تمرد مجموعة من
المصلين في مدينة
الفلوجة بمحافظة الأنبار على قرارت "
تنظيم الدولة" (داعش)، وذلك حين انسحبوا من صلاة الجمعة في أكبر مساجد الفلوجة، بعد أن تم استبدال الخطيب السابق بآخر من المقاتلين الذين يفرضون سيطرتهم التامة على معظم مناطق المدينة.
وقال معاذ القيسي الذي اعتاد حضور صلاة الجمعة في مسجد "الحضرة المحمدية" وسط مدينة الفلوجة لـ"عربي21"، إن أغلب المصلين البالغ عددهم 200 انسحبوا بشكل جماعي عقب صعود خطيب جديد إلى منبر المسجد، مبينا أنهم تفاجئوا بصدور قرار من "تنظيم الدولة" بعزل خطيب المسجد الأصلي الشيخ علي البصري، وتعيين أحد مقاتليهم الشباب مكانه.
وأضاف القيسي، أن انسحاب المصلين من المسجد لم يكن منسقا أو متفق عليه مسبقا، وإنما جاء بشكل عفوي وللتعبير عن رفض الأهالي للقرارات التي يتم اتخاذها في المدينة، وخصوصا تلك التي تخص الرموز ورجال الدين الذين يحضون بشعبية واسعة بين أبناء الفلوجة.
وتابع بأن أحاديث علنية تبادلها المصلون ولأول مرة عن عبثية القرارت التي يتخذها مقاتلوا "تنظيم الدولة" وتحكمهم في كل تفاصيل حياة أهل المدينة، فيما أعرب العديد منهم وبصوت مسموع عن استنكاره لقرارات العزل التي طالت عدد من شيوخ وخطباء الفلوجة وحالة الإقامة الجبرية التي فرضها التنظيم على الشيخ علي البصري الذي لم يغادر منزله في حي 7 نيسان بالفلوجة منذ أكثر من أسبوعين.
وأشار إلى أن حادثة جامع الحضرة المحمدية لا يمكن اعتبارها حالة فردية أو عملا عابرا، وإنما هي تعبير عن مزاج عام يسود الفلوجة ويرفض المساس بالرموز والشخصيات القيادية في المدينة، ومنهم الشيخ البصري الذي كان من أبرز الأصوات في ساحة اعتصام المدينة التي شهدت احتجاجات سلمية على السياسات الطائفية لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
من جهته، أوضح موظف في ديوان الوقف السني المسؤول عن إدارة شؤون المساجد أن "تنظيم الدولة" أنشأ ديوان أوقاف خاص به بعد بسط سيطرتة الكاملة على مدينة الفلوجة، وباتت جميع المساجد والأوقاف في المدينة تتبع للديوان الجديد الذي يعمل به مجموعة من مقاتلي التنظيم.
وبيّن الموظف الذي رفض ذكر اسمه، أن "تنظيم الدولة" قام باستبدال الأئمة والخطباء السابقين في الفلوجة بعناصر تابعة له، وأن هذه التغييرات شملت 15 مسجدا في المدينة، فيما سمح لخطباء ثلاثة مساجد أخرى بأن يستمروا في عملهم، لافتا إلى أن الشيخين علي البصري وعبد الحميد جدوع هما أبرز رجال الدين الذين شملهم قرار العزل.
وفي السياق ذاته، أكد أستاذ علم الاجتماع في جامعة الأنبار، علي كرجي الحلبوسي، أن مسحة التدين التي تطغى على مدينة الفلوجة والتي جلبت لها تسمية "مدينة المساجد" تجعل من المساس بالرموز الدينية ودور العبادة شيئا لا يمكن لأهالي المدينة أن يتهاونوا معه، مبينا أن الشواهد التاريخية والاجتماعية تبين أن ساكن الفلوجة يحزن لضرر يصيب مسجده بدرجه أكبر من حزنه لو أصاب مثل هذا الضرر بيته أو ممتلكاته الشخصية وهي حالة تختص بها الفلوجة دون غيرها من مدن الأنبار.
وأضاف الحلبوسي لـ"عربي21"، أن حادثة جامع الحضرة المحمدية يأتي ضمن هذا السياق، ولها مدلولات خاصة تمثلت في كلام علني واحتجاج مسموع على سلطة عليا ومسلحة في المدينة، وربما تتطور إلى شيء أكبر في المستقبل القريب.