انتقد مستشار سابق للمبعوث الدولي إلى
سوريا ستيفان
دي ميستورا، طريقة عمله مشككا بإمكانية نجاح تحركاته في سوريا رغم تخفيض سقف طموحاته مرارا.
ووصف معين رباني، وهو مستشار سابق في مكتب دي ميستورا كان قد استقال بعد أسابيع من تكليف الأخير بالمهمة، أداء دي ميستورا أمام مجلس الأمن في 17 شباط/ فبراير الجاري، بأنه كان "باهتا أكثر مما بدا عليه قبل أكثر من أربعة أشهر".
وأوضح رباني في مقال نشره موقع "لندن بوك ريفيوز"، أن دي ميستورا "لم يعترف بالفشل" أمام مجلس الأمن، بل إنه حاول طمأنة المجلس بأنه حصل على "تعهد" من الرئيس السوري بشار الأسد بوقف القصف الجوي والمدفعي على
حلب لمدة ستة أسابيع. لكن ربّاني نبه إلى أنّ "غياب التعبيرات الرنانة يدل على تواضع الطموحات".
ويشرح ربّاني ذلك عبر الإشارة إلى أن دي ميستورا كان قد اقترح بداية "خطة عمل" على مجلس الأمن في 30 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تتضمن وقفا لإطلاق النار في حلب كمرحلة أولى، ثم تعميمه لاحقا على مناطق أخرى مع السماح بمرور المساعدات الإنسانية، لتمهيد الأرضية للعملية السياسية. لكن بحلول 17 شباط/ فبراير الجاري، أي تاريخ كلمة دي ميستورا أمام مجلس الأمن، فقد تحولت الخطة إلى تعليق مؤقت لقصف المدينة، ومقترح سيتم التفاوض عليه لـ"وقف العمليات العدائية" في حي واحد فقط من أحياء حلب، وتكرار الحديث عن الحاجة لحل سياسي من خلال "مبادرة أممية موسعة غير واضحة المعالم".
ووفق تقدير معين ربّاني، فإن "إنقاذ المهمة هو الأولوية لدى دي ميستورا"، لكن يبدو أن المبعوث "أصبح أمامه الكثير لإنقاذه" مع سقوط عدد كبير من الضحايا في القصف الجوي للنظام السوري على مدينة دوما في الغوطة الشرقية، في وقت كان فيه دي ميستورا يحضر حفلا للسفارة الإيرانية في دمشق في ذكرى الثورة الإيرانية، كما يلفت إلى ذلك رباني.
وقد أتبع ذلك دي ميستورا بتصريح يصف فيه النظام السوري بأنه "جزء من الحل"، ليعود مكتبه للقول إن المبعوث الدولي يقصد أن النظام جزء من المفاوضات لتجميد القتال في حلب، وهو ما وضعه في موقف صعب مع المعارضة.
وفي ظل شكوك كبيرة بإمكانية نجاح خطة دي ميستورا في حلب، يرى ربّاني أن تحرك المبعوث الدولي لا يعدو كونه "عرضا هامشيا"، في حين أن من الممكن أن يعني تعليق القصف الجوي أن "يُقتل الناس بالرصاص بدل القنابل"، وفق وصفه.
ويرى رباني أن خطة دي ميستورا لتجميد القتال في حلب لن تقود إلى شيء أبعد من ذلك، ويستعيد عبارة استخدمها دي ميستورا نفسه بأن هذه الخطة هي "هدف بحد ذاتها". وفي حين يلفت رباني إلى أن دبلوماسيين "أكثر قدرة حاولوا التعامل مع الصراع المعقد لكنهم فشلوا (..) إلا أنهم آثروا الاستقالة بدلا من الاستمرار في تخفيض سقف أجندتهم إلى حد الخديعة"، في إشارة إلى التغييرات المتكررة التي طرأت على خطة دي ميستورا.
وبينما قال دي ميستورا، مخاطبا مجلس الأمن: "لا أريد أن أبقى في مخيلتكم باعتباري السيد تجميد"، فقد ختم معين رباني بالقول إن المبعوث الدولي "سيكون محظوظا إذا تمكن من فعل ذلك"، في إشارة إلى خطة
تجميد القتال.
وتلقى خطة دي مستورا انتقادات واسعة من جانب مؤيدي الثورة السورية، حيث إنهم يرون فيها تكرارا لطروحات النظام السوري الذي يكرر دائما أنه يرى في هذه المقترحات بداية لما يسميها "هدنًا" تقود إلى "استسلام غير مشروط" وانسحاب المقاتلين أو تسليم أسلحتهم، مثلما حصل في مناطق أخرى كانت تخضع للحصار الخانق.
ولدفع الثوار إلى هذا المربع، يسعى النظام السوري جاهدا لفرض طوق حول مدينة حلب، عبر محاولاته المتكررة لقطع الطريق الدولي إلى الريف الشمالي وصولا إلى الحدود التركية. وضمن هذا السياق، فقد تسللت عناصر النظام السوري والمليشيات الموالية له إلى ثلاث قرى في الريف الشمالي، ما أدى إلى قطع الطريق لبعض الوقت، لكنّ الثوار تمكنوا من استعادة غالبية هذه المناطق مع مناطق أخرى سيطر عليها النظام في وقت سابق.
ووُجهت انتقادات شديدة للمبعوث الدولي بسبب تجاهله القصف بالبراميل المتفجرة على دوما حينما كان في دمشق، على بعد بضعة كيلومترات فقط، دون أن يتوجه لزيارة المدينة أو أن يتطرق إلى ما يجري فيها. وزاد من حدة الغضب تجاهه تصريحه بأن النظام السوري جزء من الحل، وهو ما اعتبره مؤيدو الثورة السورية انحيازا لصالح النظام الذي يرون فيه أصل المشكلة.
وكان دي ميستورا قد أبلغ النظام السوري بمقترحاته خلال زيارته الأولى لدمشق في أيلول/ سبتمبر الماضي، ثم أعلن عنها عبر الإعلام، قبل أن يُبلغ بها الائتلاف الوطني السوري وأطراف المعارضة الأخرى.