تشهد مؤسسات
المجتمع المدني في
مصر تحركا واسعا على المستوى الشعبي والرسمي لإغاثة سكان قطاع
غزة المحاصر مع استمرار عدوان الاحتلال
الإسرائيلي واستهداف كل المؤسسات المدنية
والبنية التحتية بما فيها المستشفيات ومراكز الإسعاف ومحطات الوقود والطاقة
والمياه.
واستنفرت مصر
مؤسساتها الخيرية من أجل جمع
المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع المُحاصر البالغ
عددهم نحو 2.3 مليون نسمة، إلى جانب استمرار استقبالها المساعدات من مختلف أنحاء
دول العالم باعتبارها المنفذ الوحيد لإدخال تلك المساعدات إلى القطاع.
ودعت مصر، في بيان
صادر عن وزارة الخارجية، الخميس، جميع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية الراغبة
في تقديم مساعدات إنسانية وإغاثية إلى الشعب
الفلسطيني في قطاع غزة، إلى إيصال تلك
المساعدات إلى مطار العريش الدولي.
وأذكت دعوة الأزهر
الشريف، في بيان الجمعة، الحكومات العربية والإسلامية لاستشعار واجبها ومسؤولياتها
الدينية والتاريخية، وأن تسارع إلى تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية على وجه
السرعة، مؤكدا أن دعم الفلسطينيين المدنيين من خلال القنوات الرسمية، واجب ديني
وشرعي، والتزام أخلاقي وإنساني؛ فلن يرحم التاريخ المتقاعسين المتخاذلين عنه.
واعتبر الأزهر
الشريف منع وصول إمداداتِ الطعام والغذاء والمساعدات الإنسانية والإغاثية عن قطاع
غزة، وخاصة المستشفيات والمراكز الصحية، إبادة جماعية، وجرائم حرب مكتملة الأركان.
ودعا خطيب
الجامع الأزهر الدول العربية والإسلامية المسارعة في تقديم المساعدات الإنسانية
والإغاثية للشعب الفلسطيني، وقال إن الله قادر على نصر عباده المدافعين عن أرضهم
والمطالبين بحقهم ولو بعد حين حتى ولو كانوا قلة.
الأزهر يمثل
ضمير الأمة
من جهته، ثمّن
رئيس الهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام، وعضو مجلس الأمناء في الاتحاد العالمي
لعلماء المسلمين الشيخ محمد الصغير، موقف الأزهر الشريف من عملية "طوفان
الأقصى"، والعدوان الصهيوني على قطاع غزة، وقال: "كانت مواقف الأزهر
الشريف مشرّفة ومواكبة للحدث حيث تتالت البيانات من المشيخة وعلى لسان الإمام
الأكبر الشيخ أحمد الطيب بما أكد أن الأزهر في هذه المعركة الفاصلة يمثل ضمير
الأمة الإسلامية".
مضيفا
لـ"عربي21"، أن "علماء الأزهر الشريف والمشيخة يتابعون بحرص وعن
كثب ما يجري على المسرى المبارك وأرض فلسطين الحبيبة وكلمات شيخ الأزهر كانت حاسمة
حيث قال إن ما حدث في فلسطين أعاد لنا الثقة وأحيا الأمل، وعاد في بيان آخر
وقال لا بقاء لمحتل على أرض والأرض لأصحابها هذه المواقف كان لها أثر كبير في نفوس
الأمة، وشهد الجامع الأزهر، وجوامع أخرى، وقفات للتنديد بالعدوان الإسرائيلي ودعما
للمقاومة الفلسطينية".
واعتبر الصغير
أن مطالبة الأزهر "تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية على وجه السرعة وحث
الحكومات العربية والإسلامية لاستشعار واجبها ومسؤولياتها الدينية والتاريخية،
يفتح أبواب الخير لتقديم يد العون لإخواننا الفلسطينيين"، داعيا جميع
المؤسسات وعلماء الدين إلى أن "يحذو حذو مشيخة الأزهر، ومفتي سلطنة عمان الشيخ
أحمد بن حمد الخليلي، ومفتي الديار الليبية الشيخ الصادق الغرياني، ولا يكونوا مثل
القبور الصامتة".
حملات تبرع مختلفة
فيما تنوعت
حملات التبرع والإغاثة في مصر من جمع المساعدات الطبية الضرورية لتغطية النقص
الكبير في المستشفيات، إلى المواد الغذائية والسلع الضرورية، والأغطية والملابس
والخيام والاحتياجات الأساسية وسط إقبال شعبي لافت لتقديم يد العون تمهيدا لفتح
ممر إنساني من أجل دخول تلك المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وخصّصت
العديد من المؤسسات الخيرية حسابات مصرفية في العديد من البنوك المحلية أو فروع
ومكاتب تلك المؤسسات الميدانية من أجل جمع تبرعات مادية لشراء الاحتياجات والمؤن
الأساسية، أو من خلال مندوبين لجمع التبرعات في مختلف مدن ومحافظات الجمهورية.
