يعتبر تيرينتس فرانسيس (المشهور باسم تيري) إيغلتون من أشهر
الأكاديميين والمفكرين والمثقفين المنخرطين في الشأن العام بشجاعة كبيرة وقناعة
راسخة في
بريطانيا والعالم، وقد ذاع صيته بمواقفه وبأكثر من خمسين كتابًا في الفكر
و الفلسفة والسياسة والنقد الأدبي، لكن نجمه بزغ بداية كواحد من أبرز المنظرين
والنقاد الأدبيين بعدة كتب يبقى أشهرها "النظرية الأدبية: مقدمة"، الذي
أصدره عام 1983، والذي بيع منه أكثر من 750,000 نسخة، وبقدر ما ناقش فيه ماهية
الأدب، ونشوء النظرية الأدبية، بقدر ما جادل فيه أيضا أن كل نظرية أدبية هي سياسية
بالضرورة.
وقد عرف إيغلتون بمفارقة ماركسيته وإيمانه المسيحي الكاثوليكي، وقد
سبق أن كتب عن "المسيح وقدمه كثائر فلسطيني"، وكان عمل فتى للكنيسة في
دير محلي بمنطقة سالفورد بمانشيستر (شمال إنجلترا)، حيث وُلد في 22 فبراير 1943،
وقد نشأ في عائلة كاثوليكية أيرلندية من الطبقة العاملة، تعود أصولها لمقاطعة
غالواي على الساحل الغربي لإيرلندا، وظل للعائلة روابط وتعاطف مع جمهورية أيرلندا.
وبسبب مواقفه السياسية اليسارية تعرض إيغلتون لانتقادات من اليمين
وحتى من الملك تشارلز نفسه، وعندما طرح اسمه، عام 1992، ليعين بروفيسورا للأدب
الإنجليزي في جامعة أكسفورد (حيث درس)، تساءلت صحيفة دايلي تلغراف اليمينية: هل
ينبغي لهذا الرجل أن يكون بروفيسورا؟
وبالإضافة لنشاطه الأكاديمي التنظيري والتأليفي الغزير وطرحه قضايا
فكرية "ثورية" ونشره كتبا هامة مثل أوهام ما بعد الحداثة (1996) وما بعد
النظرية (2003)، فلم يتوان إيغلنتون بكثير من الإقدام عن الخوض في النقاش السياسي
والعام، وتأكيده على ضرورة الموضوعية والأخلاق.
حين دافع بشجاعة عن المسلمين
وبعد هجمات 11 سبتمبر 2001 تصدى إيغلنتون بشجاعة وقناعة للشيطنة
والتهجمات التي تعرض لها المسلمون، وكانت له مواجهة شهيرة مع زميله في الجامعة،
الكاتب البريطاني مارتن أميس (رحل عام 2023)، الذي دعا في حوار عام 2006 لمعاقبة
المسلمين، وقال: "سيتعين على المجتمع المسلم أن يعاني حتى يرتب بيته. أي نوع
من المعاناة؟ عدم السماح لهم (للمسلمين) بالسفر، ترحيلهم وتقليص حرياتهم. تفتيش
الأشخاص الذين يبدون وكأنهم من الشرق الأوسط أو باكستان... القيام بأشياء تمييزية
ضدهم، حتى تؤذي المجتمع المسلم بأكمله ويبدأ في التعامل بحزم مع أبنائه".
وقد انتقد إيغلنتون مارتن أميس بشدة، واعتبر أن
رأيه لا يختلف عن رأي
اليمين العنصري البريطاني.
غزة "معسكر اعتقال ".
وفي 2010، وفي محاضرة بجامعة "إدنبره" وصف إيغلنتون قطاع
غزة بـ"معسكر اعتقال" (تفهم كإشارة لمعسكرات الاعتقال النازية لليهود).
لقد كان الإرهاب بمعنى ارتكاب الفظائع هو مخزون الجيوش النظامية منذ فجر التاريخ. ولا يقتصر الأمر على الجهات الفاعلة غير الحكومية، أو (كما يقول قاموس أوكسفورد الإنجليزي) على القوات "غير المرخصة". فقد تنخرط العديد من الجيوش الوطنية في أنشطة إرهابية من وقت لآخر
وفي 2 نوفمبر 2023، وبعد نحو أربع أسابيع من عملية "طوفان
الأقصى"، وحرب إسرائيل على غزة نشر إيغلنتون مقالا في موقع
"أنهيرد" البريطاني (المحسوب على اليمين) بدا فيه تلميح واضح لعملية
"حماس" وعدوان إسرائيل على غزة. المقال، المرفق بصورة لفلسطيني يحمل
العلم الفلسطيني، وبكوفية تغطي وجهه (مثل أبوعبيدة؟)، جاء بعنوان: هل كل
الإرهابيين وحوش؟.
