سياسة دولية

تواطؤ مصري سوداني في تعذيب مهاجرين أريتريين

مات جراء هذه الممارسات عدد من المهاجرين الأريتريين - أرشيفية
كشف تقرير لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان "هيومان رايتس ووتش" عن تواطؤ مسؤولين أمنيين سودانيين ومصريين مع مهربين، لتعذيب واستعباد مئات من المهاجرين من  أريتريا كانوا يحاولون الهرب لإسرائيل عبر سيناء، خلال العقد الماضي. 

وعانى المهاجرون على أيدي المهربين أسابيع بل وأشهرا من العنف والضرب والإغتصاب والإبتزاز من المهربين الذين لقوا دعما من قوات الأمن المصرية والسودانية وفي أحيان أخرى غضوا الطرف عن أفعالهم. 

ومات جراء هذه الممارسات عدد من المهاجرين، فيما حمل الكثيرون معهم آثار التعذيب الجسدي والنفسي، نتيجة للتشويه والضرب والإعتداءات الجنسية.
 
وجمعت المنظمة مجموعة من الشهادات في تقريرها الذي صدر الثلاثاء تحت عنوان "تمنيت لو أرقد وأموت: تهريب الإرتيرين وتعذيبهم في السودان ومصر" واتهم السلطات في كلا الدولتين بالفشل في تحديد هوية الفاعلين ومحاكمتهم، وعادة ما تواطأت معهم في اختطاف وانتهاك المهاجرين.

وبحسب صحيفة "الغارديان" فعادة ما كان المهربون يطلبون فدية مقابل وقف التعذيب، سواء من المهاجرين أنفسهم أو أقاربهم في أرتيريا، الذي أجبروا على الإستماع لأقاربهم وهم يصرخون على الهاتف يطالبونهم بالمساعدة. ووجد التقرير أن التجار كانوا يبيعون المهاجرين بعد حصولهم على الفدية لمهربين آخرين بدلا من إطلاق سراحهم. 

ويسجل التقرير الذي جاء في 79 صفحة 29 حادثة، وينقل عن رجل أرتيري في الـ 23 من عمره والذي اختطفه مهربون في السودان عام 2012  وسلم بعد  ذلك لمهربين مصريين في صحراء سيناء. ويقول "لقد ضربوني بالقضبان الحديدية، وقطروا البلاستيك المذاب على ظهري، وضربوا باطن قدم وأجبروني بعد ذلك على الوقوف لمدد طويلة، أحيانا لأيام، وفي أحيان أخرى هددوا بقتلي ووضعوا البندقية فوق رأسي".

ويضيف "لقد علقوني من السقف بدون أن تلمس قدماي الأرض واستخدموا العصي الكهربائية وأنا في ذلك الوضع، ومات أحد الأشخاص بعدما علقوه من السقف لمدة 24 ساعة، وراقبناه وهو يموت".
 
ويقول "عندما كنت أتصل مع أقاربي لأطلب منهم دفع المبلغ كانوا يحرقون جسدي بقضيب حديدي ساخن حتى أصرخ وأنا اتحدث معهم، ولم نكم قادرين على حماية النساء اللاتي كن معنا في الغرفة، كانوا يأخذونهم ويغتصبوهن ويعيدوهن مرة ثانية للغرفة".

وتحدثت مع منظمة "هيومان رايتس ووتش" مع مهربين جمع أحدهما مبلغ 200 ألف دولار في أقل من عام "أعرف أن المال حرام، لكنني لا أزال اقوم بالعمل".

وآخر ما حصل عليه أربعة أرتيريين والذي يطالب عائلة كل واحد منهم دفع 33 ألف دولار مقابل إطلاق سراحهم.

وبحسب المهرب "أحيانا أعذبهم وهم يتحدثون على الهاتف مع عائلاتهم حتى تسمع صرخاتهم. وفعلت معهم مثلما فعلت مع الآخرين، اضرب أرجلهم وأقدمهم، وأحيانا بطونهم وصدورهم بعصا خشبية، وأعلقهم من أرجلهم أحيانا لمدة ساعة. ومات ثلاثة منهم أثناء التعذيب، وافرج عنهم عندما يدفعون". 

وبحسب "هيومان رايتس ووتش" فقد فر من أرتيريا منذ عام  2014  أكثر من 200 الف أرتيري معظمهم مسيحيون من القمع والفقر. وقال بعض من تحدثت معهم المنظمة أنهم دفعوا أموالا للمهربين لكنهم باعوهم أكثر من أربع أو خمس مرات لمهربين مختلفين.
 
وحتى وقت قريب كان معظمهم في طريقه لإسرائيل قبل أن تقيم إسرائيل سياجا فولاذيا طوله 240 كيلو متر على طول الحدود مع صحراء سيناء.

ويصف التقرير ما آلت إليه الحال في سيناء بالقول"خلال الثلاثة أعوام الماضية، تحولت سيناء إلى منطقة مغلقة تشمل على الاعتقال والوحشية والتعذيب والموت".

وفي بعض الأحيان أجبر بعض المهاجرين للعمل لدى المهربين كخدم وعمال بناء.

 وأخبر شيخ بدو في سيناء، شيخ محمد "أعرف عن مئات ( الاريتيريين) في هذه اللحظة ممن أجبروا على العمل في مواقع البناء، ويقومون ببناء بيوت لخاطفيهم، والذين يشترون مواد البناء من أموال الفدية التي دفعوها".

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد تحدثت في تقرير لها صدر في حزيران/يونيو عن الإختطاف والتعذيب والابتزاز والإكراه الذي يتعرض له المهاجرون في سيناء وأنه في تزايد مستمر. 

وأشار التقرير إلى أن الضحايا "تعرضوا للتعذيب بالجلد والضرب والحرمان من الطعام والاغتصاب، وقيدوا معا بالسلاسل وأجبروا على العمل في الخدمة والعمل اليدوي في بيوت المهربين".

وعن التواطؤ بين المهربين ورجال الأمن في السودان يقول التقرير إن الجميع يعرفون عن هذا ويتحدثون عنه "بالهمس". وقول المنظمة أن كلا البلدين يقوم بانتهاك  الواجبات والإلتزامات التي يقتضيها القانون الدولي منهما وتلك المتعلق بمحاربة الرق والتهريب وحقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي.

وكتب مؤلف التقرير جيري سيمبسون "حتى الآن،  لا يخشى رجال الشرطة والجيش في السودان ومصر ممن يساعدون المهربين من أي شيء، وفي بعض الأحيان يقوم رجال الشرطة في شرق السودان ممن لا يخشون عقابا بتسليم المهاجرين للمهربين في مراكز الشرطة". بل ويقوم بعض المسؤولين الأمنيين في مصر "بإعادة ضحايا التهريب لخاطفيهم في سيناء". 

ويضيف "لقد مضى وقت طويل على السلطات في كلا البلدين قبل أن يتخذا إجراءات لاعتقال ومحاكمة المهربين على جرائمهم الرهيبة، وعدم التسامح مع المسؤولين الذين يتعاونون معهم".

وحتى كانون الأول/ ديسمبر لم تحاكم مصر سوى مهربا واحدا ولم تطل أي رجل أمن. وقام السودان بحملة لمحاكمة 14 مهربا و 4 ضباط لهم علاقة بالتهريب والتعذيب.