استجابة لضغوط منظمات حقوقية وقبطية وحزبية عدة؛ قررت النيابة العامة في
مصر فتح التحقيقات، الأربعاء، في "انتهاكات" أجهزة
الشرطة ضد أقباط قرية دير جبل الطير بمركز سمالوط في محافظة المنيا، بعد بلاغ رسمي تقدم به محامون إلى
النائب العام بالقاهرة، للتحقيق في اقتحام وتدمير منازل عدد من أقباط القرية، والاعتداء عليهم، على خلفية الاحتجاج على تغيب ربة منزل مسيحية عن بيتها، وفق البلاغ.
وصرح الناشط القبطي وعضو مجلس محافظة المنيا السابق، مجدي ملك، أنهم التقوا مدير أمن المنيا، اللواء أسامة متولي، الأربعاء، الذي قرر فتح تحقيق إدارى في الأحداث، مشيرا إلى أن مدير الأمن وُضع تحت ضغط شديد لفتح هذا التحقيق حتى وإن كان تحقيق الأب مع ابنه، على حد تعبيره.
وأكد أن "إخلاء سبيل جميع المحبوسين على
الأقباط، وعددهم 12، يأتي نوعا من تصحيح الأوضاع، لا سيما أن جميع المحاضر ضدهم لا تستند إلى أي دليل"، وفق قوله.
وكانت محكمة جنح مستأنف المنيا، أخلت الأربعاء، سبيل 12 متهما بكفالة 5 آلاف جنيه لكل منهم، في الأحداث التي أسفرت عن إصابة 3 أفراد شرطة، وتهشم 3 سيارات في اشتباكات أمام نقطة الشرطة بالقرية.
مطالب قبطية وضغوط حقوقية وإدانات حزبية
كانت منظمات قبطية وحقوقية وسياسية عدة قد صعدت في الساعات الأخيرة من مطالبها بإجراء تحقيق عاجل فى الأحداث التي شهدتها القرية على إثر اختفاء السيدة المسيحية، وتجمع الأقباط عند قسم الشرطة، الذي حاولوا اقتحامه؛ لكن الشرطة منعت الاقتحام، واعتقلت عددا منهم، ثم اعتقلت عددا آخر من بيوتهم، بحسب الأهالي الأقباط.
فعلى مستوى المنظمات القبطية، أصدر "المجلس الاستشاري للمؤسسات القبطية" بيانا الأربعاء طالب فيه بإجراء تحقيق قضائي فوري في جريمة الاعتداء غير المبرر علي القرية الآمنة، وتقديم المتورطين إلي محاكمة عاجلة، وتقرير تعويض فوري للمتضررين، ورد الأموال المنهوبة التي تم الاستيلاء عليها أثناء الهجوم، وإصلاح ما دُمر من البيوت والممتلكات من أضرار، إلى جانب تشكيل لجنة متخصصة لوضع علاجات حقيقية لضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث، وفق البيان.
وعلى مستوى المنظمات الحقوقية، طالبت "مؤسسة النديم لحقوق الإنسان والتأهيل الإعلامي" الحكومة بسرعة تشكيل لجنة "تقصي حقائق قضائية، محايدة ومستقلة، لا تزيد مدة عملها عن 15 يوما؛ للتحقيق في أحداث قرية جبل الطير".
وطلب رئيس المؤسسة، فهمي نديم، في تصريح صحفي، الأربعاء، سرعة تشكيل اللجنة لسرعة إنهاء تبادل الاتهامات بين الأمن والأهالي، واتهام الأهالي للشرطة بالإفراط فى استخدام العنف، والتسبب في تلفيات مادية وبشرية كبيرة لهم، بعد أن تأججت نيران الفتنة؛ بسبب تعصب بعض الشباب المسيحي الذي بدأ الاعتداء على النقطة، وسيارات الشرطة، وقطع الطريق.
وقال رئيس لجنة الشكاوى، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، ناصر أمين، إن اللجنة المُشكلة لبحث أحداث جبل الطير انتهت من أعمالها، وإن التقرير يُعرض على أعضاء المجلس الأربعاء لمناقشته للخروج بعدد من التوصيات.
