قالت المدير العام لمنظمة
الصحة العالمية مارغريت تشان، السبت: "إن حقوق الملكية الفكرية قد تؤدي ظلما إلى رفع أسعار الأدوية، وأن تسمح لمجموعات الضغط الصناعية بالتدخل في جهود الحكومات الرامية إلى تبني إجراءات لمصلحة الصحة العامة لمواطنيها".
وأضافت تشان أن "حقوق الملكية الفكرية ونظام براءات الاختراع لا يزالان يثيران تساؤلات بشأن العدالة والإنصاف، وقد استمعت إلى بعض المخاوف الخطيرة، فمثلا الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ، وهي أكبر اتفاقية تجارية بين مناطق إقليمية في كل العصور، قد تؤثر سلبا في زيادة تكلفة الأدوية، وفي سوق الأدوية المستنسخة، وكذلك في البدائل الحيوية للنسخ اللاحقة (نسخة من منتج أصلي يتم تصنيعه من قبل شركة مختلفة عند انتهاء مدة صلاحية البراءة للمنتج الأصلي)".
جاء ذلك خلال اجتماع حول "سياسة الصحة العالمية، الفكر والمؤسسات الأكاديمية"، وتحدثت فيه تشان، حول تغيير اللعبة في الصحة العالمية، وذلك بتنظيم من معهد الدراسات العليا في جنيف، وبحضور أكثر من 50 مفكرا وباحثا من مراكز البحوث والمؤسسات الأكاديمية الذين طالبوا بتحقيق أكبر قدر من الإنصاف الصحي، ومعالجة قضايا الشفافية والمساءلة في القضايا والقرارات الصحية.
وأوضحت تشان، أنها تود سماع وجهات نظر الباحثين في هذه الموضوعات، فإذا كانت مثل هذه الاتفاقات تفتح التجارة إلا أنها تغلق فرص الحصول على الأدوية بأسعار معقولة، وهنا ينبغي لنا أن نسأل: هل هذا يعني حقا أنه تم إحراز تقدم مطلق ولا سيما أن تكاليف الرعاية الصحية ترتفع في كل مكان؟ وهي في ارتفاع مستمر.
وذكرت تشان، أن أسعار العلاجات لا تزال تتزايد بتكلفة فلكية، لأن بعض الأدوية الجديدة لالتهاب الكبد الوبائي نوع سي يكلف مبلغ 1000 دولار للحبة الواحدة، كما أن إضافة
دواء جديد واحد إلى النظام القياسي لعلاج سرطان الثدي يزيد من التكلفة إلى حد كبير في البلدان الأكثر فقرا. واعتبرت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، أن ارتفاع أسعار الأدوية يمنع الوصول إليها، فمثلا التهاب الكبد الوبائي "سي" يؤثر في نحو 150 مليون شخص، معظمهم يعيش في البلدان الفقيرة، وإذا لم نتمكن من دفع هذه الأسعار إلى الأسفل، فسندفع ملايين الناس إلى حتفهم. وأضافت تشان، أنه "ينبغي طرح تساؤلات حول الربح العادل لشركة أدوية؟ وإلى أي مدى يبقى تفرُّد السوق بحماية براءات الاختراع تحت ذريعة تحفيز الابتكار؟ وقد استمعت إلى هذا الافتراض السائد على نطاق واسع، غير أن اقتصاديين عدة تمكنوا من الطعن بهذا الافتراض".
وأشارت التي تمر منظمتها حاليا بعملية، توصف بـ "المُوجعة"، إلى وضع شروط للتعامل مع صناعة الأدوية العملاقة وغيرها من الجهات الفاعلة غير التابعة للدولة، وعن مخاوف تتعلق بإمكانية تدخُّل المصالح الاقتصادية الكبرى في عملية صنع السياسات عن طريق الموظفين العموميين الكبار نيابة عن الشركات ذاتها.
وعبرت بوضوح عن قلقها إزاء تدخل يأتي أصلا من الفعاليات الاقتصادية القوية في الأهداف الجديدة الموجهة إلى التبغ، والأمراض غير السارية، بما في ذلك عديد من القطاعات ذات الصلة بالنظام الغذائي، لافتة إلى أن القوة الاقتصادية تترجم نفسها بسهولة إلى قوة سياسية. وقدمت تشان، مثالا على ذلك بقولها، "إن جميع التدابير التي استهدفت خفض الطلب على استهلاك التبوغ التي تم وضعها في الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية حول السيطرة على التبغ، بما في ذلك زيادة الضرائب وأسعار منتجات التبغ، وهما إجراءان أكثر فعالية من الإجراءات الأخرى، يتم تنفيذهما من قبل الحكومات بمقدار ضئيل جدا، بسبب تدخل صناعة التبغ".
وذكرت تشان، أنه في بعض مدن الولايات المتحدة يتم تجميد الجهود الرامية إلى فرض ضرائب على الصودا من قِبل صناعة المشروبات، لكن مع ذلك، فإن التغطية الإعلامية الواسعة حول قضية الصودا، وكثرة استهلاك المشروبات السكرية وكيف أنها تزيد فعليا وعمليا من خطر الإصابة بالسمنة، ومرض السكري، وأمراض أخرى، أدى إلى انخفاض حاد في استهلاك هذا النوع من المشروبات.