مقالات مختارة

امتحان المعارضة بالحكومة المؤقتة

1300x600
لأول مرة في تاريخها السياسي تتّجه تركيا نحو انتخابات مبكرة في الأول من نوفمبر القادم. ولأول مرة في تاريخ هذا البلد يتّجه مساق هذه الإنتخابات ضمن الشروط الدستورية نحو انتخابات مبكرة مع تشكيل حكومة انتخابات، وعلى الرغم من أن الكثير من الكلام قيل فيما يخص هذه الإنتخابات، إلا أنه لا يمكن القول بأن هناك لبس في الموضوع، لأنه وفي مرات سابقة كان يحدث إشكال في تنفيذ المواد الدستورية عند بعض الحقوقيين، وحتى في تشكيل الحكومة المؤقتة؛ فإن الكثيرين لم يمتنعوا عن كتابة المقالات التي تبيّن هذه الدورة الإنتخابية وكأنها إشكال، حتى أنهم قاموا برسم أصعب السيناريوهات.

محاولات فاشلة

بعد الفشل الذريع الذي منيَ به حزب الحركة القومية وحزب الشعب الجمهوري بعدم الائتلاف، قام هذان الحزبان بتعميق الخلاف من خلال قولهم: إن حزب العدالة والتنمية يقوم بحكمهم عن طريق حزب الشعوب الديموقراطي، وكانوا على أمل أن يتحقق أمر الحجب بعد حصول الأحزاب الأخرى على 60% من نتائج الإنتخابات في حزيران، مع أنه لم يمض سوى شهرين على انقضاء انتخابات حزيران، ولأجل تشويه سمعة حزب العدالة والتنمية، فهم ينشرون إشاعات تفيد بأن هذه الحكومة هي حكومة مشكَّلة من قِبَل حزب العدالة والتنمية، وأنها ستستمر بمهامها حتى بعد الإنتخابات المبكرة في نوفمبر، وقد قاموا بشن حملة كبيرة ومبالغ فيها على هذه الحكومة، لكن أملهم خاب ومحاولاتهم باءت بالفشل، و حزب العدالة والتنمية سيكون الفائز في هذه الإنتخابات، وما زالت لديه أوراق مخفيّة لم يلعبها وتحالفات سياسية لم يُظهِرها.

عرقلة العدالة والتنمية

لقد قام حزبا الحركة القومية والشعب الجمهوري بتحويل مسألة الحكومة المؤقتة إلى قضية شرف بالنسبة لهم، مع أنها تعمل تحت مظلّة الشروط الدستورية، ورغم أنهم كانوا قد نجحوا سابقا بالوقوف إلى جانب حزب الشعوب الديموقراطي في مسألة حزمة القوانين الأمنية في 6-8 أكتوبر/ تشرين الأول.

وبالنظر إلى آخر التحليلات فإن المؤيّدين والمعارضين للحكومة المؤقتة قاموا بمخالفة قوانين الدستور، ومع أن حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية كانا معارضين لهذه الإنتخابات، إلا أنهم مع حزب الشعوب الديموقراطي، قبِلوا الدخول في الحكومة الائتلافية لتحقيق هدف واحد وهو عدم إعطاء الفرصة لحزب العدالة والتنمية للفوز بهذه الإنتخابات.

حتى إنه من الممكن القول أن الوضع الآن مشابه لما حصل في اتحاد حزب الحركة القومية والشعوب الديموقراطي والشعب الجمهوري في مسألة حزمة القوانين الأمنية.

كان حزب الشعوب الديموقراطي يحاول من خلال دخوله الحكومة أن يجعل حزب العدالة والتنمية هو من يتحمل تكاليف الخلاف السياسي، الذي حصل بين العمال الكردستاني والشعوب الديموقراطي، وقد خاب أمله في الإيقاع بحزب العدالة والتنمية مع حدوث الخلافات بين حزبي الحركة القومية والشعوب الديموقراطي. وخاب أملهم للمرة الثانية حينما تولى أحد أعضاء حزب الحركة القومية منصبا في الحكومة المشكلة، وخاب للمرة الثالثة حين رد أحد أعضاء حزب الشعوب الديموقراطي طلب انضمامه للحكومة.

وحتى لو اعتُبِرَ هذا الرد الذي قُدم من قِبَل أحد أعضاء حزب الشعوب الديموقراطي بصورة مستقلة، فإنه يستحيل أن نقيّم الأمر الذي حصل في حزب الحركة القومية على أنه مستقل. وكانت النتيجة موقف حزب الشعب الجمهوري الذي عمل ما بوسعه من أجل عدم اعتماد حزب الشعوب الديموقراطي كشريك في الائتلاف.

العداء الغريب للحكومة المؤقت

من المؤكد أن الأحداث التي حصلت ابتداء من تاريخ 7 حزيران/ يونيو إلى اليوم، ستؤثر بشكل كبير على انتخابات تشرين الأول، ولكن من الضروري أن نعلم أن مسألة القصور السياسي التي حصلت في المجلس ستُشَكل عاملا أساسيا في هذا الإنتخابات. فبدلا من اعتبار الحكومة المؤقتة التي حلّت العديد من المشاكل كأزمة سياسية، يجب أن تكون أمرا يدعو للفرح.

لن يكون بإمكان حزبي الحركة القومية والشعب الجمهوري أن يبرّروا أفعالهم بعد أن دخلوا في صراع غير مُبَرَّر مع الحكومة المؤقتة، إلى جانب أنه لن يكون هناك أي مكسب سياسي لهم بوجود حزب الشعوب الديموقراطي، وفي اللحظة التي تتوقّف فيها الأحزاب عن عداء الحكومة المؤقتة سنستطيع وقتها التوجّه إلى الإنتخابات في الأول من نوفمبر بلا أية مشاكل.

 

  عن صحيفة ستار - طه أوزهان خاص ، ترجمة وتحرير تركيا بوست