وعلى مستوى الأحزاب، طالب الحزب المصري الديمقراطى الاجتماعي رئيس مصر بإقالة وزير الداخلية، اللواء محمد إبراهيم، لمحاولته إعادة إنتاج "عصر التعذيب"، بحسب الحزب، رفضا ما قال إنه "ممارسة رجال الشرطة غير المسؤولة التي وقعت بمحافظة المنيا، بحسب بيان أصدره الحزب الأربعاء.
وأدان البيان الممارسات التى وقعت فى قرية جبل الطير من اعتداء على العائلات المسيحية، واقتحام منازلهم، وتحطيم ممتلكاتهم، والقبض العشوائي على رجالهم وتعذيبهم وتلفيق التهم إليهم، بحسب البيان.
كما أن حزب "المصريين الأحرار" طالب بإجراء تحقيق عاجل وشفاف حول أحداث جبل الطير في المنيا التي تنذر بالتصاعد، خاصة أنها بالقرب من منطقة ملتهبة شهدت موجة حرق الكنائس في أعقاب فض اعتصام رابعة، بحسب بيان للحزب أصدره الأربعاء.
ناشطون أقباط غاضبون
ويبدو أن أحداث جبل الطير قد تسببت في زعزعة الثقة المطلقة بين الأقباط والكنيسة من ناحية تحول البوصلة إلى رفض تقديم دعم مطلق للنظام بعد ممارسات الشرطة مع أقباط القرية.
وفي هذا الصدد، تداول نشطاء أقباط الأمر، وكتب جاك عطالله مؤكدا مسؤولية السيسي القانونية عن الجرائم ضد الاقباط، وطلب محمية طبيعية للمصريين، بحسب تعبيره.
ووجه نشطاء أقباط يتقدمهم المفكر القبطي كمال زاخر -وهو مؤسس التيار العلماني القبطي- للسيسي، تزامنا مع وجوده بنيويورك لإلقاء خطابه للأمم المتحدة، بمذكرة تضمنت ما يلي: "الأقباط دفعوا الثمن منذ 30 يونيو، في ظل غياب تام للدولة، والشرطة مارست الانتهاكات على أهالي جبل الطير، وتعديات وصلت لأعمال بلطجة على مسيحيي القرية ".
ومن جهته، دعا الناشط القبطي رامي كامل -مؤسس اتحاد شباب ماسبيرو- نشطاء الأقباط إلى التوقف عن كتابة الدعوات والبيانات وعرائض التوقيعات.
حصر الخسائر.. وجلسات النصح
وكان وزير الداخلية محمد إبراهيم وعد بفتح تحقيق موسع في الأحداث، وطلب حصر جميع الخسائر، مؤكدا أن الداخلية ستتكفل بتعويض الأسر، عن هذه الخسائر.
ونقل رئيس محكمة جنايات شبرا الخيمة، المستشار أمير رمزي، عن الوزير تأكيده أنه وعد -في لقائه مع وفد ممثل لمكونات الأزمة والقرية الأربعاء- بتولي الداخلية تأمين "جلسات نصح" كانت تُعقد مع مَن يريد تغيير ديانته.
وقال رمزي في تصريحات صحفية إن الوزير وعد باسترجاع هذه الجلسات، لكنه طلب مذكرة من كل من البابا تواضروس الثاني، وشيخ الأزهر أحمد الطيب؛ كشرط أساسي لاستعادتها، حتى إذا كانت في أماكن عامة، أو داخل أقسام الشرطة.
وكانت الأحداث بدأت في 3 أيلول/ سبتمبر الجاري باختفاء المرأة المسيحية إيمان مرقص صاروفيم، وهي أم لخمسة أطفال، واتهم زوجها سامح عريان شريكه السابق في أعمال تجارية سامي أحمد بأنه قام باختطافها، وحرر محضرا في قسم شرطة سمالوط بذلك، وفي اليوم التالي حضر مدير مباحث المركز، وأخبر الزوج بأن زوجته قررت مغادرة المنزل بإرادتها مع شريكه.
واحتشد أقباط القرية للضغط على الأجهزة الأمنية للتحرك، وإعادة المرأة لزوجها، كما تظاهر عشرات من شباب الأقباط أمام نقطة شرطة القرية، وكان ما كان من الاشتباكات والصدامات، التي أسفرت عن خسائر تقول وزارة الداخلية إنها وقعت في صفوف قواتها، وانتهاكات يقول الأقباط إن هذه القوات ارتكبتها بحقهم.