نشرت صحيفة لوبوان الفرنسية تقريرا على إثر وفاة 700 مهاجر خلال غرق سفينة في ليلة الثامن عشر من نيسان/ أبريل الجاري، ورد فيه أن الكوارث الإنسانية تتوالى منذ سنوات في البحر الأبيض المتوسط بشكل مأساوي.
وأوضحت الصحيفة، في هذا التقرير الذي اطلعت عليه "عربي21"، أن الحادث الأخير يمثل على الأرجح أسوأ كارثة عرفها البحر الأبيض المتوسط، عندما غرق زورق صيد يقل
مهاجرين في الليلة الفاصلة بين يومي السبت والأحد الماضيين.
كما نقلت عن المفوضية العليا لشؤون
اللاجئين تأكيدها أن 700 شخص اختفوا على إثر هذه الحادثة. ولكنها أشارت في الوقت ذاته إلى صعوبة تحديد الحصيلة الرسمية لهذه الكارثة، لأنه من الصعب معرفة عدد المهاجرين السريين الذين تواجدوا على متن هذا الزورق المتداعي أثناء انطلاقه من سواحل ليبيا.
وذكر التقرير أن المعلومات الأولية أشارت إلى نجاح فرق خفر السواحل في إنقاذ 28 شخصا، وانتشالها 24 جثة، بالتزامن مع وصول أنباء عن تعرض زورق آخر لمشكلات كبيرة، ما أثار مخاوف جديدة حول مصير 300 مهاجر سري يقبعون على متنه.
وأضاف التقرير أنه منذ بداية سنة 2015، شهدت مياه
البحر المتوسط غرق حوالي 900 مهاجر، دون احتساب مأساة السبت الماضي.
وفي السياق ذاته، نقلت الصحيفة عن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وصفها للبحر الأبيض المتوسط بأنه كان الطريق الأخطر على الإطلاق في العالم خلال سنة 2014، بعد أن أودى بحياة أكثر من 3400 مهاجر، ولكنها رجحت في الآن ذاته أن تكون سنة 2015 أكثر مأساوية، بالنظر لكثرة حوادث الغرق الجماعية، بالإضافة إلى الحوادث الصغيرة التي لا تلقى الكثير من الاهتمام؛ لأن عدد ضحاياها لا يكون كبيرا.
وذكرت الصحيفة في تقريرها أبرز الحوادث التي وقعت خلال السنوات الماضية، التي كانت آخرها غرق مهاجرين قادمين من ليبيا قبالة سواحل
إيطاليا في 16 نيسان/ أبريل الماضي، ومن بين 45 مهاجرا لم ينج سوى أربعة أشخاص، منهم نيجيريان وغاني ونيجري.
وبحسب الصحيفة، يعود سبب هذه الحادثة إلى تعرض الزورق المطاطي الذي كانوا يستقلونه إلى ثقب، ما أدى لخروج الهواء منه في وقت قصير، وقد تم تحديد موقعه من قبل طائرة وسفينة حربية إيطالية قرب سواحل سيسيليا، ولكنها وصلت متأخرة.
وأضافت الصحيفة أنه في 12 نيسان/ أبريل الماضي، اختفى 400 مهاجر كانوا قادمين من ليبيا، قرب سواحل ريجيو كالابريا، فيما نجحت فرق خفر السواحل في إنقاذ 150 شخص في تلك الحادثة.
وفي 12 شباط/ فبراير الماضي، انطلقت أربعة زوارق شراعية من ليبيا، ولم يصل منها سوى واحد فقط لسواحل إيطاليا، فيما غرقت بقية الزوارق أو انقلبت، ما أدى لوفاة 300 مهاجر من أصل 420 جاؤوا من دول جنوب الصحراء الأفريقية بهدف عبور البحر نحو "الجنة الأوروبية".
كما أشارت الصحيفة إلى غرق قارب قادم من مصر قبالة سواحل مالطا أثناء رحلته نحو إيطاليا، في 10 أيلول/ سبتمبر 2014، ما أدى لوفاة 500 شخص أغلبهم من سوريا والأردن ومصر والسودان.
وحسب رواية الناجين، فإن الحادث سببه محاولة المهربين نقل المهاجرين السريين إلى زورق أصغر، وعندما رفض المهاجرون هذا الأمر تعمد المهربون إغراق القارب والهرب على متن الزورق الصغير.
وأضافت أنه في 22 آب/ أغسطس الماضي، اختفى 170 مهاجرا قرب سواحل ليبيا، أغلبهم من الصومال وأريتريا، وقد غرق قاربهم الخشبي بعد اجتيازه لمسافة ستين كيلومترا بعيدا عن طرابلس، ولم تتمكن فرق خفر السواحل الليبية من إنقاذ أكثر من 16 شخصا.
وفي الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر 2013، أدت حادثة غرق قرب جزيرة لمبيدوزا إلى وفاة 366 مهاجرا، أغلبهم من الصومال وأريتريا، من أصل 500 مهاجر كان القارب يقلهم عند انطلاقه من طرابلس، وقد تفاعلت وسائل الإعلام العالمية مع تلك الحادثة المأساوية، وقامت على أثرها إيطاليا بإطلاق عملية "ماري نستروم" خلال نفس الشهر، بهدف تسيير دوريات مكثفة على مدار الساعة لإنقاذ المهاجرين السريين.
وقد لقيت هذه المبادرة نجاحا ملحوظا، ولكنها اصطدمت بعد ذلك بصعوبات، لأنها بحسب البعض "تشجع على
الهجرة السرية"، كما أن إيطاليا رفضت تحمل الكلفة الباهظة لهذه العمليات بمفردها. وفي النهاية قام الاتحاد الأوروبي بتعويضها بعملية "ترينتون" التي كانت أقل جدية، ما أدى لتزايد حوادث الغرق.
كما شهد الثاني من حزيران/ يونيو 2011 وفاة مهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، يتراوح عددهم بين 200 و270 قرب السواحل التونسية، بسبب تواجد 800 شخص على متن زورق يبلغ طوله 20 مترا. وفي السادس من نيسان/ أبريل من السنة ذاتها غرق قارب قبالة سواحل جزيرة لمبيدوزا الإيطالية يحمل على متنه 150 مهاجرا صوماليا وأريتريا.
كما ذكرت الصحيفة أنه في الخامس والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر من سنة 1996 تعرض 283 مهاجرا من الهند وباكستان وسريلانكا للغرق بين مالطا وإيطاليا، وقد مرت تلك الحادثة في الخفاء، وقام البحارة الإيطاليون الذين عثروا على بعض جثث المهاجرين في شباكهم بالتستر على الحادث، إلى حين تقديم أحدهم لمعلومات حول الحادث لصحيفة "La Repubblica" الإيطالية بعد خمس سنوات، ما دفع إلى فتح تحقيق في الحادث والعثور على حطام السفينة.