سياسة تركية

أردوغان يعقد اجتماعات أمنية طارئة.. هل يوجد مخطط لانقلاب جديد في تركيا؟

تتمحور اللقاءات حول قضية اعتقال عدد من الضباط الفاسدين في سلك الشرطة - الأناضول
أفادت وسائل إعلام تركية، اليوم الأربعاء، بأن الرئيس رجب طيب أردوغان عقد اجتماعا طارئا الليلة الماضية، مع رئيس المخابرات إبراهيم قالن ووزير العدل يلماز تونش.

ولم تذكر مصادر رسمية سبب الاجتماع، إلا أن مصادر إعلامية تركية توقعت أن يكون سبب الاجتماع الطارئ في القصر الرئاسي، هو بحث مسألة القبض على مسؤولين كبار في شرطة أنقرة، بسبب اتهامهم بالارتباط بـ"المافيا".


ويأتي هذا الاجتماع المفاجئ بعد أيام من تداول معلومات متعلقة، بمحاولة بعض ضباط الشرطة في مديرية أمن أنقرة، تلفيق تهم ضد شخصيات مقربة من الرئيس أردوغان.

ولفتت وسائل إعلام تركية إلى أن ضباط الشرطة المذكورين ضغطوا من أجل زج أسماء مقربة من الرئيس أردوغان، مثل رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة فخر الدين ألطون، ومدير مكتب الرئيس حسن دوغان، ووزير الداخلية السابق سليمان صويلو، في إفادة قيادي بعصابة "كابلان" لتشويه سمعتهم وتلفيق تهم ضدهم.

وكما أعلنت النيابة العامة في أنقرة٬ توقيف 3 موظفين في فرع مكافحة الجرائم المنظمة بمديرية أمن العاصمة٬ وهم نائب رئيس شرطة أنقرة مراد تشاليك٬ مدير فرع مكافحة الجريمة المنظمة كرم أونر، ونائبه شوكت دميرجان٬ كما ذكرت وسائل إعلام تركية تولي المخابرات ملف القضية والتحقيق مع الضباط الثلاثة.

ويأتي ذلك بعد التحقيقات المتعلقة بتلفيق تهم لشخصيات بارزة مقربة من الرئيس أردوغان٬ وذلك على خلفية الادعاءات المتعلقة بقضية "أيهان بورا كابلان"، زعيم إحدى مجموعات الجريمة المنظمة.

 ويذكر أن وزير الداخلية الحالي والذي ترددت أنباء عن إقالته علي يرلي كايا٬ قد تعهد في وقت سابق بتنظيف داخلي في الأمن والداخلية.

كما كتب يرلي كايا على حسابه على منصة إكس الأربعاء:" كل من يتحالف مع المنظمات الإرهابية وامتداداتها ومنظمات الجريمة المنظمة ويحاول وضع لعبة على رئيسنا وحكومتنا وسياسيينا بدعم من وسائل التواصل الاجتماعي٬ من خلال تكتيكات منظمة غولن؛ سوف ندمر ألعابهم والفخاخ التي نصبوها".



وفي ردها على اتهامات عصابة "أيهان بورا كابلان" قالت وزارة الداخلية عبر صفحتها:" إن الأخبار والادعاءات التي تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض القنوات التلفزيونية حول التنصت غير القانوني٬ من قبل إدارة شرطة أنقرة٬ هي أخبار أساسية ولا تعكس الحقيقة على الإطلاق".

وبعد ورود أسماء شخصيات تابعة لحزب الحركة القوية الذي يعقد تحالف مع حزب العدالة والتنمية الحاكم٬ فقد علق رئيس الحزب دولت بهتشلي٬ محذرا مما أسماه "العصابات المعششة ضمن جهازي الشرطة والقضاء الساعية إلى استهداف تركيا".

وقال بهتشلي في اجتماع أمام حزبه: "في أيامنا هذه يبدو أن العصابات الخسيسة والمتخفية داخل الشرطة والقضاء، تخطط مرة أخرى ضد تركيا".



