بشتى الطرق والأساليب غير الإنسانية المنافية للقوانين والأعراف الدولية، يسعى
الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه الهمجي على قطاع
غزة المتواصل منذ 35 يوما، إلى مضاعفة معاناة السكان المحاصرين وتجويعهم.
وأتلف الاحتلال المحاصيل الزراعية وتجريف ما لا يقل عن 25 في المئة من المساحات الزراعية بواقع 45 ألف دونم في القطاع، حيث بلغت الخسائر المباشرة للقطاع الزراعي أكثر من 180 مليون دولار، بحسب ما صدر عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، الذي أكد أن جيش الاحتلال ضرب موسم الزيتون، وتسبب بموت عشرات الأفواج من مزارع الدواجن والطيور والحيوانات.
حصار مشدد
وخلال أيام العدوان الماضية، لم تسلم أيضا أي من المنشآت الحيوية من القصف الإسرائيلي، الذي استهدف خزانات المياه والمخابز والعديد من مخازن الأغذية، كما قام بتدمير البنية التحتية وقطع الكهرباء بالكامل عن القطاع المحاصر منذ 17 عاما، إضافة لمنع إدخال الوقود وتدمير العديد من مولدات الكهرباء ومحطات الطاقة الشمسية، التي أصبحت المزود الوحيد والنادر جدا للطاقة الكهربائية في مناطق القطاع كافة.
كما أن المواد الغذائية الأساسية نفدت من المحلات التجارية الكبيرة والصغيرة، والكثير من المواطنين ممن تحدثت معهم "
عربي21"، أكدوا عدم توفر الاحتياجات الأساسية لمنازلهم من مثل؛ الدقيق، المعلبات بأنواعها، جميع أنواع الأجبان والألبان والبيض، البقوليات وغيرها، حتى البسكويت وغيره من البضائع الخاصة بالأطفال غير متوفرة، والأنواع القليلة المتوفرة بكميات قليلة هي رديئة الصنع، ولا يقبل عليها إلا من عجز عن العثور على ما يريد.
وعن أهداف وخطورة "حرب
التجويع"، أوضح المحلل السياسي ورئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية التابع لجامعة القدس، أحمد عوض، أن "إسرائيل عمليا تقوم بحروب عدة؛ تجويع وضرب المنظومة الصحية وإفقار
الفلسطينيين إضافة لحرب التهجير، وكل هذه من أجل المس بحاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني".
وأضاف في حديثه لـ"
عربي21": "التجويع والإفقار والتدمير والإمراض، كل هذا يمس بالجيل الفلسطيني الحالي؛ والإنسان هو الثروة التي يمتلكها الشعب الفلسطيني".
وأكد عوض، أن "حرب التجويع الإسرائيلية، هي من ألأم الحروب"، محذرا من "سعي الاحتلال لإفقار الفلسطينيين في غزة وإفقادهم كافة مصدر رزقهم، كي يدفعهم لانتظار المعونة والمساعدات من الجهات الدولية المختلفة شهريا، وذلك كي لا يفكروا في حماية أنفسهم والتسلح لتقرير مصيرهم والعيش بكرامة، ويجعلهم فقط يبحثون عن لقمة عيشهم".
واستبعد أن "يتمكن الاحتلال من تحقيق ما فشل به في الحرب العسكرية عبر حرب التجويع رغم صعوبتها وتأثيراتها، لكن إسرائيل تسعى جاهدة وبقوة إلى تدمير مصادر الرزق الخاصة بالشعب الفلسطيني كافة، وتحويل الناس إلى فقراء".
ونوه رئيس مركز القدس إلى أن "الاحتلال يحاول استنساخ تجربته في إفقار الفلسطينيين عام 1948، ووضع مليون فلسطيني في خيام ينتظرون المعونة والإعاشة، علبة سردين وكيس طحين".
المقاومة مستمرة
من جانبه، ذكر الكاتب أحمد أبو زهري، أن أهداف الاحتلال من وراء تجويع غزة، هي محاولته "ممارسة أقصى درجة من الضغط على حاضنة المقاومة لدفعها للتراجع والاستسلام، والانتقام من شعبنا لتضامنه ومساندته للمقاومة بغزة، إضافة إلى محاولته التأثير على وعي الجيل؛ أن فعل المقاومة يمكن أن يجلب المزيد من الدمار والتجويع".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "الاحتلال من وراء ذلك، يحاول دفع المواطنين لترك منازلهم والنزوح، وكسر حالة الصمود الأسطوري بعد أن رفضوا المغادرة رغم شدة القصف والتدمير".
ونوه أبو زهري إلى أن "العدو من خلال سياسية التجويع، يعمل على تصعيد العدوان والحرب على غزة بأشكال مختلفة بالتزامن مع القصف الجوي والبحري والبري"، مؤكدا أن "العدو الإسرائيلي لن يستطيع تحقيق أي من أهدافه؛ لأن الشعب الفلسطيني مؤمن بعدالة قضيته ولن يتوقف عن دعم المقاومة مهما كانت الأثمان، كما أنه سيواصل نضاله حتى كنس الاحتلال عن أرض فلسطين".
ولفت إلى أن "الاحتلال مارس هذه الجرائم في مختلف المحطات، ولم يستطع أن يركع شعبنا بأي صورة؛ لأن ثقافة المقاومة متجذرة في وعي وإدراك ووجدان الشعب الفلسطيني"، مشددا على أن "الجرائم والمجازر الإسرائيلية بحق شعبنا، تزيد من تصميمه على مواصلة المواجهة والتحدي لهذا الاحتلال المجرم".