مقابلات

خارجية أمريكا لـ"عربي21": حل الدولتين هو الحل الوحيد لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية دعا إلى البدء في تهيئة الظروف لتحقيق السلام والأمن الدائمين- "إكس"
قال المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية ساميويل وربيرغ، إن "حل الدولتين هو الحل الوحيد القابل للحياة من أجل إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني"، مضيفا: "نحن لن نتخلى عن هذه الرؤية، وينبغي أن نقول بصوتٍ عالٍ إن الشعب الفلسطيني يستحق أن تكون له دولة".

وشدّد، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، على أن "الطريقة الوحيدة لضمان عدم تكرار هذا الصراع مرة أخرى هي البدء في تهيئة الظروف لتحقيق السلام والأمن الدائمين، ونحن نضع ذلك في الاعتبار في إطار جهودنا الدبلوماسية الآن".

وفي 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1967، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 242 الذي دعا لحل الدولتين من خلال انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي التي احتلّتها عام 1967 في مقابل تراجع العرب عن مطلب تحرير كامل فلسطين وعن حل الدولة الواحدة، وهو ما رفضت تل أبيب الالتزام به حتى الآن.

وأكد وربيرغ أن "المسؤولين الأمريكيين يواصلون الضغط على إسرائيل لاتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لضمان حماية المدنيين، وتنفيذ التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي. لقد كان هذا محور التركيز الرئيسي لدبلوماسيتنا المكثفة خلال الأسابيع الماضية".

وأضاف المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: "نحن نؤمن بضرورة توفير أقصى قدر من المساعدة الإنسانية بطريقة آمنة قدر الإمكان لأكبر عدد ممكن من سكان غزة، ونعمل على هذا الأمر يوميا، ونبذل كل ما في وسعنا لإدخال المساعدات".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

ما الذي وصلت إليه المفاوضات الجارية بشأن هدنة إنسانية في غزة؟

كما رأيتم مؤخرا فقد تم التوصل لوقف إنساني مؤقت وليس "هدنة"، وقد وافقت الحكومة الإسرائيلية على أوقات معينة لهذه الوقفات، وتهدف فترات التوقف الإنساني إلى تمكين التدفق المستمر للمساعدات والسماح بالحركة الطوعية للمدنيين الذين يسعون إلى الانتقال إلى مواقع أكثر أمانا.

هل لديكم مخاوف من زيادة تفاقم الأوضاع في غزة خلال المرحلة المقبلة؟

لدينا بدون شك مخاوف بشأن تفاقم الأزمة الإنسانية وأوضاع المدنيين الفلسطينيين في غزة. ولهذا السبب قام وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، برحلات متعددة إلى المنطقة، وسافر الرئيس جو بايدن إلى إسرائيل، ولهذا يعمل كبار المسؤولين الأمريكيين على مدار الساعة لضمان وصول المساعدات الإنسانية المستمر دون عوائق إلى غزة، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة –بما في ذلك الغذاء والماء والرعاية الطبية– للمدنيين في غزة.

ولهذا السبب أيضا يواصل الرئيس بايدن، والوزير بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، وغيرهم من المسؤولين الأمريكيين الضغط على إسرائيل لاتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لضمان حماية المدنيين، وتنفيذ التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي. لقد كان هذا محور التركيز الرئيسي لدبلوماسيتنا المكثفة خلال الأسابيع الماضية.

إن إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها، بما يتفق مع القانون الدولي. ووقف إطلاق النار أو الهدنة الآن من شأنه أن يمنح حماس الوقت لإعادة تنظيم صفوفها، وسوف يفشل في منع حماس من مواصلة هجماتها وإطلاق الصواريخ على إسرائيل.

هل هناك جديد بخصوص إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين الموجودين لدى حركة حماس؟

نحن نعمل بشكل نشط مع قطر لتأمين إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس، وقد أعرب الوزير بلينكن عن تقديره لمساعدتهم في هذا الجهد. لا يمكننا الإفصاح عن الكثير من المعلومات في الوقت الراهن لأن المحادثات ما زالت جارية، ولكننا شدّدنا في كل المحافل على ضرورة إطلاق سراح كل الرهائن المُحتجزين لدى حماس، والولايات المتحدة تعمل بشكل جاد مع شركاء مختلفين لضمان إطلاق سراحهم في أسرع وقت ممكن.

كيف تنظرون لمجمل الوضع الإنساني الحالي في غزة بعد مرور 39 يوما على اندلاع الحرب؟

لدينا قلق بالغ من الأنباء حول الوضع الإنساني الفظيع في غزة، ونحن لا نريد أن يستمر تدهور حال المدنيين الأبرياء الذين يعانون بسبب "إرهاب حماس" التي لا تُمثل كل الفلسطينيين. المدنيون للأسف الآن يدفعون ثمن ما قامت به حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وهذا أمر مؤسف جدا، ونحن نشعر بحزن شديد جراء ما يحدث لهم.

نحن نؤمن بضرورة توفير أقصى قدر من المساعدة الإنسانية بطريقة آمنة قدر الإمكان لأكبر عدد ممكن من سكان غزة، ونعمل على هذا الأمر يوميا، لأن المساعدات التي تدخل غزة حتى الآن ليست كافية، ونريد أن نرى تدفقا أكبر وبشكل مستدام، ونحن نبذل كل ما في وسعنا لإدخال المساعدات الإنسانية.

