القسم بيوم واحد.
وكشفت الأم، في حوار مع صحيفة "
مصر العربية" الإلكترونية، أنها كانت تعاني من شدة الألم في قدمها بسبب مرض "السكر"، وعلى الرغم من ذلك، سارت من منطقة روض الفرج باتجاه ميدان التحرير، فرحا برئاسة السيسي، مؤكدة أنها رقصت على نغمات الـ"دي جي" وسط الميدان حتى عجزت عن الوقوف.
وفي حوارات أخرى، مع فضائيات عدة، اتهمت الأم المسؤولين في قسم شرطة إمبابة، بأنهم قتلوا ابنها والعديد من أبناء المنطقة، موضحة أن أمناء الشرطة ألقوا القبض عليه في أثناء وجوده بركن طيور الزينة في سوق الجمعة في الحي، واصطحبوه إلى القسم، ثم تناوبوا على تعذيبه حتى فارق الحياة، ثم قاموا بإلقائه في النيل.
وقالت أجهزة الأمن إنها طاردت أحد العناصر الجنائيين في سوق بيع الكلاب في منطقة إمبابة لحيازته حشيش، وتم ضبطه، وفي أثناء محاولته الهروب قفز في الماء، ثم تم العثور على جثته غارقا في المنطقة ذاتها.
ووجهت أسرة القتيل، الذي يبلغ من العمر 26 عاما، التهمة لقسم شرطة إمبابة، عن مسؤولية مقتل ابنها على يد أربعة من أمناء الشرطة في القسم، بعد مشاجرة وقعت مع أحدهم داخل سوق الجمعة، بسبب رفض نجلهم، إعطاء أمين الشرطة مبلغا ماليا "إتاوة"، بحسب تصريحات والدي القتيل وخاله.
وصرخت والدة الشاب أيضا: "ابني مش حرامي، ولا تاجر مخدرات، ده شاب نزل يدور على قوت يومه، ويكسب بالحلال من بيع الحيوانات الأليفة بسوق الجمعة بإمبابة، لكن الشرطة ماسبتهوش في حاله".
وتابعت، في حوارها مع صحيفة "التحرير": "أنا انتخبت السيسي، وفي الآخر الشرطة قتلت ابني".
أما خاله فقال في تحقيقات النيابة، إن المتهمين الأربعة من نقباء الشرطة، تعدوا على المجني عليه بالضرب حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، ثم تخلصوا من جثته بإلقائها في نهر النيل.
رواية الشرطة يتزعمها المتسبب بقتل ريجيني
في المقابل، قال نقيب شرطة تابع لقسم شرطة إمبابة، وأحد المتهمين، إنه تمكن من ضبط المتوفى في سوق الطيور بإمبابة، وبحوزته قطعة من مخدر الحشيش، فنشبت بينهما مشادة كلامية تطورت إلى مشاجرة، ما أسفر عن سقوط قطعة الحشيش أرضا، وسط تكدس وازدحام المواطنين في السوق.
وأضاف أنه عقب ذلك استدعى ثلاثة من زملائه في قسم إمبابة، واصطحبوا المتهم بتهمة مقاومة السلطات إلى قسم الشرطة، لتحرير محضر ضده، إلا أنه تمكن من الهرب قبل الوصول إلى مقر القسم، واختفى عقب ذلك.
وأضاف أن أفراد الشرطة لم يحرروا محضرا بالواقعة لعدم علمهم بهوية المتهم الهارب، إذ إنه لم يكن يحمل بطاقة إثبات شخصية، مشيرا إلى أنه ورد في اليوم التالي، بلاغ بالعثور على جثة شخص مجهول في نهر النيل، وتم انتشاله بواسطة قوات الإنقاذ النهري، ونقلت إلى المشرحة للبدء في إجراء التحريات للتوصل لهوية الغريق، دون أن يعلم أحد أنه الشخص الهارب من أفراد الشرطة.
الرواية ذاتها ساقها مدير مباحث الجيزة، اللواء خالد شلبي، المتهم الرئيس في قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في مصر، إذ صرح بأن عاملا تقدم ببلاغ يفيد باختفاء نجل شقيقته، وعقب تقنين الإجراءات تبين تطابق مواصفاته مع شخص عثرت قوات الأمن عليه في النيل بالقرب من سوق القناة.
وأشار شلبي إلى أن قوات الأمن كانت تقوم بمطاردة المتوفى لبيعه مخدر الحشيش في المنطقة، إلا أنه تمكن من الهرب عقب إلقاء القبض عليه، وأنه تم العثور على جثته في النيل، وأنه أيضا لا توجد فيها آثار اعتداء أو إصابات.
وأثارت تلك الرواية الأمنية حفيظة الأهالي، فتجمهروا أمام القسم، وتجمع أكثر من ثلاثمائة منهم، وحاولوا اقتحامه، وذلك قبل أن تستعين قوات الشرطة بالقنابل المسيلة للدموع، لإجبارهم على فك الحصار، إذ انتهى الأمر بإلقاء القبض على ثمانية من أهالي الشاب الراحل، وجيرانه، وتقديمهم إلى النيابة، التي أحالتهم للمحاكمة الجنائية.
غضب في أوساط النشطاء
وتسبب الحادث في سريان موجة من الغضب بين النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
وشنّ المدون وائل عباس، هجوما على قوات الشرطة، مستنكرا إجبار المواطنين على دفع إتاوات، بحسب تعبيره.
وقال في تغريدة بموقع التدوينات المصغر "تويتر": "دلوقت.. بقت الإتاوة لأمناء الشرطة ثمنها حياتك.. ما دفعتش تموت".
وقام بتذييل تغريدته بهاشتاغ "#قتيل_إمبابة #وزارة_القتلة #الثورة_راجعة_مش_هاتخلي".