وانطلقت حملات
التبرع تحت اسم "مسافة السكة لأهالينا في غزة"، وتحركت قوافل من
المساعدات الإنسانية العاجلة من أمام مقرات المؤسسات الخيرية مثل جمعية "مصر
الخير" وبنك الطعام المصري بالتعاون المشترك مع التحالف الوطني للعمل الأهلي
التنموي.
طرق وآليات جمع
التبرعات
وقال أحد
الأعضاء العاملين بمؤسسة "مصر الخير" إن المؤسسة تشارك بقوة في المبادرة
الإنسانية "مسافة السكة لأهالينا في غزة" من أجل جمع وإيصال المساعدات
والمعونات الإنسانية الضرورية إلى الشعب الفلسطيني، حيث "تمتلك المؤسسة قدرات
كبيرة وخبرات طويلة في تقديم العمل الخيري".
وبشأن أنواع تلك
المساعدات قال محمود جمال لـ"عربي21": "هناك عدة أشكال للتبرع بحسب
قدرات ورغبات المتبرعين. هناك التبرع العيني حيث نستقبل كل أنواع المواد الغذائية
والأدوية والمستلزمات الطبية حيث تعاني المستشفيات من نقص كبير فيها، والملابس
والأغطية وغيرها من الاحتياجات، ويتم توصيلها للمستحقين بالتنسيق مع الدولة".
وأوضح أن
"آلية التبرع متعددة فيمكن إرسال مندوبين إلى عنوان المتبرع لاستلام التبرعات
على مستوى محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة، الجيزة، القليوبية، حلوان)، أو إرسال
تبرعات مادية إلى حساب المؤسسة في البنوك المحلية".
وأكد جمال أن
"هناك تجاوبا كبيرا مع دعوات التبرع من قِبل المصريين يؤكد حجم التضامن
والتعاطف الكبير مع المأساة المتفاقمة في قطاع غزة".
وأعلنت بعض
المنظمات الخيرية عن تقديم دعم لطلاب الجامعات من قطاع غزة، حيث دعت مؤسسة أبواب
الخير الطلاب الذين يدرسون في مصر وبحاجة إلى مصاريف إعاشة أو مصاريف دراسية وغير
قادرين على توفيرها في التواصل معها.
وانطلقت العديد
من القوافل الطبية بقيادة مؤسسات طبية منها "الهلال الأحمر" ومؤسسة
مرسال للعمل الطبي في مختلف محافظات الجمهورية لجمع تبرعات بالدم لإنقاذ حياة
المئات من المصابين، وشهدت إقبالا واسعا من قِبل المواطنين.
مصر تربط إجلاء
الأجانب بدخول المساعدات
وقام طيران
الاحتلال الإسرائيلي، قبل أيام، بقصف معبر رفح الواصل بين مصر وقطاع غزة، ما أدى
إلى قطع الطريق بين الجانبين وتوقف العمل في المنفذ الحدودي الوحيد بين سكان غزة
والعالم الخارجي، والحيلولة دون دخول أي مساعدات إنسانية.
وذكرت القناة 12
العبرية، الثلاثاء الماضي، أن الاحتلال الإسرائيلي هدّد مصر بضرب أي شاحنات تحمل
مساعدات وبضائع تحاول الوصول إلى قطاع غزة، وحال هذا التهديد دون مرور أي شاحنات
وقود كانت متجهة للقطاع الذي يغرق في الظلام بعد نفاد الوقود وانقطاع الكهرباء.
وإزاء منع دخول
أي مساعدات إنسانية للقطاع المحاصر، قررت السلطات المصرية عدم السماح بمغادرة
الرعايا الأجانب من القطاع بعد التوصل إلى اتفاق بين مصر والولايات المتحدة وسلطات
الاحتلال بتوفير ممر إنساني آمن وخروجهم من القطاع.
وبحسب وسائل
إعلام مصرية، فقد اشترطت السلطات المصرية دخول جميع المساعدات الإنسانية أولا إلى
القطاع من أجل السماح للأجانب المقيمين في غزة بالخروج، ولا تزال أطنان من
المساعدات المحلية والدولية تتوجه إلى مدينة العريش المصرية استعدادا لتفريغها
ودخولها إلى القطاع.
وقالت مصادر
مصرية مطلعة إن السلطات المصرية رفضت أن يكون المعبر مُخصصا لعبور الأجانب فقط،
وأن الموقف المصري واضح وهو اشتراط تسهيل وصول وعبور المساعدات لقطاع غزة.
وواصلت السلطات
المصرية حشد وإرسال قوافل المساعدات الإنسانية إلى مدينة العريش استعدادا لدخولها
إلى قطاع غزة وتقديمها للشعب الفلسطيني المحاصر.
فيما تحاول
سلطات الاحتلال فرض الحصار لإجبار المدنيين على مغادرة منازلهم والتوجه إلى الحدود
مع مصر، وهو ما ترفضه القاهرة بشكل قاطع، مؤكدة أنها ترفض التهجير القسري
للفلسطينيين وخلق وطن بديل لهم في شمال سيناء وترحيل الأزمة إلى دول الجوار و
مفاقمة قضية اللاجئين.