مدونات

من ينصر غزة؟

قصف أحد البيوت في غزة - الأناضول

سنوات مضت على حرب غزة ، ولم تزل الصورة ماثلة في الذاكرة لا تكاد تنسى شيئا من تفاصيلها.
 
2008 قُصفت غزة بأسوأ أشكال الأسلحة المحرمة، وشهدنا جرائم حرب لم تشهد البشرية لها مثيل، أعداد تتفوق على الخيال لحساب الجرحى والشهداء.

شاهدنا وتابعنا ونحن نحتسب القهر في أجوافنا، تفاوت المتابعون بين احتباس القهر والدعاء ومنهم من نزل الميادين عبر المسيرات والاعتصامات ومنهم زاد على ذلك كله بتقديم ما استطاعه من مساعدات مادية عينية ومالية، ومع كل التقدير لتلك الجهود وتلك المشاعر العظيمة الصادقة إلا أن صدق المشاعر لا يكفي وتلك الجهود العظيمة لا تكفي ما دمنا قادرين على تقديم الأفضل لنصرة المقاومة وحماية أهلنا في غزة وفلسطين.

تعاود الصهيونية قصفها الغاشم لتتفاجأ كما تفاجأ العالم بأسره أن المعادلة القسامية باتت أكثر تعقيدا من كل الحسابات الصهيونية.

المعادلة المتغيرة لكنها أحادية الجانب، المعادلة القسامية عمق التخطيط وتضاعف القوة العسكرية ، العمل الدؤوب وإنجاز المستحيل.

أن تتعاظم تلك القوة في ظل الحصار المطبق على غزة هو صورة من صور التحديات المستحيلة في ظل القدرات البشرية الطبيعية.

وتؤكد قوة الإرادة القسامية وإصرارها الذي أعجز كل مراقب وكل عدو.

الاستفادة من التجربة ومن عامل الزمن والثروة البشرية المؤمنة المجاهدة في غزة لا يقبل التشكيك ولا ينكره عاقل.

هذا من جانب المقاومة.

أم ما التغيرات الحقيقية العملية التي حدثت على الجانب الصهيوني وعلى جانب الملايين من المسلمين المتابعين المتحرقين ألما على غزة؟؟؟

الجانب الصهيوني ما زاد إلا تخويفا من أسطورة القوة العسكرية وزاد في تماديه في شراء واستعمال الأنظمة الموالية لبني صهيون لتبقى المنطقة ضمن قبضتهم كما يخططون ويأتمرون.

الجانب الأهم والذي ركن إلى الزاوية الأضعف جلها المراقبة وأقصاها تقديم المساعدة بعد أن يفوت الفوت وتُحصى الأعداد بين الاستشهاد والجراح والتدمير.

لابد لتلك الفئة الواسعة من إجراء تغيير حقيقي على دورها في المنطقة وفي تلك الحروب.

لابد أن يكون لها ثقة أكبر بذاتها وبدورها ، تحتاج إلى أفق أوسع مما هي عليه.

لا يُعقل أبدا أن يغيب سلاح المقاطعة للبضائع الصهيونية عن مواقفنا الجادة ، ولا بد أن تتصدر كل موقف متخذ حيال القوة الصهيونية.

لقد أثبتت لنا الأيام والسنوات أن نعيش في ظل أنظمة تصر على خذلان إرادة شعوبها، لا تبالي بمسيرات أو اعتصامات أيا كانت أعدادها.

لا أقلل من شأن تلك المسيرات لكن لا يُعقل أن نتغاضى عن أهمية المقاطعة،سواء مقاطعة كلية أو ضمن تخطيط متدرج نُسقط فيه سلعهم سلعة بعد سلعة لا نبقى العنصر الأهم في استهلاك ما ينتجون.

لو استهانت حماس بالأمس من قوتها العسكرية قديما لما استطاعت اليوم أن تدك أوتاد الصهاينة في تل أبيب، لو تعاظمت القوة الصهيونية في عيون حماس لما وصلت حماس الى ما وصلته اليوم من قوة وضربات عجزت عنها الدول.

لعل الفائدة والدرس واضح ، ثق بالقليل الذي تملكه لتصنع الكثير في معركة الوجود، مع الإصرار لا يبقى شيء على حاله، مع الإصرار تتعاظم القوى تنقلب بها الموازين.

ندائي لكل حر صادق في مشاعره، لا بد من إحياء ثقافة المقاطعة، لابد من السعي الدؤوب لخرق الوجود الاقتصادي الصهيوني في أسواقنا.

هو أقل الواجب الذي تفرضه الدماء العظيمة التي تسيل في أرض غزة، وهو أقل الوفاء لتلك الأرواح التي قضت مرابطة تذوب عنا ، وتصنع بدمائها كرامتنا.

المقاطعة لابد أن تعود ثقافة حية قوية في مجتمعاتنا ودائمة ليست رهينة حماسة موقف سرعان ما يزول.

بعد 2008 زادت دولة بني صهيون في اختراق أسواقنا علانية وزادت في أرباحها وزدنا في استهلاكها وما زلنا ندعو أن ينصرنا الله وما زلنا نبكي على شهدائنا الذين يُقصفون بأموالنا.

قُصفت تل أبيب بصواريخ القسام، وأنت تملك بإيمانك وإصرارك تسطيع إن أردت أن تقصف وجودهم الاقتصادي.