يؤكد إيغلنتون في بداية مقاله على أن "الإرهاب يعد اختراعا
حديثا. وكفكرة سياسية، ظهرت لأول مرة مع الثورة الفرنسية، بحيث أصبح الإرهاب
والدولة الديمقراطية الحديثة توأمين عند الولادة". وفي عهد دانتون وروبسبير
(أبرز قادة الثورة الفرنسية) بدأ الإرهاب حياته كإرهاب دولة. لقد كان عنفاً تمارسه
الدولة على أعدائها، وليس استهدافا للحكام من قبل المنشقين.. الرعب كان في الساحة
العامة، وكان قطع الرأس مشهداً مرخصاً به من قبل الدولة، وليس عملاً فردياً همجياً".
وللإشارة هنا فالثورة الفرنسية هي فترة مؤثرة من الاضطرابات
الاجتماعية والسياسية في فرنسا عرفت عدة مراحل استمرت من 1789 حتى 1799، وكانت لها
تأثيرات عميقة ليس على فرنسا فقط، بل أوروبا والعالم الغربي عموما، وانتهت بتصدير
الأزمة من خلال الاستعمار، الذي سيمارس أبشع أنواع الإرهاب.
ويمضي إيغلتون في مقاله بتلميحات وإسقاطات ليقول" "يرتكب
الإرهابيون أعمالا لا إنسانية لا توصف. ومع ذلك، إذا لم يفقدوا أي قدر من النوم
بسبب هذا، فذلك لأنهم لا يسعون لكسب التعاطف. وعلى النقيض من الجيش النظامي، فليس
لديهم هدف عسكري مشروع، فقد يعتذرون عندما يرتكبون خطأً فظيعاً ويقتلون 50
تلميذاً. والقصد من ذلك هو نشر الرعب والغضب كاستراتيجية في حد ذاتها."
إسقاطات وإحالات على غزة
ويستطرد الكاتب: "مثل جيوش حرب العصابات، تظهر الجماعات
الإرهابية، وتضرب، وتختفي، ثم تعاود الظهور في مكان آخر، مما يعطي الانطباع بأنها
موجودة في كل مكان وغير قابلة للتدمير، وبالتالي تعوض عن حقيقة أنها قد تكون أقل
عددا من عدوها. ويمكن أن يكون الخصم غير المرئي هائلاً مثل ذلك الخصم الذي تمتد
دباباته إلى الأفق. إن عدم ارتداء الزي الرسمي يعزز هذا الشعور بالانتشار في كل
مكان، لأن أي شخص تراه في الشارع قد يكون قائدًا عسكريًا متنكرًا في زي منظف نوافذ".
ويواصل إيغلنتون في إسقاطاته وتلميحاته بالقول: "لقد تصرف الجيش
الجمهوري الأيرلندي على هذا النحو تقريبًا خلال الاضطرابات في أيرلندا الشمالية.
لم يتمكن عناصر الجيش الجمهوري الأيرلندي من هزيمة الجيش البريطاني بمعنى الانتصار
في سلسلة من المعارك الضارية مع القوات البريطانية الخاصة، لكنهم لم يحتاجوا إلى
ذلك أيضًا. لقد كان عليهم فقط ذبح ما يكفي من الناس حتى تشك الحكومة البريطانية في
أن هذا الجمود من المرجح أن يستمر إلى الأبد وتقرر سحب قواتها. وبحسب حسابات الجيش
الجمهوري الإيرلندي بعد فترة من الوقت، سيشعر الشعب البريطاني بالاشمئزاز والإرهاق
من العملية برمتها، مما سيسحب دعمه لها. وكان هذا أكثر ترجيحاً من قيام المجتمع
الجمهوري الأيرلندي بسحب دعمه للجيش الجمهوري الأيرلندي، على الرغم من كثرة تذمره
من عناصره من وراء ظهورهم".
وتفسر تجربة الشعب الإيرلندي مع الاحتلال البريطاني، التعاطف الكبير
الذي تلقاه فلسطين المحتلة في إيرلندا.
