منذ بداية العدوان الروسي على أوكرانيا، وأنا أؤكد وأُصر
على حقيقة مسلّمة عندي على الأقل، وهي أن هذا العدوان ستكون له تداعياته الضخمة
والعميقة على الثورة السورية وغيرها من النقاط الساخنة التي تتدخل فيها موسكو. ومع
استمرار الغوص الروسي في الوحل الأوكراني، ومواصلة الإصرار الروسي على الحرب في
أوكرانيا أملاً في تحقيق نصر موهوم، تماماً كما توهمت حين غزت أفغانستان في نهاية
القرن الماضي، إلّا أن الحقائق تصرخ على الأرض بأن هذا الغزو إنما هو استنزاف
حقيقي لروسيا على المستويات كلها: العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وجاء تمرد مليشيات
فاغنر ليوجه ضربة موجعة ومؤلمة
لبوتين الذي سعى على مدى 23 سنة لتسويق نفسه على أنه الضامن للاستقرار والسلام ليس
في
روسيا فقط، وإنما في الدول التي تتدخل فيها، من أجل فرض أنظمة استبدادية شمولية
وديكتاتورية، ودعم أخرى. لكن ما حصل أخيراً شكّل دون شك اهتزازاً كبيراً لهذه
الصورة الروسية على المستويات كلها، ودفع الثورة السورية وغيرها إلى الاستعداد
لمفاجأة انهيار روسيا وبوتين، لا سيما مع حالة الرعب التي انتابت ذيل الكلب الروسي
كما وصفه مقربون من
بوتين وهو نظام بشار الكيماوي.
قوى دولية اليوم تستعد لهذا الانهيار المفاجئ لروسيا، وعلى الرغم من فشل مرتزقة فاغنر في مهمتها للوصول إلى موسكو والإطاحة ببوتين، إلّا أن التصدّعات ظهرت على نظام بوتين، إذ إنه لم يعد قادراً على إخفائها
لم يعد خافياً أن قوى دولية اليوم تستعد لهذا الانهيار
المفاجئ لروسيا، وعلى الرغم من فشل مرتزقة فاغنر في مهمتها للوصول إلى موسكو
والإطاحة ببوتين، إلّا أن التصدّعات ظهرت على نظام بوتين، إذ إنه لم يعد قادراً
على إخفائها. ونحن نرى حالة الانتقاد العلني لحكمه وشخصيته، ستُعززها دون شك يوماً
إثر يوم التراجعات والانهيارات العسكرية في أوكرانيا، وهو ما سيدفع ثمنه بوتين من
صورته وشخصيته ومكانته على المستوى الداخلي والخارجي.
وقد نقلت نيويورك تايمز عن مصدرين روسيين مقربين من
الكرملين قولهما بأن ما جرى في روسيا أخيراً، إنما هو على شفا انهيار كبير في عمل
الأجهزة الحاكمة في موسكو. وتزامن ذلك مع تصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني
بلينكن أمس، التي عززت من النظرة التحليلية الذاهبة إلى القناعة بالانهيارات
المفاجئة حين قال إن ما حدث من تمرد في روسيا ستظل تداعياته لأسابيع وربما لأشهر.
لقد تابع البعض التوترات بين قوات فاغنر في
سوريا وبين
قوات الجيش الروسي. ومعلوم أن انتشار قوات الأولى أكبر وأهم وأكثر فاعلية من
انتشار قوات الجيش الروسي، ولذا فإن أي احتكاك بين القوتين يعني انهياراً للعصابة
الكيماوية في دمشق، وربما هذا ما يفسر عدم إعلان زعيم عصابة دمشق بشار الكيماوي عن
موقف له مما جرى ويجري في موسكو في الساعات الأولى بخلاف رؤساء آخرين.
قدّر بعض المراقبين والخبراء الضربة الروسية الأخيرة لسوق في جسر الشغور والتي أودت بعدد من الشهداء والجرحى؛ أنها ضربة يأس، كون الأطراف الروسية والتابعة للعصابة قلقة وحذرة من إمكانية استغلال الثوار لما جرى في روسيا على الأرض السورية
وقد قدّر بعض المراقبين والخبراء
الضربة الروسية
الأخيرة لسوق في جسر الشغور والتي أودت بعدد من الشهداء والجرحى؛ أنها ضربة يأس،
كون الأطراف الروسية والتابعة للعصابة قلقة وحذرة من إمكانية استغلال الثوار لما
جرى في روسيا على الأرض السورية، لا سيما وأن روسيا لم تضرب أسواقا مدنية منذ فترة، مما عكس مدى التخبط والخوف والقلق الذي ينتابها وينتاب عصابة
الأسد تجاه ما جرى
من تمرد في روسيا.
قونسطنطين ريمشكوكوف، رئيس تحرير صحيفة روسية مقربة من
بوتين، قال أخيراً في مقابلة هاتفية بأن غير المُفَكر به في الأمس أصبح ممكناً
اليوم، فالبعض الآن بات يدعو على الأقل بوتين إلى ألّا يترشح للانتخابات المقبلة
والمتوقع عقدها في الربيع المقبل، بعد أن فقد قدرته على ضمان الاستقرار، وضمان
مصالح الأوليغارشية الروسية النافذة، كما كان يطرح ذاته.