استغل تجار ومصدرون
إيرانيون إغلاق المنافذ الحدودية في غرب وشمال
العراق بسبب العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة، فأدخلوا كميات كبيرة من
البضائع والسلع الإيرانية عن طريق منافذ الجنوب والشرق المطلة على إيران.
وقال المواطن خالد إبراهيم (49 عاما) من سكان منطقة الكرادة بوسط بغداد، إن الشهور الماضية شهدت امتلاء الأسواق بالسلع الإيرانية، وخصوصاً المواد الغذائية، مشيرا إلى "غياب واضح للبضائع التركية والسورية والصينية والأجنبية الأخرى".
وأضاف لـ
"عربي21" أن
السلع والمنتجات الإيرانية رخيصة الثمن، "إلا أن أغلبها ليس جيدا، ولكننا مضطرون إلى اقتنائها لأنها المتوفرة حالياً في الأسواق بشكل كبير".
وبسبب المعارك المشتعلة بين الجيش العراقي ومليشيات الحشد الشعبي، وبين تنظيم الدولة ومقاتلي العشائر السنية؛ تم إغلاق منفذي طريبيل والوليد في محافظة الأنبار، ومنفذي ربيعة وإبراهيم الخليل في محافظة نينوى، بينما بقيت منافذ الشلامجة والمنذرية وحاج عمران والشيب وزرباطية وبرويزخان ومندلي سومار، مفتوحة مع إيران، فضلا عن منفذ صفوان في محافظة البصرة المطل على دولة الكويت.
من جهته؛ قال المستورد العراقي ناظم سعيد، إن التجار اضطروا إلى الاستيراد عبر المنافذ الشرقية المشتركة مع إيران، بسبب إغلاق بقية المنافذ عقب الأحداث الأمنية التي جرت في 10 حزيران/ يونيو 2014".
وأضاف لـ
"عربي21": "أصبحنا ننقل البضائع التركية والسعودية والكويتية والمصرية والصينية عبر إيران، فصار لزاما علينا أن ندفع الضريبة مرتين؛ مرة في إيران، والأخرى في العراق، ما تسبب لنا بخسائر كبيرة، فلم يعد أمامنا خيار سوى استيراد السلع والبضائع الإيرانية؛ لأننا في النهاية نبحث عن الربح".
أما المستورد مؤيد الصباحي؛ فأكد قيام شخصيات عراقية "متنفذة" بعرقلة دخول البضائع "غير الإيرانية".
وقال لـ
"عربي21" إن العاملين في المنافذ الشرقية يضعون آليات معقدة للاستيراد، بهدف منع دخول بضائعنا التي نستوردها من دول غير إيران، متهما شخصيات متنفذة في الدولة بـ"دعم البضاعة الإيرانية، والسعي لجعلها متسيدة في الأسواق العراقية".
بدورها؛ حذرت عضو لجنة
الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب، نورا سالم البجاري، من سيطرة البضائع والسلع الإيرانية على السوق العراقية، واصفة ذلك بأنه "مؤشر خطير تتحمله وزارة التجارة لأنها المعنية بمراقبة السوق".
وقالت البجاري لـ
"عربي21" إن المنتجات المستوردة، سواء الإيرانية أم غيرها، تسببت بخسائر كبيرة للمنتج الوطني، الذي تراجع إلى درجة أنه حالياً لا يشكل سوى ثمانية بالمئة من مجمل المنتجات المتوفرة في السوق، مطالبة الحكومة بـ"تشكيل لجنة لمتابعة السلع المستوردة، وتقييمها بالمقارنة مع ما يُنتج في العراق".
وبين رئيس الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط، ضياء عواد، أن حجم التبادل التجاري بين بغداد وطهران؛ ارتفع خلال العام الحالي إلى 13 مليار دولار، بسبب استمرار غلق المنافذ الشمالية والغربية.
وأضاف عواد لـ
"عربي21" أن حجم التبادل التجاري بين البلدين سيصل إلى 19 مليار دولار، وذلك بعد تشغيل خط أنبوب نقل
الغاز الإيراني خلال الأشهر القليلة المقبلة، والذي يبدأ من منطقة "
نفط خانة" الحدودية بين إيران والعراق، مرورا بمحافظة ديالى شرق البلاد، ليصل إلى حقل ومحطة المنصورية الغازية، ثم يمتد ليغذي محطتي القدس والصدر الغازيتين في بغداد.
ويتوقع خبراء اقتصاديون أن تتراجع السلع الإيرانية في حال تم الالتزام بتطبيق البرنامج الاقتصادي لحكومة حيدر العبادي، كون إحدى فقراته تؤكد دعم المنتج الوطني وتعزيزه من خلال تشغيل المصانع والمعامل المتوقفة، وتمويلها بقروض صناعية تقدر بتسعة مليارات دولار.
ولكن الخبراء يستبعدون في الوقت ذاته إمكانية تطبيق ما جاء في البرنامج الاقتصادي للحكومة، بسبب تراجع أسعار النفط التي تعتمد عليها موازنة الدولة بنسبة 96 بالمئة، بالإضافة إلى زيادة عجز الموازنة المالية لعام 2015 ليصل إلى نحو 27 بالمئة.