حول العالم

الأردن.. عائلات تفطر في الشارع ومسيحيون يشاركون

يشارك المئات في الإفطار الجماعي - أرشيفية
تجتمع ما يقارب 1000 أسرة أردنية كل سبت في شارع الرينبو -أحد اشهر شوارع العاصمة عمان- لتناول طعام الإفطار في الهواء الطلق مفترشين الأرض للعام الثاني على التوالي يتبادلون الطعام المنزلي مع عائلات أخرى.
 
يقول مؤسس المبادرة الشبابية "يلا نفطر مع بعض" علي الحسني لـ"عربي 21" إن الفكرة "تقوم على الإفطار الجماعي بحيث يقوم المشارك بإحضار طعام الإفطار دون تنسيق وموعد مسبق للشارع الذي تقام فيه الفعالية وعندما يأتي وقت الإفطار يفطر الجميع مع بعضهم بأجواء غاية في الروعة".
 
وتأتي الفكرة استنساخا لأخرى في تركيا عام 2012 عندما افترش محتجون على الحكومة التركية ميدان الاستقلال في اسطنبول وقت رمضان و جلبوا إفطارهم معهم، إلا أن الحسني طور الفكرة لتصبح مبادرة اجتماعية شبابية ترفيهية تقام كل يوم سبت.
ويؤكد الحسني أن "الأعداد ترتفع كل سنة بشكل ملفت مما استدعى لرفع عدد المتطوعين الذين يقومون بالتنسيق والإشراف على المشاركين الذين تصل أعدادهم في بعض الأحيان لألف شخص".
 
وواجهت الحملة انتقادات على صفحات التواصل الاجتماعي في مجتمع أردني ما يزال يعتبر مجتمعا محافظا بحجة أن المبادرة "تشجع على الاختلاط "، إلا أن مؤسس المبادرة يرى فيها "فرصة للتواصل والتقارب"، مستهجنا "التضييق على الناس ووسمهم بصفات كالفسوق والكفر" قائلا: "إن الاختلاط موجود في المقاهي والخيم الرمضانية ولا أحد يتحدث عن ذلك، أما المبادرة فعلى العكس من ذلك فهي مجانية وجميع المشتركين من العائلات ويخضعون لقواعد لجنة التنسيق التي تشرف على الأمن، ولم يسجل أي حالة إخلال في الأمن على مدار العامين".
 
 و منع القائمون على المبادرة الموسيقى وكل ما يترافق معها من رقص أو أي أمور أخرى مشابهة احتراما للشهر الفضيل.
 
 ومن المبادرات الملفتة أيضا ما يقوم به الشاب معتز سمور وهو طالب جامعي مسيحي يقوم كل يوم بمساعدة والدته بطبخ الطعام و توزيع الوجبات على الفقراء والصائمين، وشرع سمور في بداية الشهر الفضيل بتوزيع التمور والمياه على الصائمين المتوقفين على الإشارات الضوئية ليقوم بعد ذلك بتوسيع مبادرته لتشمل الأسر الفقيرة في مناطق العاصمة الأردنية عمان.
 
يقول سمور لـ"عربي 21" إن ظروفه المادية الصعبة دفعته للشعور بمعاناة الآخرين، فقد حرم من التسجيل للجامعة في هذا الفصل كونه لا يملك القسط الجامعي مما ولد عنده الإصرار على استثمار وقته في عمل الخير، مضيفا: "المبادرة بالتعاون مع مجوعة من الشباب في منطقتي وبمساعدة أسرتي حيث نقوم بجمع التبرعات لشراء الوجبات ومن ثم توزيعها على الفقراء".
 
و يرى سمور أن الواجب الإنساني وإطعام الفقراء لا يعرف ديانة " فالجميع أخوة " خصوصا في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي تعيشها بعض الأسر الأردنية التي تعجز عن توفير لقمة العيش لأبنائها".
 
ويقوم سمور بمساعدة متطوعين بجمع تبرعات مالية لتوفير المواد اللازمة في إعداد الوجبات ومن ثم تقوم والدته بطهي الطعام وتغليفه على شكل وجبات تتضمن الأرز والدجاج والعصير والبسكويت ومن ثم توزيعه على مناطق عمان الفقيرة.
 
ويطمح سمور لتوسيع مبادرته لتشمل توفير تكاليف التعليم لمن يعجز عنها، بالإضافة لإطلاق حملة لجمع الملابس القديمة وإعادة غسلها وكيها وتوزيعها على المحتاجين".
 
 و تنشط بشهر رمضان العشرات من الحملات الخيرية من توزيع للتمور والمياه و الملابس والتبرعات النقدية، والتي ما تلبث أن تختفي بعد الشهر الفضيل، ويفسر دكتور علم الاجتماع في الجامعة الأردنية حسين الخزاعي في حديث لعربي 21 أن "الفرد ينشغل في هذا الشهر بالأجواء الدينية، كالتعبد والصلاة والذهاب إلى المساجد والتواصل مع الآخرين وعمل الخير".
 
ويطالب ناشطون في مكافحة الجوع والفقر عدم اقتصار الحملات والتبرعات على شهر رمضان فقط، يقول سامر بلقر مدير تكية أم علي -مؤسسة أردنية متخصصة بمكافحة الجوع- إن الفقير بحاجة للطعام طيلة اشهر السنة إذ ترزح أسر عديدة تحت خط الجوع في الأردن".
 
 وأضاف بلقر لـ"عربي 21" إن التكية تقوم حاليا بدعم 12 ألف أسرة في جميع أنحاء المملكة بالطرود الغذائية واللحوم على مدار العام، منهم 44 ألف طفل و2300 أرملة و10200 عاجز ومريض، وتطمح التكية توفير الطرود الغذائية بشكل دوري لإطعام 20 ألف أسرة بنهاية العام الحالي.
 
 وحسب إحصائيات التكية فان 0.3 %من أسر المملكة غير آمنه غذائيا و 2.1 % منها تعتبر هشة نحو انعدام الأمن الغذائي، واغلب هذه الأسر هي تحت خط الفقر بنسبة 64%، كما تشير الإحصائيات أن %28.2 من الأسر التي تقع تحت خط الفقر تلقت مساعدات غذائية.
 
و يقع خط الفقر المدقع (خط الجوع) في الأردن عند 336 دينار سنويا للشخص الواحد، أي حوالي (28 دينار/شهريا)، ويبلغ متوسط احتياجات الأردنيين من السعرات الحرارية يوميا 2.347 سعرة حرارية للشخص الواحد.