صحافة دولية

الأسلحة النووية الروسية في الفضاء: ما الذي تتهم به الولايات المتحدة روسيا؟

نفت روسيا أن تكون بدأت بتسليح الفضاء - CC0
نشر موقع "نيوز ري" الروسي تقريرًا تحدث فيه عن استمرار الترويج في الولايات المتحدة لخطط روسيا المزعومة لاستخدام الأسلحة النووية في الفضاء ضد الأقمار الصناعية الأمريكية.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الخبراء المحليين يصفون هذه التكهنات بغير المنطقية، مدعين في الوقت نفسه وجود أسلحة أكثر تقدمًا قادرة على العمل في المدار.

ماذا قال أعضاء الكونغرس؟

ويضيف الموقع أن شبكة "إيه بي سي" نقلت عن مصادرها أنه تم تحذير أعضاء الكونغرس الأمريكي ـ في مؤتمر صحفي سري ـ من خطط روسيا لاستخدام الأسلحة النووية في الفضاء. وبحسب الشبكة؛ تعتزم موسكو استخدام هذه التقنيات للتشويش أو التعتيم على الأقمار الصناعية التابعة للكوكبة المدارية الأمريكية.



وفي 16 شباط/فبراير؛ وصف المبعوث الروسي لدى الأمم المتحدة جينادي جاتيلوف، المنشورات الإعلامية حول هذا الموضوع بالسخيفة. وجاء في بيان نُشر على الموقع الإلكتروني للبعثة الدبلوماسية أن الشائعات تهدف إلى صرف الانتباه عن "التنفيذ العملي للأمريكيين لخططهم الفضائية العسكرية".

ما نوع السلاح الذي نتحدث عنه؟

وأوضح الموقع أنه حتى الوقت الراهن لا يوجد دليل على استعداد روسيا لإطلاق شحنات نووية في الفضاء لتفجيرها، لا سيما أن موسكو تلتزم بمعاهدة المبادئ المنظمة لأنشطة الدول في ميدان استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي لعام 1967، والتي تحظر بشكل مباشر وضع أسلحة نووية أو أي أسلحة دمار شامل أخرى في مدار الأرض، أو تركيبها على القمر أو أي جرم سماوي آخر أو محطة في الفضاء الخارجي.

من جانبه؛ أوضح رئيس مركز الدراسات العالمية والعلاقات الدولية فاديم كوزيولين أنه في هذه الحالة، قد ينضوي ضمن الأسلحة الذرية البطارية القادرة على تشغيل الأجهزة الفضائية لفترة طويلة.
ويضيف كوزيولين: "هذا ممكن من الناحية النظرية، لكنه من الناحية العملية سيكون مخالفا لمعاهدة الفضاء الخارجي لسنة 1967".

في الوقت نفسه، قال الخبير العسكري، الرئيس السابق لقوات الصواريخ المضادة للطائرات في منطقة الدفاع الجوي بموسكو، سيرغي خاتيليف إن "روسيا لديها أسلحة عديدة لتدمير أقمار العدو الصناعية بالانفجارات، ولكن دون اللجوء إلى الذرية".

ويضيف خاتليف: "في الوقت الحالي نتحدث عن الأسلحة الكهرومغناطيسية والحركية. تم اختبار نظام الدفاع الصاروخي من طراز "أي 235 نودول" الذي يعمل على تعطيل القمر الصناعي بتأثير حركي كونه من الجنون تدمير مجموعة من الأقمار الصناعية في الفضاء بالقنابل النووية. في هذه الحالة، كيف ستتمكن روسيا من تدمير الجميع، وتظل بمنأى عن عواقب استخدام الأسلحة النووية؟ بيد أن التدمير الحركي لهدف فضائي لن يؤدي إلى كوارث، بل فقط إلى تدمير قمر صناعي محدد".

ما مدى حقيقة التهديد الذي تواجهه الولايات المتحدة ولماذا يتحدثون عنه؟

بالنظر إلى عدم جدوى الأسلحة الذرية في الحرب ضد الأقمار الصناعية؛ يصف خاتيليف التصريحات التي تم الإدلاء بها في الكونغرس الأمريكي بأنها عمل سياسي بحت. ويقول خاتيليف: "نستنتج أن هذه حملة علاقات عامة مبالغ فيها تهدف فقط إلى ابتزاز الأموال وترهيب الناس العاديين وبعض الشخصيات السياسية بالتهديد الروسي".

وفي تحليله للوضع؛ قال الأستاذ المساعد في قسم علم الاجتماع بالجامعة المالية التابعة لحكومة روسيا، فلاديمير ييرانوسيان، إن شركات مثل شركة نورثروب جرومان الأمريكية، التي تعمل في مجال الإلكترونيات والفضاء وتنتج أنظمة فضائية، سئمت بالفعل من الدعوات الموجهة إلى الولايات المتحدة لإنتاج ملايين القذائف لأوكرانيا.

