ذكرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية أن
تنظيم الدولة أنشأ في مدينة
الموصل مصنعا للأطراف الصناعية، خصّصها لمقاتليه الذين خسروا أطرافهم في معاركه، وفق قوله.
وأوضحت الصحيفة التابعة لـ"حزب الله" أن إصابات عناصر التنظيم في أطرافهم ازدادت خلال الفترة السابقة بعد تكثيف طائرات التحالف ضرباتها على مقاتليه في العراق وشرق وشمال سوريا.
وتابعت الصحيفة: "افتتح التنظيم أيضا معهدا مهنيا لإدارة الكوارث وإجلاء الجرحى، ليحل بديلا عن الهلال الأحمر".
وحول كلية الطب التي افتتحها التنظيم في مقر "نقابة المهندسين" بالرّقة، قالت الصحيفة: "تمكن التنظيم من استقطاب عدد كبير من الشبان الذين تقدموا إلى امتحان القبول في كليتي الطب وفشلوا في تجاوزه، وأغلبهم ممن عملوا في المشافي الميدانية واكتسبوا خبرات في مجال الإسعافات الأولية ونقل الجرحى".
وبحسب الصحيفة، فإن السنة الأولى لكلية الطب في
الرقة انتهت، بمشاركة شبان سوريين وعرب وأجانب.
وقالت الصحيفة إن إنشاء كلية الطب في الرّقة يعود الفضل فيه إلى ثلاثة شبان من مدينة حماة، كانوا يدرسون الطب البشري في جامعة حلب، حيث طرحوا فكرتهم بإحداث كلية للطب البشري على قيادة التنظيم بعد التحاقهم بصفوفه أواخر عام 2013، وأصبحت الكلية أمرا واقعا بعد الموافقة عليها.
وتنقل "الأخبار" عن أحد طلبة الكلية قوله: "لا أعرف لماذا يسخر الجميع من استحداث كلية الطب، ليس جميع عناصر الدولة أمّيين".
وأضاف: "هناك مستويات علمية عالية ومهمة. لا يعترف العالم الآن بهذه الشهادة أو الدراسة، لكن هي في أسوأ الأحوال تضمن لنا عملا مرموقا في مناطق سيطرة الدولة، إضافة إلى الأجر العالي الذي نتقاضاه".
وزعمت الصحيفة أن التنظيم أعدم قبل فترة طبيب الأمراض النسائية عبد الله الشلاش، بتهمة معالجة النساء باعتباره "زنا"، وفق قولهم.
وتنقل "الأخبار" على لسان أحد مسؤولي "ديوان الصحة" في التنظيم قوله إن أكثر من 200 طالب التحقوا خلال العام الماضي بالكلية.
وأضاف: "يدرسون وفق مناهج حديثة باللغتين العربية والإنجليزية، ويكتسبون خبرات متطورة. وقريبا سنصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي طبيا وتمريضيا".
وكان التنظيم اشترط على الراغبين بالالتحاق بكليتي الطب في الرقة والموصل أن لا تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة، ولا تتجاوز الثلاثين، وأن تتجاوز نسبة نجاحهم في الثانوية العامة الـ80% من المجموع العام.
وبحسب التنظيم، فإن من منعتهم ظروف الحرب من إكمال دراستهم الثانوية عليهم أن يخضعوا لامتحان قبول تنافسي، شريطة أن يتجاوز مجموع درجاتهم الـ80% من المجموع العام في المرحلة الإعدادية.
ممارسة عملية
وأوضحت الصحيفة أن تنظيم الدولة استفاد ممّا بقي من تجهيزات ومختبرات كليّتي الصيدلة والعلوم الطبيعية، ونقل معظم الأجهزة الطبية إلى مقر الكلية في نقابة المهندسين، القريبة من المشفى الوطني بالرقة.
فيما قالت إن الطلبة يتابعون في جانب دراستهم العملي إجراء عمليات جراحية مختلفة، وهم يساعدون الأطباء في معالجة جرحى التنظيم الذين يأتون من مناطق الاشتباكات.
وكان تنظيم الدولة أصدر في نيسان/ أبريل الماضي إصدارين مصورين عن الخدمات الطبية التي يقدمها في الرقة وحلب، حيث إنه ركزّ على وجود أطباء من أوروبا والهند.
وتجولت كاميرا التنظيم حينها داخل قسم "العناية المركزة" في
المستشفى، الذي يستقبل الحالات الحرجة. فيما قال أحد الأطباء إن "ديوان الصحة" افتتح قسما للأشعة خاصا بالنساء.
وتحدث الطبيب أبو المقاتل الهندي، مدير قسم "العلاج الفيزيائي" في مستشفى الرقة، مؤكدا أن "هذا القسم من أهم أقسام المستشفى، ويضم أطباء من البلدان كافة، مثل روسيا، وأستراليا، وسيريلانكا وتونس".
وفي إشارة إلى التطور الذي وصل إليه مركز العلاج الفيزيائي، أشار الطبيب الهندي إلى أنه في بداية وصوله كان المركز يستقبل أسبوعيا 30 مريضا فقط، أما الآن فقد تجاوز عدد المراجعين أسبوعيا الـ500 مراجع.
