الصحفي الفلسطيني محمد القيق أكد أن خوضه للإضراب كان حبا في الحرية والحياة لا الموت - الأناضول
وصف الصحفي الفلسطيني محمد القيق، (أفرج عنه الخميس من سجون الاحتلال الإسرائيلي)، الاعتقال الإداري بأنه "مقبرة للكتاب والأحرار والصحفيين الفلسطينيين"، داعيا لمواجهته بالإضراب المفتوح عن الطعام.
وقال القيق، في حوار من منزل عائلته ببلدة دورا، قرب مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية: "التجربة كانت رائعة جدا رغم قساوتها، عززت شيئا اسمه الكرامة والحرية، فالحرية لا تأتي ولا توهب من الاحتلال ودليل ذلك انتزاعها".
وأضاف: "الاعتقال الإداري مقبرة للكتاب والأحرار والصحفيين، والأمعاء الخاوية (الإضراب عن الطعام) جعلتنا نقتنع أن صبر ساعة يحقق النصر، ويكسر عنجهية دولة الاحتلال"، وفقا لتعبيره.
وأفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلية مساء الخميس، عن القيق، بعد قضائه ستة أشهر في سجون الاحتلال، قبل أن يتوصل لاتفاق مع إدارة السجون في 26 شباط/ فبراير الماضي، نص على وقف الإضراب عن الطعام (استمر 94 يوما)، مقابل عدم تمديد اعتقاله الإداري.
واعتقل جيش الاحتلال القيق (33 عاما) في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، من منزله في مدينة رام الله (وسط الضفة الغربية) قبل أن يبدأ، إضرابا مفتوحا عن الطعام، بعد أربعة أيام من اعتقاله إثر تحويله للاعتقال الإداري.
والاعتقال الإداري، هو قرار توقيف دون محاكمة لمدة تتراوح بين شهر إلى ستة أشهر، ويجدد بشكل متواصل لبعض الأسرى، وتتذرع إسرائيل بوجود ملفات "سرية أمنية" بحق المعتقل الذي تعاقبه بالسّجن الإداري.
وعن الإضراب قال القيق: "يبدو أن رسائل وصلت للاحتلال من هذا الإضراب، أهمها أن الإرادة لا يمكن أن تكسر من بطش وظلم وقهر، وثانيا أن أهالي الداخل المحتل (الفلسطينيين في إسرائيل) في غير حسبة (حسبان) الاحتلال وتوقعاته، لكنهم باتو وسيلة ضغط عليه، تواجدوا واعتصموا أمام المستشفى دعما للإضراب ومطالبة بالإفراج عني، لهم الشكر".
ومضى بالقول: "تحول التضامن مع الإضراب خارج المعتقل في القدس المحتلة والضفة الغربية إلى ثورة في الشارع، مسيرات ووقفات أوصلت رسالة للاحتلال دفعته للإسراع إلى عقد اتفاق ينهي اعتقالي وإضرابي".
وقال الصحفي الفلسطيني: "خضت الإضراب منذ بداية الاعتقال الإداري حبا في الحرية والحياة لا الموت، هذا لم يرق للاحتلال، أراد كسر إضرابي بطرق شتى، حتى لا تكون سنّة يقتدي بها كل من يعتقل، وأنا اليوم أدعو كل معتقل لأن يعلن الإضراب عن الطعام من أمام منزله في اللحظة الأولى لاعتقاله، يمكننا كسر الاحتلال ولا يمكنهم كسرنا".
واستبعد القيق أن تكون سلطات الاحتلال عزمت على قتله خلال الإضراب، "لما يترتب على ذلك من فضائح أمام المجتمع الدولي، لكنها حاولت ذلك خلال عرضها تلقي العلاج في مستشفى المقاصد بمدينة القدس، دون قرار بالإفراج عني، وهو ما رفضته"، وفقا لتعبيره.
وحول الاتهامات الموجهة ضده بـ"التحريض ضد إسرائيل"، قال القيق إن "الاحتلال يخشى الإعلام الفلسطيني، ولولا ذلك لما لاحق الصحفيين، وداهم مقراتهم واعتدى عليهم واعتقل 19 صحفيا (..)، باتت الكاميرا بمثابة السلاح، هم يتهموننا بالتحريض، أي تحريض عندما تنقل صورة معاناة الشعب الفلسطيني للعالم، عندما يقتلون أبناءنا ماذا ينتظرون منا أن ننقل، هل نقول إن القاتل فلسطيني مثلا؟!".
وتابع: "هم يحاربوننا بسلاحهم وإعلامهم، ونحن قادرون على مقاومتهم بصوتنا الحر الذي لن ينكسر".
واستطرد بالقول: "لقد استفدت من هذه التجربة الكثير، عززت لدي الشعور بالحرية، كنت صحفيا أنقل معاناة شعبي دون الخوض بتجربة الأمعاء الخاوية، وما يعانيه المعتقل المضرب، بعد التجربة خرجت أقوى مما كنت".
وخاض القيق إضرابا دام 94 يوما، ويبدو "بصحة جيدة، يلهو مع طفليه في باحة منزل عائلته، ويستقبل المهنّئين".
وعن صحته الشخصية قال القيق: "أشعر أنني بصحة جيدة، وقريبا أنوي القيام بفحوصات طبية، لمعرفة وضعي الصحي وهل من آثار على أعضاء جسمي أم لا".
ولا يخشى الرجل من عودة اعتقاله من قبل سلطات الاحتلال، لكنه يقول "إن عدتم عدنا"، في إشارة إلى نيّته الإضراب عن الطعام من جديد في حل اعتقاله.
ولفت إلى أن الحراك الإعلامي من قبل المؤسسات الإعلامية في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، أوصل قضيته للعالمية، وأدخل إسرائيل في حرج كبير، مما ساعد في إنهاء اعتقاله، مضيفا: "لم تكن تتوقع إسرائيل هذا الحشد والجهد الإعلامي في تغطية الإضراب".
وأشار القيق إلى أنه يقضي "فترة نقاهة" في بيت عائلته ببلدة دورا، ومن ثم سيعود لمسكنه بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، حيث يعمل مراسلا صحفيا لفضائية سعودية.
من جانبها قالت فيحاء شلش زوجة القيق، والتي قادت حملة التضامن مع زوجها خلال الإضراب: "عشنا أياما صعبة، ها هي زالت اليوم، كانت أمنيتي أن أحتسي فنجان قهوتي مع محمد بعد الحرية، تحققت بحمد الله".
وأضافت: "هذه التجربة كانت درسا لنا جميعا، لم نكن نتصور يوما أن نكون في هذا الموقف، جعلتنا نعلم كم نحن أقوياء وكم هذا الاحتلال ضعيف، يُكسر بأمعاء خاوية، وصبر عائلة".