سياسة عربية

نشاط مكثف للمبعوث الأممي إلى اليمن.. ما وراء ذلك؟

زيارات مكثفة قام بها غروندبيرغ لبحث ملف اليمن- جيتي
شهد اليمن نشاطا مكثفا للمبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، بعد جولة إقليمية جديدة قام بها إلى عدد من الدول في المنطقة، في إطار جهود إحياء عملية السلام الذي تواجه عثرات وتعقيدات عدة.

وعلى مدى أسبوعين، زار "غروندبرغ" طهران والتقى بوزير خارجيتها، أمير عبداللهيان، قبل أن ينتقل إلى الرياض وأبوظبي، حيث التقى بالسفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، والمستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، أنور قرقاش، وعدد آخر من المسؤولين والدبلوماسيين في البلدين الخليجيين.

وفي 10 شباط/ فبراير، وصل المبعوث الأممي إلى العاصمة اليمنية المؤقتة، عدن، جنوبا، حيث التقى برئيس المجلس الرئاسي، رشاد العليمي، وفي اليوم التالي، التقى بعضو المجلس، طارق صالح في مدينة المخا الواقعة غرب محافظة تعز (جنوب غرب)، التي وصل المبعوث الأممي بدوره إلى الأخيرة، الثلاثاء، حيث التقى مع عمدة المحافظة، نبيل شمسان.


وكان الدبلوماسي الأممي قد التقى بعضو المجلس الرئاسي، عيدروس الزبيدي، على هامش زيارته إلى الإمارات في 8 شباط/فبراير الجاري.

وحسب البيانات الصادرة عن المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، فإن هذه اللقاءات ركزت على "ضرورة الحفاظ على التقدم المحرز نحو وقف إطلاق النار واتخاذ تدابير لتحسين الظروف المعيشية واستئناف عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة".

"إبقاء المحادثات بعيدة "

وفي السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، أن تحركات المبعوث الأممي الإقليمية وفي الداخل اليمني، تشير إلى أنه "يعمل ضمن توجه من الواضح أنه يهدف إلى إبقاء المحادثات اليمنية التي ترعاها الأمم المتحدة بدعم من واشنطن بعيدة عن تأثيرات الوضع الناشئ في جنوب البحر الأحمر، ما يضمن وصول الوساطة الأممية إلى نهايتها المفترضة".

وقال التميمي في حديث خاص لـ"عربي21": هذه التحركات أيضا تعطي انطباعا بأن الحوثيين لم ولن يُدفع بهم خارج التسوية، على الأقل حتى الآن؛ في ظل الحرص السعودي الأمريكي على إنجاز خارطة طريق تُبقي الحوثيين جزء مؤثرا في المشهد اليمني".

وأضاف الكاتب اليمني أن هذا الأمر "هو هدف أمريكي تتقبله الرياض مضطرة على ما يبدو"، مؤكدا على أن  هذا يعني أن الحوثيين يمتلكون فرصة كبيرة لفرض خياراتهم على أجندة التسوية السياسية في اليمن، وأنهم بالتأكيد لن يدفعوا ثمنا فوريا مكلفا نتيجة نشاطهم في البحر الأحمر.

وقال إن "ما يجري في البحر الأحمر، من الواضح أنه يدار من قبل الولايات المتحدة وفق قواعد اشتباك منضبطة للغاية".

"مسألة السلام معقدة"

من جانبه، قال الكاتب والصحفي اليمني، كمال السلامي إن هناك محاولة أممية لتحريك ملف السلام، استباقا لدخول قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، لأن القرار قد يتسبب بانهيار العملية السياسية التي ظلت الأمم المتحدة تراكمها طيلة الأعوام الماضية.

وأضاف السلامي في حديثه لـ"عربي21" أنه من الواضح أن الأمم المتحدة تخشى من تبعات هذا القرار على جهود مبعوثها، لذلك يتحرك غروندبرغ في كل اتجاه، عله يحقق اختراق، يدفع واشنطن للتراجع أو على الأقل تجميد القرار حاليا.

كما أشار الكاتب والصحفي اليمني إلى أن التطورات الإقليمية، وانخراط الحوثيين بقوة في دوامة الصراع الحالية، وهجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن التي أربكت الحسابات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها حسابات واشنطن وأوروبا، من الواضح أنها بعثرت المعطيات السابقة، وفرضت معطيات جديدة، قد تؤثر جوهريا على الجهود والتفاهمات السابقة.


وتابع بأن الحوثيين الآن محملون بأوراق جديدة، وتعقيدات جديدة فرضها تحول الموقف الأمريكي الغربي تجاههم، كما أن الملف اليمني أصبح أكثر ارتباطا و تداخلا مع الأزمة الحالية الناجمة عن حرب غزة، مؤكدا أن "مسألة السلام أصبحت معقدة أكثر من أي وقت آخر".

وفي 17 كانون ثان/يناير الماضي، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية إعادة تصنيف جماعة أنصار الله الحوثيين في اليمن منظمة إرهابية عالمية، على خلفية هجماتها على سفن الشحن في البحر الأحمر، فيما تقول الجماعة إن عملياتها تأتي تضامنا مع غزة التي يتعرض سكانها للإبادة الجماعية من قبل دولة الاحتلال.

ومن المقرر أن يصبح القرار الأمريكي ساريا في 17 شباط/فبراير الجاري، بعد مضي 30 يوما على إعلان القرار.