وافتتح "ديوان الصحة" قسما خاصا بـ"الحجامة" في مستشفى الرقة العام، يشرف عليه الطبيب المصري أبو عبد الله الذي قال إن ما بين 20 و30 شخصا يتوافدون إلى المركز يوميا لإجراء "الحجامة" التي تتم بأدوات طبية معقمة بشكل جيد.
وفي قسم الأطفال يوجد عدد كبير من "الرضع"، يشرف عليهم الطبيب الأسترالي أبو يوسف الذي "هاجر من أستراليا إلى دولة الخلافة" منذ وقت. ودعا أبو يوسف جميع الأطباء والطبيبات في بلده إلى المسارعة في القدوم، مشيرا إلى أن مستشفيات الرقة تحتاج إلى كوادر أكثر من حاجتها إلى معدات.
وأوضح الطبيب أبو عبد الرحمن الشامي، أن كلية الطب في الرقة تتميز بتكثيف مواد التخصص المعطاة للطلبة حتى تتقلص سنوات الدراسة، وقال: "أنا درست الطب في ست سنوات، أجبروني على دراسة 25 مادة من غير التخصص، أما هنا، فيُتم الطالب دراسة الطب في ثلاث سنوات وبتركيز على مواد التخصص فقط".
وفي نهاية الإصدار، أظهر الفيديو لقطات من داخل المستشفى تعطي فكرة عن الخدمات التي تقدمها الكوادر الطبية للمرضى، بالإضافة إلى سيارات الإسعاف التي تنقل المصابين من مناطق القصف إلى المستشفى في سرعة قصوى.
وفي إصدار مشابه بثه المكتب الإعلامي لما يسمى بـ"ولاية حلب" واطلعت عليه "
عربي21"، أظهر إعلانا علقه التنظيم في مناطق يسيطر عليها، يدعو فيه الراغبين في إكمال دراستهم الطبية غلى الالتحاق بمركز الدراسات في كلية الطب، مشيرين إلى أن مدة الدراسة تتراوح بين سنتين وثلاث سنوات وفقا لنوع التخصص.
وأكد أحد الكوادر الطبية وهو من المبايعين لتنظيم الدولة، أن "أي شخص يسكن في منطقة تسيطر عليها الدولة الإسلامية لا يحتاج إلى تأمين صحي، فالعلاج هنا مجانا دون أي ثمن، والله تعالى وفقنا لخدمة المسلمين رغم قلة الإمكانات".
وأوضح الشخص الذي يتحدث من داخل أحد المستشفيات ويرتدي لباس الأطباء، مع وضع "كمامة" على فمه وغطاء "نايلون" على رأسه كسائر الأطباء، أن مستشفيات "الولاية" تجري عمليات جراحية صعبة أبرزها "تبديل المفاصل".
ويظهر الإصدار الذي تم تصويره بكاميرات عالية الدقة مشاهد لعلاج مراجعين للمستشفى، إضافة إلى لقطة صورت جزءا من عملية جراحية أشرف عليها أطباء جلهم ملتحون في غرفة عمليات، يبدو أنها جُهزت على أكمل وجه.
وأوضح المتحدث في الإصدار أن فرقا طبية كاملة ترافق "المجاهدين" إلى "ساحات النزال والمعارك" ليتم إجراء الإسعافات الأولية لعناصر التنظيم الذين يتعرضون لإصابات في المعارك.
وقال السوري أبو بكر، وهو فني تخدير يعمل في أحد المستشفيات التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، إن المدينة شهدت ازدهارا "رائعا" في ظل حكم التنظيم، وبين أنه يتقاضى راتبا أكبر بكثير من الذي كان يتقاضاه في ظل حكم الفصائل المسلحة للمنطقة.
ونشر الإصدار إحصائيات الشهر الماضي لمستشفى "الفاروق" ومستشفى "عائشة"، حيث أظهرت الإحصائيات أن 6711 مريضا راجعوا عيادات المسشفيين، بينما أجرى 15688 شخصا تحليلات مخبرية، بالإضافة إلى 442 عملية غسيل كلى، و233 جلسة معالجة فيزيائية، ومئات العمليات الجراحية منها 47 أجريت لنساء.
وصرح أحد الإداريين بأن المستشفى يحتوي على أقسام لـ"التلاسيميا"، وحواضن للأطفال، وقسم لغسيل الكلى، وقسم للولادة الطبيعية والقيصرية، مبينا أن أقسام المستشفى تخضع لعناية مشددة على مدار اليوم.
ولم يُخف المتحدث أن هناك بعض العمليات لا يمكن إجراؤها في مستشفيات "ديوان الصحة" التابع للتنظيم بسبب عدم توفر معدات أو أطباء لها، مثل عمليات "الليزر، والليزك، والقلب المفتوح، والأشعة الخاصة بمعالجة الأورام"، ما يضطر المرضى للانتقال لمناطق أخرى غير خاضعة للتنظيم من أجل تلقي العلاج.