"غير أن الإرهاب لا يقتصر بأي حال من
الأحوال على الإرهابيين"، يؤكد إيغلتون، الذي يقول: "لا أتذكر الكلمة
التي استُخدمت لوصف هجوم "الصدمة والرعب" الذي شنته الولايات المتحدة
على عراق صدام حسين، لكن هذا ما كان عليه الحال. لقد كان الإرهاب بمعنى ارتكاب
الفظائع هو مخزون الجيوش النظامية منذ فجر التاريخ. ولا يقتصر الأمر على الجهات
الفاعلة غير الحكومية، أو (كما يقول قاموس أوكسفورد الإنجليزي) على القوات
"غير المرخصة". فقد تنخرط العديد من الجيوش الوطنية في أنشطة إرهابية من
وقت لآخر، حيث تقوم باغتصاب المدنيين أو إطلاق النار على أسرى الحرب، كما هو الحال
مع معظم الجماعات الإرهابية التي لا تقوم بالقتل والتعذيب فحسب، بل تقوم أيضًا
بتفجير الجسور ومستودعات الذخيرة. والخط الفاصل بين الجيش النظامي وغير النظامي
ليس واضحًا دائمًا".
ويتعمق الكاتب في مقاله بإشارات تبدو واضحة ليقول: "إن أولئك
الذين يثورون على الفحش الأخلاقي للإرهاب ينظرون أحياناً إلى مرتكبيه على أنهم
مجانين. لا بد أنهم مجانين، وإلا لكان على المرء أن يفكر في إمكانية أن يكون لديهم
سبب لما يفعلونه، وأن إسناد سبب لأفعالهم يبدو وكأنه يمنحهم إنسانية معينة. إذا
كنت تتصرف لغرض ما، مهما كان خبيثًا، فلا بد أنك كائن عقلاني من نوع ما. ومع ذلك،
إذا كنت خارج عقلك، فيمكن استبعادك من عالم الغايات والنوايا المتحضر، ولكن فقط
على حساب إعفائك من اللوم، حيث لا يمكن تحميل المجانين مسؤولية ما يفعلونه. لا
يمكنك أن تكون مجنونًا وشريرًا في نفس الوقت. فخلال الاضطرابات الأيرلندية، صورت
الصحف الشعبية البريطانية أحيانًا الجيش الجمهوري الإيرلندي على أنه مكون من وحوش
أو حيوانا ـ (مثل تصريح وزير الدفاع الاسرائيلية عن الفلسطينيين في غزة)-لكن
داوننيغ ستريت (الحكومة البريطانية) كانت تدرك جيدًا أنهم تصرفوا وفقًا لأهداف
معقولة ـليست بالضرورة معقولة بمعنى مقبولة، ولكنها معقولة بمعنى القدرة على
المجادلة حولها. الجيش الجمهوري الإيرلندي لم يرغب فقط في إغراق البريطانيين في
بحر من الدماء؛ لقد أراد أيرلندا موحدة. قد يكون الأشخاص الذين يريدون أيرلندا
موحدة خياليين أو عاطفيين، لكنهم ليسوا مجانين".
نموذج الجيش الجمهوري الإيرلندي
ويحاجج الكاتب بالإحالة على نموذج إيرلندا والجيش الجمهوري الإيرلندي
وما يمكن أن يكون إسقاطا على "حماس" وغزة وفلسطين، بالقول إن "هناك
خلط هنا بين التبرير والشرح. فقد يشعر بعض الناس أن دراسة الأسباب التي تدفع
الإرهابيين إلى القيام بما يفعلونه تقترب بشكل خطير من تبرير ذلك. ولكن يمكنك أن
تفسر لماذا وصل هتلر إلى السلطة، أو لماذا يُظهر بوريس جونسون نوعاً من الاستحقاق،
دون تبريره، تماماً كما يمكنك أن تفهم لماذا يتصرف شخص ما للانتقام من حقيقة أن
شعبه قد تم تكبيله وإذلاله لعقود من الزمن دون تأييد هذا الإجراء الذي يأخذه. في
الواقع، إذا كنت لا ترى أفعالهم (الإرهابيين) مفهومة من وجهة نظرهم الخاصة، فمن
غير المرجح أن تهزمهم. إن إنكار أنهم يتصرفون لسبب يبدو لهم وجيهًا يعني أنه لا
يمكنك تحقيق أي شيء على الإطلاق فيما يفعلونه. إنها مجرد قطعة من الهراء أو
السخافة. لذا فقد عدنا إلى فرضية الجنون، وفي هذه الحالة نقترب بشكل خطير من
السماح للإرهابيين بالإفلات من المأزق الأخلاقي. وهنا يجب على المرء أن يحذر من
التحديق في قطعة من المذبحة والتذمر بأن هذا جنون خالص".