وهدد تلك العصابات بأن عواقب وخيمة ستنتظرهم إذا حاولوا نشر افتراءات، ودعاهم إلى استخلاص العبر مما حصل للانقلابيين في ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة ليلة 15 تموز/ يوليو عام 2016.

وأكد بهجلي أنهم لن يسمحوا بتكرار حصول محاولة انقلاب بين الشرطة والقضاء كالتي وقعت في 17 و25 كانون الأول/ ديسمبر عام 2013.



وقد أعادت هذه القضية إلى الأذهان الأحداث التي جرت في 17 و25 كانون الأول/ ديسمبر 2013 ٬ عندما قامت مجموعة من المدعين العامين والمسؤولين الأمنيين المرتبطين بتنظيم فتح الله غولن، باختلاق قضايا فساد وعمليات تنصت غير مشروعة من أجل اعتقال مقربين من رئيس الجمهورية التركي أردوغان، الذي كان آنذاك رئيس الوزراء.

وكان على رأس المستهدفين حينها وزير الخارجية هاكان فيدان، الذي كان يتولى في وقت القضية الاستخبارات التركية.

الكاتب التركي نديم شنر، ذكر في مقال له بصحيفة حرِّييت، أن مجموعة متغلغلة في الأمن التركي مرتبطة بجماعة "أوكويوجولار" النورسية، سعت إلى تحريف تحقيق بحق شبكة إجرامية عن مساره وتحويله إلى مؤامرة ضد حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، ليمهدوا الطريق إلى إطلاق تحقيق قضائي يستهدف السياسيين، على غرار تحقيق "الأيادي البيضاء" الذي شهدته إيطاليا في تسعينات القرن الماضي.

وقال الكاتب التركي إسماعيل ياشا، إنه لا يمكن التنبؤ حاليا بأي نتيجة ستسفر عنها التحقيقات في هذه القضية، إلا أن ما تم الكشف عنه حتى الآن يشير إلى خطورة خلايا الجماعات المسيسة التي تسعى إلى هندسة الساحة السياسية وفرض الوصاية على الإرادة الشعبية من خلال رجالها المتغلغلين في أجهزة الدولة، حين تتضارب تعليمات قادة تلك الجماعات مع قوانين البلاد وأمنها ومصالحها، كما أن بعض هؤلاء قد يكونوا مرتبطين بالخارج، إلا أنه ليس من السهل إيجاد حل لإشكالية تقديم الانتماء إلى الجماعات، سواء كانت دينية أو اجتماعية، على الالتزام بالمسؤولية التي تحملها المناصب والوظائف تجاه الوطن والمواطنين.

ولفت ياشا في مقاله المنشور في "عربي21" إلى أن القضية تؤكد أيضا أن محاولات الانقلاب في تركيا لم تنتهِ وخطرها لم يزُل بعد، وعلى الرغم من العملية الواسعة التي تمت لتطهير الجيش وأجهزة الأمن والاستخبارات والقضاء من خلايا تنظيم الكيان الموازي الإرهابي الذي قام بمحاولة الانقلاب في صيف 2016، يبدو أنه ما زالت هناك خلايا نائمة تابعة لجماعة غولن أو جماعات أخرى تسير في ذات الاتجاه وتستخدم أساليب مشابهة، يمكن أن تجدد المحاولات. وإضافة إلى تلك الخلايا،  يبدو أن الواقفين وراء المحاولة رأوا أن الأوضاع الداخلية والاقليمية والدولية لصالحهم، لاستهداف حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية، في ظل الفوز الذي حققته المعارضة في الانتخابات المحلية الأخيرة، بالإضافة إلى التوتر الذي تشهده العلاقات التركية الإسرائيلية.

وتابع: "هناك جهود حثيثة تبذلها جماعة غولن للتغلغل من جديد في أجهزة الدولة. وأعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، عن اعتقال 544 مشتبها بهم في 62 محافظة خلال العمليات التي استهدفت جهود الكيان الموازي الهادفة إلى زرع عناصره في مناصب مختلفة في إطار خطة وضعها قادة التنظيم".
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع