أعلنت أنقرة تأييدها لتدخل عسكري بري في
سوريا، تزامنا مع استمرارها في قصف مواقع الأكراد لليوم الرابع على التوالي في شمال البلاد، فيما وصل الموفد الدولي ستيفان
دي ميستورا إلى دمشق للبحث في سبل وقف إطلاق النار الذي تقرر في ميونيخ.
وجاء الإعلان التركي بعدما شهدت الأيام الماضية تصعيدا في اللهجة بين موسكو، الداعمة لنظام الرئيس بشار الأسد، والتي تكثف غاراتها الجوية على المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية، وأنقرة الداعمة للمعارضة والرافضة لأي توسع كردي على مقربة من حدودها.
وقال مسؤول تركي كبير، الثلاثاء، رافضا الكشف عن اسمه: "نريد عملية برية مع حلفائنا الدوليين، وبدون عملية على الأرض، من المستحيل وقف المعارك في سوريا"، مؤكدا في الوقت ذاته أنه "لن تكون هناك عملية عسكرية تركية أحادية الجانب في سوريا".
يأتي ذلك بعد ثلاثة أيام على إعلان رئيس الحكومة التركية أحمد داود أوغلو استعداد بلاده للمشاركة في عملية برية إلى جانب السعودية ضد تنظيم الدولة في سوريا، وأكدت كل من أنقرة والرياض أن السعودية أرسلت طائرات حربية إلى قاعدة أنجرليك العسكرية في
تركيا، والتي تعد أهم قاعدة لقوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد تنظيم الدولة.
ومن داخل أراضيها المتاخمة للشمال السوري، واصلت أنقرة، الثلاثاء، قصف مواقع تحت سيطرة الأكراد في ريف حلب الشمالي من دون أن تتمكن من منعهم من التقدم شرقا.
قصف لليوم الرابع
وقصفت المدفعية التركية فجر الثلاثاء مدينة تل رفعت التي وقعت تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، المكون من وحدات حماية الشعب الكردية، وقليل من الفصائل العربية.
وبذلك تكون الفصائل المقاتلة المعارضة للنظام، خسرت أحد معاقلها الثلاثة في ريف حلب الشمالي. ولا تزال الفصائل تسيطر على إعزاز شمالا الأقرب إلى الحدود التركية، ومارع شرقا، فيما أعلنت تركيا الاثنين أنها لن تسمح بسقوط إعزاز في أيدي الأكراد.
وتعد السيطرة على تل رفعت نكسة جديدة للفصائل التي منيت بهزائم متتالية خلال الفترة الأخيرة على أيدي قوات النظام التي شنت بداية الشهر الحالي مدعومة بغطاء جوي روسي هجوما واسع النطاق في محيط مدينة حلب. وتمكنت من التقدم وفرضت حصارا شبه كامل على الفصائل في الأحياء الشرقية لمدينة حلب، وقطعت أهم خطوط الإمدادات عنها.
حرب تصريحات
ومنذ بدء القصف التركي، تدور حرب تصريحات بين تركيا وروسيا.
وقال داود أوغلو الثلاثاء إنه "منذ أيلول/ سبتمبر، تقصف هذه الطائرات (الروسية) الهمجية والغاشمة والجبانة سوريا بدون أي تمييز بين المدنيين والأطفال والعسكريين"، وذلك غداة اتهامه موسكو بأنها تتصرف كـ"منظمة إرهابية". وتوعد برد حاسم إذا استمر القصف.
وأعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن إطلاق صواريخ أدى إلى "مقتل نحو 50 مدنيا بينهم أطفال، إضافة إلى العديد من الجرحى" في خمس مؤسسات طبية "على الأقل" ومدرستين في حلب وإدلب (شمال غرب)، دون أن تحدد الأمم المتحدة الجهة المسؤولة، إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان رجح أن تكون غارات روسية.
ونفت
روسيا الثلاثاء "بشكل قاطع" الاتهامات بقصفها مستشفيات في شمال سوريا.
وينذر التصعيد الميداني الأخير وتبادل الاتهامات بين روسيا وتركيا بصعوبة التوصل إلى وقف للأعمال الحربية خلال أيام تنفيذا لاتفاق الدول الكبرى التي اجتمعت في ميونيخ الجمعة.
دي ميستورا في دمشق
وفي زيارة مفاجئة إلى دمشق، بحث ستيفان دي ميستورا مع مسؤولين سوريين سبل تنفيذ الاتفاق، وخصوصا الإسراع في إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في كل أنحاء البلاد.
وقال بعد لقائه وزير الخارجية السوري وليد المعلم إنه بحث معه "بشكل خاص حول إيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق المحاصرة دون عائق"، موضحا أن الأمر يتعلق بالمناطق المحاصرة ليس "فقط من الحكومة ولكن أيضا من الفصائل المعارضة وتنظيم الدولة".
وتصر المعارضة السورية على وقف القصف وإدخال المساعدات الإنسانية قبل العودة إلى محادثات جنيف بين وفدي الحكومة والمعارضة المقرر أن تستأنف في 25 شباط/ فبراير الحالي.
واتفقت المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تضم الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن وتركيا ودولا عربية خلال اجتماعها في ميونيخ (جنوب ألمانيا) على خطة لوقف المعارك في سوريا خلال أسبوع وتعزيز إيصال المساعدات الإنسانية.
وأشار دي ميستورا إلى أنه سيستأنف محادثاته مع المعلم بعد ظهر اليوم لبحث "النتائج الواضحة جدا التي توصل إليها مؤتمر ميونيخ".