ذخيرة النقد الأدبي
وكعادته يوظف إيغلتون "ذخيرته النقدية الأدبية" في
محاجتته، ليقول: "في الواقع، هناك روابط تاريخية بين الإرهاب والعبث والجنون.
في روايته "العميل السري"، التي تدور حول مجموعة من الفوضويين الأجانب
الأشرار في لندن، يدعونا جوزيف كونراد (كاتب بريطاني ـ بولندي) إلى تصور عمل
إرهابي بالغ الأهمية لدرجة أنه قد يفقد أي معنى. قد يهاجم الفوضويون العاديون هذا
الجزء أو ذاك من العالم، لكن الفوضوي المثالي هو الذي يسعى لتدمير ما لا يقل عن
الواقع نفسه. للقيام بذلك، عليك أن تتخلص من قطعة من الوحشية التي من شأنها أن تهز
العقل من جذوره وتحطم الإيمان بإمكانية صنع المعنى. يمكن للنظام الاجتماعي الحاكم
أن يهاجم مؤسسات معينة؛ وما لا يمكنه تحمله هو تخريب المعنى نفسه من خلال عمل وحشي
من العبث. في أوروبا القارية في هذا الوقت تقريبًا، كانت الحركات الفنية الطليعية
مثل الدادائية والسريالية تجرب نفس المشروع تقريبًا. وبينما كانت الحضارة تترنح
نحو انهيار المعنى المعروف بعد الحرب العالمية الأولى، بدأ الفن والشر والفوضى
والعدمية في تكوين رفاق غريبين. بدا الأمر برمته بعيدًا عن إي إم فورستر (كاتب
إنجليزي اشتهر بأن رواياته تركز على أهمية اتباع الدوافع الكريمة أو الفطرة
السليمة)".
كيف يمكن أن يقرأ رواية السنوار؟
ويمكن أن نشير هنا إلى أن يحيى السنوار قائد "حماس" في
غزّة، والعقل المدبر لـ "طوفان الأقصى" كتب، وهو في سجن الاحتلال
الإسرائيلي رواية بعنوان "الشوك والقرنفل"، ووقعها باسم الأسير يحيى
السنوار، وقد نشرت عام 2004. ومهما كانت القيمة الفنية للرواية، فهي معبرة عن
سيرته ومن خلالها معاناة الشعب الفلسطيني المحتل، وشرعية مقاومته.
وسيكون فعلا من الفضول معرفة كيف يمكن لمنظر وناقد أدبي مثل تيري
إيغلتون درس وحلل الكثير من الروايات أن يقرأ رواية السنوار؟!
في الواقع، هناك روابط تاريخية بين الإرهاب والعبث والجنون.
وبالعودة لمقال إيغلتون تبدو لافتة، وربما بالأحرى جلية في إسقاطاته
وإحالاته في موضوع "الاحتلال والإرهاب وشرعية المقاومة. ويمضي الكاتب ليقول
هنا: "عادة ما يكون هدف الإرهاب هو الدولة، لكن العديد من الدول نفسها ولدت
في دماء ونيران الغزو، أو السلب، أو الاحتلال القسري ،أو الإبادة (إسرائيل نموذج
صارخ هنا!). إذا أرادوا أن يصبحوا شرعيين،
عليهم أن يتعايشوا مع هذه الخطيئة الأصلية وألا يتعمقوا في بداياتهم الغامضة".
ويحاجج إيغلتون بالقول إن "الدول السياسية التي تأسست بشكل أو
بآخر في الذاكرة الحية، والتي تنطوي أصولها على التهجير والاحتلال، تواجه مشكلة
خاصة تتعلق بالشرعية. مثل ماكبث (شخصية مسرحية شكسبير)، تطاردهم الطريقة غير
المشروعة التي حققوا بها سيادتهم، حيث يتحول طعم النصر إلى رماد في أفواههم.
ومثلما فعل ماكبث أيضًا، فقد أدركوا أن القوة لا شيء بدون الأمن، وأن الأمن
يراوغهم باستمرار".