ويضيف ييرانوسيان: "فيما يتعلق بالبحث والتطوير وحدهما، تلقت شركة نورثروب جرومان مليارات الدولارات سنويًا من الميزانية. ناهيك عن الإنتاج الضخم للصواريخ والأقمار الصناعية، وبالطبع الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية. إن المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، الذي سئم مشاهدة المواجهة الأوكرانية في الكونغرس والتوتر الناتج عن المشاحنات المستمرة حول تخصيص أو عدم تخصيص الشرائح، يريد الحصول على المليارات دون حسيب ولا رقيب. ولهذا السبب فإن الأمر يشمل نظام الضغط بأكمله في لجان الكونغرس والبنتاغون".



وينقل الموقع عن  الباحث في الشؤون الأمريكية رافائيل أوردوخانيان أن تصريحات السياسيين الأمريكيين حول "التهديد الفضائي الروسي" تهدف إلى الضغط على الكونغرس من أجل تخصيص المساعدة المالية لأوكرانيا، مشيرًا إلى أن اختبارات روسيا الناجحة للأسلحة المضادة للأقمار الصناعية كانت معروفة منذ ثلاث سنوات. ورغم تأكيد تقارير وزارة الدفاع في تشرين الثاني/ نوفمبر من سنة 2021 على ذلك، فإن الأخبار القديمة تستخدم في الحملة الرئاسية في الولايات المتحدة.

بدوره، يشكك النائب الأول لرئيس لجنة مجلس الدوما للدفاع، أليكسي جورافليف، في قدرة الولايات المتحدة على تقييم التهديد المزعوم الصادر من روسيا.

ويضيف جورافليف: "لا تملك الولايات المتحدة القدرة على التحكم في آخر التطورات في المجمع الصناعي العسكري الروسي. هذا سر عسكري، ولن نتشاركه مع العدو الذي يتمثل في الولايات المتحدة بالنسبة لروسيا في الوقت الراهن".

لماذا تحتاج روسيا إلى التشويش على الأقمار الصناعية الأمريكية وتعميتها؟

وبحسب فاديم كوزيولين فإن كوكبة الأقمار الصناعية الأمريكية الموضوعة في المدار، تُستخدم لمواجهة روسيا في إطار العملية العسكرية الروسية. ويشير كوزيولين إلى أن شبكة ستارلينك الفضائية التابعة لإيلون ماسك وأقمار الاستطلاع التابعة لشركة "ماكسار" تعمل اليوم لصالح القوات المسلحة الأوكرانية، مما يؤدي إلى مقتل عسكريين روس.

ويضيف كوزيولين: "إن لها معنى مزدوجًا كونها تستخدم لصالح المستخدمين المدنيين وأيضا لأغراض عسكرية. في هذه الحالة يمكن تفسير القانون الدولي الإنساني بطرق مختلفة. من وجهة نظر معينة يمكننا القول إن هذا هدف عسكري مشروع وأنه من الناحية النظرية يمكننا تدمير هذه الأقمار الصناعية".

ووفقًا لكوزيولين تكتسب عسكرة الفضاء بمساعدة الأقمار الصناعية ذات الاستخدام المزدوج زخمًا في جميع أنحاء العالم، مما دفع بعض الدول على غرار الصين إلى اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه.

كيف تتفاعل الولايات المتحدة؟

ووفق الموقع؛ ففي أثناء الهستيريا بشأن التهديد الروسي في الفضاء: أعلنت الولايات المتحدة عن تغيير في النهج المتبع في تشكيل كوكبة الأقمار الصناعية الخاصة بها. ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، بدلًا من الأجهزة متعددة الوظائف باهظة الثمن التي كانت موجودة في العام الماضي، والتي تم إطلاقها في المدار بضع مرات فقط في السنة، يريد البنتاغون التحول إلى استخدام العديد من الأقمار الصناعية البسيطة والرخيصة.



وبحسب الموقع؛ فإن البنتاغون بدأ في تنفيذ برنامج لإطلاق مجموعات من الأقمار الصناعية الصغيرة في المدار لمواجهة التهديدات الفضائية المماثلة للتي تطورها روسيا والصين.

وفي ختام التقرير؛ نوه الموقع إلى أنه بحلول نهاية العقد سيكون لدى البنتاغون حوالي ألف قمر صناعي جديد في مدار أرضي منخفض كونه يعمل على خلق بنية فضائية مستقبلية أقل عرضة للخطر نظرا لاعتماد الأمن الاقتصادي والعسكري  إلى حد كبير على الفضاء.