وفي نفس الوقت نحن نحث الجانب الإسرائيلي على الالتزام بالقوانين الدولية والإنسانية للحروب، ومحاولة تجنب وقوع ضحايا مدنيين. وباعتبارها جهة فاعلة غير حكومية في هذا الصراع، فإن على حماس التزامات بموجب القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك تلك المتعلقة بحماية المدنيين، والتي تنتهكها الحركة بشكل متكرر من خلال أفعال مثل استخدام المدنيين كدروع بشرية واحتجاز الرهائن.

إن الاعتراف بالتزامات حماس لا يضفي الشرعية عليها أو على أفعالها ولا يعفي إسرائيل من التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي ولكنه إدراك بأن حماس اختارت اللجوء إلى النزاع المسلح ضد إسرائيل، وبالتالي فهي مُلزمة أيضا بالقانون الإنساني الدولي.

هل الموقف الأمريكي اليوم تغير بأي صورة من الصور مقارنة بموقف واشنطن يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي؟

بشكل عام ما زلنا نؤكد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بما يتماشى مع القوانين الإنسانية الدولية، مثل أي دولة أخرى في العالم تتحمل مسؤولية الدفاع عن مواطنيها. يتزايد القلق لدينا اليوم من المعاناة الإنسانية الناجمة عن الصراع، بالتالي نحن نركز على هذا الجانب الآن.

ما دلالة وأبعاد الخلافات المُثارة داخل وزارة الخارجية الأمريكية بسبب دعمها لإسرائيل؟

تماما كما يتمتع المواطنون الأمريكيون بحرية التعبير عن آرائهم بشكل سلمي، فإن لموظفي الحكومة الأمريكية أيضا الحق في التعبير عن آرائهم، وهذا الحق مضمون بموجب الدستور الأمريكي ويُعدّ من حقوق الإنسان الأساسية وجزءا لا يتجزأ من الديمقراطية في الولايات المتحدة.

هذه الديمقراطية هي التي تميزنا عن الأنظمة الديكتاتورية التي لا تسمح بأي نوع من الانتقادات، تماما كحركة حماس التي قمعت سكان غزة لسنوات ومنعتهم بشكل عنيف من التعبير عن آرائهم بسلام.

لذلك، يعدّ أي انتقاد شكلا من أشكال الديمقراطية التي تتمتع بها الولايات المتحدة، والتي يضمنها الدستور الأمريكي لكل مواطن. في وزارة الخارجية الأمريكية تحديدا، نحن فخورون بوجود إجراءات راسخة تتيح للموظفين التعبير عن آرائهم السياسية بشكل مباشر وإيصال أصواتهم للمسؤولين رفيعي المستوى دون أي تردد، لأن هذا يعكس الحرية والديمقراطية والقيم الأمريكية التي تأسست عليها الولايات المتحدة.

وفق تقديراتكم، متى ستتوقف الحرب على غزة؟ وكيف تنظرون لمستقبل قطاع غزة في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب؟

لا نستطيع الدخول في هذه التكهنات أو التحليلات ولكن في نهاية المطاف، فإن الطريقة الوحيدة لضمان عدم تكرار هذا الصراع مرة أخرى هي البدء في تهيئة الظروف لتحقيق السلام والأمن الدائمين، ونحن نضع ذلك في الاعتبار في إطار جهودنا الدبلوماسية الآن.

تعتقد الولايات المتحدة أن العناصر الأساسية يجب أن تتضمن عدم التهجير القسري للفلسطينيين من غزة، ليس الآن، وليس بعد الحرب. وعدم استخدام غزة كمنصة للإرهاب أو غير ذلك من الهجمات العنيفة. كما أننا نرفض إعادة احتلال غزة بعد انتهاء الصراع وألا يكون هناك محاولة لحصار غزة أو تقليص في أراضي غزة، ويجب أيضا ضمان عدم صدور أي "تهديدات إرهابية" من الضفة الغربية.

ونشير إلى أن واشنطن لا تريد أن تفرض إرادتها في غزة، بل ينبغي أن تكون هناك رؤية جماعية لبدء النظر في وضع غزة ما بعد الحرب، من أجل الحيلولة دون وجود فراغ أمني أو فوضى عقب انتهاء تلك الحرب، وفي نهاية المطاف الشعب الفلسطيني هو الذي يمكنه تقرير مصيره.

ولا بد من العمل على العناصر الإيجابية للتوصل إلى سلام مستدام. ويجب أن يشمل هذا، صوت وتطلعات الشعب الفلسطيني ليكون في قلب الحكم بعد الصراع في غزة. ويجب أن تشمل هذه العناصر حكما بقيادة فلسطينية وقطاع غزة موحد مع الضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية، ويجب أن تتضمن آلية مُستدامة لإعادة إعمار غزة، ومسارا للإسرائيليين والفلسطينيين للعيش جنبا إلى جنب في دول خاصة بهم، مع التمتع بمعايير متساوية من الأمن والحرية والفرص والكرامة ضمن حل الدولتين.

وحتى بينما نركز بشكل مكثف على معالجة هذه التحديات الملحة، فإننا نعتقد أن الوقت قد حان الآن لبدء المحادثة حول المستقبل، وهذا ليس غدا، وليس بعد الحرب، بل اليوم، لأن تحديد الأهداف الأطول أجلا والطريق للوصول إلى هناك سيفي بالغرض للمساعدة في تشكيل نهجنا لمعالجة الاحتياجات الفورية. ندرك أنه من الصعب التطلع إلى المستقبل في هذه اللحظة الراهنة، ولكننا لن نتخلى عن هذه الرؤية لأن حل الدولتين هو الحل الوحيد القابل للحياة، وينبغي أن نقول بصوتٍ عالٍ إن الشعب الفلسطيني يستحق أن تكون له دولة.