ويختم إيغلتون مقاله بشكل معبر وبإحالة تبدو لي جلية على ما يحدث في
غزة ومقاومة الفلسطينيين للاحتلال الإسرائيلي بالقول: "خلال معظم فترات القرن
العشرين، حاربت الدول الغنية والقوية الدول الفقيرة والأضعف في سلسلة من الحروب
المناهضة للاستعمار. وبشكل عام، فإن نضالات هذه الدول الفقيرة قد غيرت وجه الأرض.
والدرس المستفاد من هذا التاريخ هو أن الرغبة في الاستقلال وتقرير المصير تسري
عميقا في الأمم كما هي في المراهقين. إنها إحدى أفكار عصرنا. لا شيء أسهل في
العالم الحديث من قتل الناس؛ لكن هزيمة فكرة ما هي عمل أصعب بكثير، وإذا قمت
بتدميرها بشكل ما فمن المرجح أن تظهر مرة أخرى بشكل آخر".
مثل الأب مثل الإبن؟
وبالتزامن مع نشر مقال تيري إيغلتون والمظاهرات الحاشدة التي كانت
تنظم في لندن ضد العدوان الإسرائيلي على غزة برز اسم تيري إيغلتون في عناوين الصحف
اليمينية البريطانية المنحازة والمبررة بشكل فظيع لجرائم الاحتلال الإسرائيلي،
وذلك بعد أن تم الكشف عن أن أحد المتظاهرين المؤيدين لفلسطين الذي كانوا يحتجون
قرب محطة فيكتوريا بوسط لندن بـهتافات "عار عليك" ضد الوزير في الحكومة
البريطانية مايكل غوف (المعروف بمواقفه الإسلاموفوبية و دعمه لإسرائيل)، هو ـ كما
كتبت صحيفة "الديلي مايل" ـ "أوليفر أيغلتون، وهو مؤيد يساري متشدد
لجيريمي كوربين (زعيم حزب العمال البريطاني السابق والداعم لفلسطين) وهو ابن أحد
كبار النقاد الأدبيين (تيري إيغلتون)".
وبدا لافتا أن الصحيفة أشارت إلى مقال تيري إيغلتون، الذي نُشر على
موقع UnHerd، وركزت على ما قاله فيه من أن "هدف
الإرهاب عادة ما يكون الدولة، ولكن العديد من الدول نفسها ولدت في دماء ونيران
الغزو والسلب والاحتلال القسري أو الإبادة" (في إشارة لإسرائيل).
خلال معظم فترات القرن العشرين، حاربت الدول الغنية والقوية الدول الفقيرة والأضعف في سلسلة من الحروب المناهضة للاستعمار. وبشكل عام، فإن نضالات هذه الدول الفقيرة قد غيرت وجه الأرض. والدرس المستفاد من هذا التاريخ هو أن الرغبة في الاستقلال وتقرير المصير تسري عميقا في الأمم كما هي في المراهقين.
وقالت الصحيفة إنها عندما واجهت الشاب أوليفر أيغلتون، البالغ من
العمر 26 عاماً، كاتب العمود في مجلة New Statesman، وأحد محرري مجلة "اليسار
الجديد"، رد قائلا إنه "انتقد أولئك الذين قال إنهم يزعمون زوراً أنهم
يدعمون حرية التعبير، وأدان "الساسة الذين يمكّنون حرب الإبادة الجماعية
[الإسرائيلية]"، في إشارة واضحة إلى الوزير غوف.
وكان أوليفر أيغلتون، كتب في 2022 سيرة ذاتية عن كير ستارمر زعيم حزب
العمال البريطاني، واتهمه بتخريب إرث سلفه جيريمي كوربين. وقاد ستارمر حملة ضد
أنصار كوربين، الذي فصل من الحزب، بزعم محاربة معاداة السامية المتفشية داخل
الحزب. ويثير موقف ستارمر المتهم بالانحياز لإسرائيل ورفضه الدعوة لإطلاق النار في
غزة غضبا وانقسامات واستقالات داخل الحزب.
وعندما سُئل تيري إيغلتون من قبل صحيفة "ديلي تلغراف" عما
قام به ابنه رد: "إنه لا يعتقد أن أي شيء كبير أو درامي قد حدث. إنه رجل
مستقيم جدًا. بالطبع، من أجل التأكد من أنه نشأ يساريًا جيدًا، لم أذكر اليسار
مطلقًا ـ فله مواقفه الخاصة به في هذا الصدد".
*كاتب جزائري مقيم في لندن